تنويه لطلاب علم الحديث
د.سامح عسكر:
كتاب "مقدمة ابن الصلاح" مرجع لما يسمى "علم الحديث" لصاحبه "أبو عمرو عثمان ابن المفتي الموصلي" الشهير بابن الصلاح والمتوفي عام 643 هـ
هذا الكتاب علق عليه الإمام "بدر الدين الزركشي" المتوفي عام 794 هـ بكتاب (النكت على مقدمة ابن الصلاح) وقد أسقط فيه ابن الصلاح تماما من زمرة علماء الحديث، لكن لم يصرح بذلك وحفظ للرجل مقامه ، لكن ما فعله الزركشي فضيحة علمية تقول أن علم الحديث ليس له كبير ولا زعيم..لأنه في الأخير (علم نسبي) قائم على جرح وتعديل الرجال وآراء الفقهاء فيهم
كلمة (النكت) عندما تذكر في عناوين الكتب تعني (تعليقات واعتراضات) وأحيانا تعني (شروح لطيفة) فعندما يقال نكت فلانا على فلان، أي اعترض عليه وعاب عليه أفعاله وأقواله، وقد يقصد بها شرح وتفسير للمبهم الغامض
وكتاب مقدمة ابن الصلاح ظهرت له كتب نكت عديدة مما يدل على ضعفه العلمي وهشاشة ما يسمى "علم الحديث" الذي يعد ابن الصلاح من زعمائه ومؤسسيه، بل إن كتبا أخرى صنفت تحت عنوان " إصلاح ابن الصلاح" كشمس الدين اللبان، والحافظ مغلطاي الحنفي، مما يدل على اهتمام الفقهاء بهذا الكتاب وإصلاح أخطاءه لكونه من أوائل وأهم الكتب في صياغة علم الحديث
لكن كتاب الزركشي ما جعله مميزا أنه من حيث الكمّ ضخم جدا حوالي 1300 صفحة مكتوبة في ثلاثة أجزاء، ومن حيث الكيف الزركشي هو إمام شافعي مصري كثير الاطلاع وله علم غزير بالأدب واللغة والفقه والتفسير وكان أمينا في طرح مصادره وعناوين الكتب..وشخصيا أرى أن الزركشي صاحب عقلية تحليلية متقدمة ، وظهر ذكاءه في كثرة اعتراضاته على ابن الصلاح بتحليل وتفكيك مفاهيمه الحديثية وإعطاءها مصطلحات جديدة
أما من حيث القيمة العلمية فكتاب الزركشي هو مصدر كل كتب النكت على مقدمة ابن الصلاح من الذين جاءوا بعده كابن حجر العسقلاني، الذي نقل كثيرا من كتاب الزركشي واستفاد منه في التعليق على ابن الصلاح بكتاب يحمل نفس العنوان ..
إضافة تعليق جديد