أشجار الكينا المعمّرة تخلخل طريق حمص اللاذقية
يعود تاريخ إنشاء الاتوستراد الدولي الذي يصل ما بين محافظات حمص وطرطوس واللاذقية إلى أكثر من أربعين عاماً، وما يميز هذا الطريق هو كثرة أشجار الكينا المزروعة على جانبيه بهدف تجميله، لكن واقع حال الطريق اليوم جعل المنظر الجمالي يتحول إلى كابوس يقض مضاجع القائمين على صيانة الطرقات المركزية خاصة في طرطوس نظراً للمعاناة والتكاليف التي يتحملونها لقيامهم بأعمال الصيانة والتنظيف السنوية والمستمرة والبالغة مئات الملايين، جراء ما تسببه جذوع “الكينا” من أضرار بالقميص الزفتي تظهر على شكل تشققات كبيرة في جسم الطريق، إضافة إلى ما تسببه من حوادث مؤسفة نتيجة سقوط الأغصان الكبيرة خلال موسم الرياح الشديدة، والوقائع تفيد بوقوع عدة حوادث مرورية بسببها، ولاسيما من جهة محافظة حمص، ولعل أهالي المنطقة يتذكرون بألم حادث جسر أرزونة على أوتستراد حمص طرطوس والذي أدى لوقوع وفيات، بالإضافة لوقوع عدة حوادث أخرى مماثلة والتي تنتهي بتسطير ضبوط لتلك الحوادث وكأنها قضاء وقدر بدون أي إجراء لمعالجة أسباب المشكلة من خلال آليات عملية .!!
المواصلات الطرقية توضح
المهندس حسين ناصر مدير فرع المواصلات الطرقية في طرطوس أوضح بأنه تمت مخاطبة مديرية زراعة طرطوس بأكثر من كتاب للسماح للمديرية بإزالتها كون موضوع إزالة الأشجار يعتبر بحسب وزارة الزراعة جرماً يستوجب المسائلة القانونية، مشيراً إلى توجيه كتب مماثلة لمحافظ طرطوس تتضمن مخاطبة الزراعة بالموافقة على ذلك نظراً لما تحدثه هذه الأشجار من مخاطر جسيمة سواء على السلامة المرورية، أو لجهة ما تحدثه من أضرار فادحة ومكلفة على خزينة الدولة تقدر بمئات الملايين سنوياً، وما ترصده المؤسسة لقاء القيام بأعمال الصيانة الدورية وتنظيف للمصاريف المطرية للطرقات الدولية.
وعمدت وزارة الزراعة منذ عقود على زراعة هذه الأشجار ضمن المصاريف المطرية دون موافقة المؤسسة “المالكة” والتي تعود لها مسؤولية متابعة أحوال الطرقات، وبحسب مدير فرع المواصلات فإنه تم تقديم عدة مقترحات، منها زراعة أشجار بديلة عنها مثل السرو، وأن تسمح الزراعة للقطاع الخاص بتقليم تلك الأشجار وتشذيبها وبيع الحطب الناتج عنها من خلال مزايدة علنية، حيث يقدر سعر طن الحطب بأكثر من مئتي ألف ليرة، أو أي طريقة أخرى مناسبة، فالأهم معالجة المخاطر الكارثية سواء على السلامة المرورية، أو هدر مبالغ طائلة لزوم أعمال الصيانة والتنظيف وغيرها.
