العنوسة تقرع أجراسا عالية في سوريا!
تفرض الظروف الاقتصادية واقعاً مريراً لا يخفى على أحد، فكما الكثير من أبسط مقومات الحياة وضرورياتها، يبدو الزواج في سوريا اليوم رفاهية عالية، وبات ما يعرف بـ"العنوسة" كابوساً يُطارد الشبان والفتيات داخل البلاد، لتزيد من بشاعته ضغوط الحياة والمجتمع والأحكام التي تطلق على من يتأخر في الارتباط.
المحامي "سامح مخلوف" كشف أن سوريا تحتل المرتبة الثالثة عربيا بعد لبنان والعراق في معدلات العنوسة بحسب دراسات أخيرة أجريت عام 2019 إذ وصل المعدل حينئذ إلى 65%.
وأضاف لإذاعة "ميلودي" المحلية "أن هذه النسبة ارتفعت في الفترة الأخيرة نظرا للوضع المعيشي الخانق".
وأشار مخلوف إلى أن "الشباب باتوا يعتبرون الزواج مشروعاً "مؤجلاً" بسبب عدم القدرة على تأمين المسكن والمصاريف والإعالة للأولاد ما أدى لانتشار العنوسة لدى الذكور والإناث".
فيما انتقد المحامي الفكرة التي تروج للعنوسة على أنها تنحصر فقط بالإناث.
وفي شباط الماضي، الطبيب السوري "رامي عبيد الناصر" استشاري العقم والإخصاب المساعد، قال إن الحديث عن تجميد البويضات بين أوساط الشابات لا يزال يجري همساً، ويشوبه الكثير من الخجل على الرغم من النقلة التي حدثت خلال السنتين الماضيتين، خاصة مع تأخر سن الزواج لدى الفتيات بشكل أسهم في ارتفاع أعداد الفتيات اللواتي يقمن بهذه العملية.
وبيّن الناصر لصحيفة "البعث" أن هذا النوع من العمليات كان يجرى لأسباب علاجية لدى بعض السيدات، وشهدت سوريا أول عملية تجميد بويضات عام 2009 وبقي الأمر علاجياً حتى عام 2018.
وأكد ارتفاع النسب رغم تحفظ بعضهم واختلاف الأسباب، لتلعب الظروف الاجتماعية التي يمر بها البلد دوراً كبيراً بتغيير الأفكار المسبقة عن تجميد البويضات، وتبيان ازدياد الحاجة إليها لمن ترغب من الفتيات.
وأشار إلى أن عمليات تجميد البويضات ارتفعت بعد العام 2018 حتى لا تفقد الفتاة حقها بأن تكون أماً، لتصل إلى نحو أربع أو خمس عمليات شهرياً بعد أن كانت لا تتجاوز أربع أو خمس حالات سنوياً في السابق.
وحول انتشار حالات الطلاق في سوريا أكد أن "أكثر الأسباب التي تؤدي لها هي عدم التكافؤ بين الزوجين والحالة الاقتصادية فضلا عن اختلاف العادات التقاليد".
وأضاف أن "جزءاً كبيراً من حالات الزواج التي تتم عبر الإنترنت لشبان مسافرين إلى الخارج وفتيات من داخل البلاد تنتهي بالفشل والطلاق، وذلك بسبب اختلاف طبيعة الحياة وفارق السن الكبير".
من جهة أخرى، أكد القاضي الشرعي الثالث في دمشق خالد جندية في أيار الماضي ارتفاع نسبة تعدد الزوجات في سوريا، حيث كانت تشكل 30 بالمئة، من مجمل عقود الزواج، موضحا أنه بسبب الحرب وهجرة الشباب وقلتهم، أصبحت بعض النساء تتقبل فكرة الزواج الثاني على حد تعبيره.
وقال جندية في تصريحات نقلتها إذاعة “شام إف إم” إن: "نسب الطلاق والزواج متقاربة في السنوات الأخيرة، ولكن هناك ازدياد بنسب الطلاق عما كانت سابقاً، وذلك لعدة أسباب منها الوضع الاقتصادي المعيشي الحالي، حيث حالة الفقر تؤدي لوقوع الخلافات وبالتالي ينتهي الأمر بالطلاق، إلى جانب أسباب شخصية أخرى تتعلق بفارق العمر بين الزوجين، أو التقارب العمري، أو قلة الانسجام والتفاهم".
وحول قضية المهور التي تشغل الشباب، أشار جندية إلى أن القانون لم يحدد للمهر حدا أعلى أو أدنى، وأعلى قيمة مهر سُجلت منذ عدة أشهر بلغت 15 ألف ليرة ذهبية، لافتا إلى أن الرقم الوسطي للمهور يتراوح بين مليون إلى خمسة ملايين ليرة سورية.
وتقف المهور المرتفعة عائقاً في وجه كثير من الشباب السوريين المقبلين على الزواج نتيجة ﺳﻮء اﻷﺣﻮال اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ، وخسارة معظم الشباب لفرصهم في الدراسة والعمل، فأصبح الراغب بالزواج مضطراً إلى الاستدانة أو السفر لتأمين مهر عروسه، أو التخلي عن هذا الحلم بشكل نهائي بعد عجزه عن تأمين تكاليف الخطبة والعرس وتجهيز المنزل.
إضافة تعليق جديد