*اوغاريت... محاكمة علنية للروح*
قبل ما يقارب الثمانية آلاف عام من يومنا هذا قامت قرب مدينة اللاذقية السورية، إمارة/مملكة تدعى "اوغاريت" تركت للبشرية ارثا حضاريا رائعا لا سيما في راس شمرا احد نواحيها . كانت دولة صنّاعة زرّاعة ولها تاريخ عريق دامت قرابة خمسة آلاف سنة من سنة 6000 حتى 1190 ق.م. وفي قاعة اوغاريت بمتحف اللوفر بباريس يوجد نص اوغاريتي يقول:
في جلسة محاكمة علنية لروح أحد المتوفين قبل ان تلتحم نفسه بجسده مرة اخرى ليعيش السعادة والخلود في العالم الأبدي الجديد..!سأله قاضي محكمة الارواح :
*ايها الروح هل كذبت؟*
قال : نعم كذبت على زوجتي في مدح جمالها وجودة طهيها.
*هل عذّبت حيوانًا؟*
كلا..! عدا العصفور الذي اعجبني صوته فحبسته لمدة يومين ثم اطلقته..!
*هل أسلت مرة دماء حيوان دون ذنب؟*
كثيرا يا سيدي ..حين كنت اقدمه قرباناً للاله كي اطعم الفقراء..!
*هل كنتَ سبباً في دموع إنسان؟*
نعم ..أمي حين مرضتُ بين يديها !.
*هل لوّثت مياه النهر؟*
نعم حين سبحت فيه مرة وأنا في وقت عملي !
*هل قتلتَ نباتاً او زهوراً ؟*
نعم ..حين اقتلعت زهرة لحبيبتي !
*هل سرقت ما ليس لك؟*
نعم .. سرقت قلب وحب جيراني من غير ملّتي وديانتي !
*هل اشتهيتَ زوجة جارك؟*
لا أشتهي ماليس لي ! هكذا فطرني ربي !
*هل تعاليتَ على غيرك بسبب علوّ منصبك؟*
كنت أرى نفسي اضعف الخلق أمام عظمة الرب !
*هل ارتفع صوتُك أثناء حوار؟*
لم اكن احاور سوى ربي باكياً هامساً !
*هل خاض لسانك في شهادة زور؟*
قلت زوراً حين سترت على جارة لي !
*هل قبلتّ رشوة ؟*
نعم، كثيراً جداً .. قبلات من طفلتي لتلبية طلباتها.
*وماذا فعلت عملاً صالحاً أيضاً؟*
كنتُ مرة عينًَا لأعمى، واخرى يدًاً لمشلول، وساقًا لكسيح، أباً ليتيم، قلبي نقيّ، يداي طاهرتان، غنيت وضحكت وقهقهت ورقصت وعزفت على الناي في فرح جار لي من غير الأوغاريتيين !
مبروك ايتها الروح : لقد نجحت في المرحلة الأهم ! قال القاضي وهو يقفل المحضر تحت نظرات الاستغراب من الروح.
*ياسيدي القاضي : ألن تسألني عن ايماني، عبادتي، صلاتي، صيامي، نسكي ؟!*
لا أيها الروح الطاهرة.. تلك قضية لا سلطة لأحد عليها، تلك يحددها الرب وحده فقط..
يحددها الله وحده !!؟
إضافة تعليق جديد