وللمدينة نصيب
من يتجول في شوارع مدينة طرطوس سيرى بوضوح ما تسببه تلك الأشجار المعمرة من مشكلات ومعاناة، فهي بشهادة الأهالي تتسبب بانسداد، الفتحات المطرية وريكارات الصرف الصحي خلال موسم الأمطار الغزيرة في المنطقة. بهذا الشأن بيّن المهندس علي محمود ريئس دائرة الحدائق في مجلس المدينة أن أشجار الكينا في شوارع المدينة مزروعة منذ عشرات السنين وقد تم إيقاف الزراعات الجديدة منها واستبدالها بأشجار مثل “فيكوس، والغار وغيرها”، مشيراً إلى أن مسؤولية متابعة الأشجار ضمن المخطط التنظيمي فيما يخص التقليم، أو القطع تقع على عاتق مجلس المدينة وذلك بموجب قانون الإدارة المحلية حيث تقوم مديرية الحدائق من خلال كوادرها بهذه الأعمال وفق الإمكانيات وبشكل سنوي بالكشف على الأشجار وإزالة الأغصان التي يمكن أن تشكل خطراً على السلامة العامة وتقليم المتداخل منها مع خطوط الشبكة الكهربائية، وأشار محمود إلى أن الأشجار المعمرة تترك اليوم آثاراً سلبية على الشوارع، كتشقق الإسفلت والأرصفة، عدا عن تساقط الأوراق بشكل كثيف حلال فصل الخريف، والتي تحتاج لجهد كبير وإمكانيات لترحيلها قبل بداية فصل الشتاء.
بانتظار توفر الإمكانات
وفي دائرة الحراج بمديرية زراعة طرطوس أفادنا الدكتور فادي ديوب رئيس الدائرة أنه تم الكشف بحضور ممثل الطرق المركزية على بعض المواقع المراد قطع وتقليم الأشجار على طول الاتوستراد ومنها عقدة صافيتا، حيث تم وسم الأشجار المراد قطعها وتقليمها على أن يتم تأمين الإمكانيات اللازمة للعمل بالتنسيق المشترك مع الجهة الطالبة من روافع ووقود وزيوت ليصار إلى مباشرة العمل من قبل الورش واستكمال الكشوف على المواقع الأخرى، كما يجري العمل مع الجهات العامة الأخرى وبناء على طلبها على معالجة مشكلة الأشجار التي قد تعيق عمل آليات ومرافق عملها من بلديات ومؤسسات، أما بالنسبة لزراعة أشجار السرو كبديل، أوضح ديوب أن خطة التحريج التي قامت بها دائرة الحراج تتضمن زراعة أشجار السرو وأنواع أخرى من الغار والخرنوب والصنوبر بما يتناسب مع طبيعة مواقع التحريج وظروفها الجغرافية والبيئية، حيث يتم إنتاج الغراس في المشاتل التابعة للمديرية، وأما بالنسبة للاحتطاب الناتج عن عمليات التربية والتنمية فلا يتم عليها إجراء مزايدة وإنما تدخل ضمن خطة البيع المباشر من هذه المنتجات لعوائل الشهداء والأرامل حيث بلغ عدد العائلات المستفيدة لهذا العام 253 عائلة وكمية الاحتطاب المباعة حوالي 6711 طن من تلك النواتج.
الخلاصة، هناك مشكلة تحتاج إلى تنسيق بين الجهات المعنية لوضع الحلول المناسبة لها، فليس مقبولاً تأجيل الحلول من خلال رمي أو تحميل المسؤولية لهذه الجهة أو تلك، فيما الحوادث تزداد وهدر الأموال مستمر في غير مكانه!.
يذكر أن أشجار الكينا تمتاز بشراهتها الكبيرة للمياه، حيث تستنزف كميات هائلة من مياه الأمطار ويلاحظ ذلك من خلال نموها السريع وامتداد أغصانها الكبيرة والطويلة إذ يصل ارتفاعها لأكثر من 15 متراً وهي تعيش لعقود من الزمن، ومن صفاتها أيضاً أنها كثيرة التكاثر وتتجدد أوراقها تلقائيا بعد تساقط الأوراق الصفراء، وجذعها يصل قطره لأكثر من متر، كما أن جذورها ليست عميقة بل سطحية، وهنا تكمن خطورتها جراء تمددها إلى تخريب القميص الإسفلتي والأرصفة.
البعث
إضافة تعليق جديد