حول الفتوى العثمانية بتكفير الشيعة

07-07-2022

حول الفتوى العثمانية بتكفير الشيعة

د.سامح عسكر:

في القرن 17 عاش مفتي الخلافة العثمانية "نوح بن مصطفى الرُّومي الحنفي" والمتوفي عام 1660 وفي هذه الفترة كانت الحرب الطائفية بين العثمانيين والصفويين مشتعلة
فأفتى الشيخ نوح فتوى شهيرة تقول (بكفر الشيعة) واعتبارهم مرتدين، واستباحة أموالهم وسبي نسائهم واسترقاق رجالهم، وبالفعل صارت الفتوى دستورا عثمانيا ونزلت الأوامر للجند بقتل أي شيعي دون تمييز حتى لو تاب..
كانت النتيجة مقتل 40 ألف شيعي في منطقة حلب وقتها، وهرب الباقون للقرى المحيطة كالفوعة ونبل والزهراء وغيرها التي صار فيها الوجود الشيعي ممتدا إلى اليوم، برغم أن سكان هذه المناطق لم يثبت موالاتهم للصفويين بشكل مؤكد لكن الفتوى العثمانية كانت ضرورية بالنسبة لهم سدا للذرائع وضربة استباقية ضد الجواسيس المحتملين، أي كان الهاجس السياسي مسيطرا عليهم في أمر ديني..
تم تصفية الشيعة أيضا في مناطق أخرى في لبنان والساحل وهجم الأمير العثماني "ملحم حيدر" على جبل عامل وقتل الآلاف أيضا..
سبب الفتوى العثمانية أنهم تناولوا طائفة الشيعة من منطلق سياسي فاختلط عليهم الأمر وفعلوا الجرائم التي يندى لها الجبين
اليوم تتكرر نفس الجريمة ويتناولون الشيعة من منطلق سياسي بدعوى ولائهم لإيران، ويقع في هذا المستنقع أنصاف المثقفين وبعض مدعي التنوير ، فلم يفصلوا بين الشيعة كدين يجب تناوله من منطلق ثقافي بحت وبين أحزاب شيعية منحازة سياسيا..فيُعممون البلوى حتى يجري تناول هذه الفرقة التي تبلغ 400 مليون مسلم حول العالم على أنها إسلام سياسي أو مشروع حكم منافس..
المثقف الحقيقي محايد لا ينحاز لطوائف على أخرى، ويفرق في تناوله للأديان بين المعتقدات والطقوس من ناحية وبين أيدلوجيا العنف من ناحية، ومن يخلط بين الأمرين سيقع في مصيبة الشيخ "نوح الحنفي" الذي بجهله وتعصبه الديني تسبب في قتل ملايين الأبرياء في زمنه وإلى اليوم..

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...