حميد مرعي: لا إصلاح اقتصادي دون إصلاح سياسي
نفى مسؤول سابق أن تستطيع سورية تحقيق أي تطور وإصلاح اقتصادي دون أن تخطو خطوات حقيقية في مجال الإصلاح السياسي، وشكّك في الأرقام الرسمية التي تشير إلى ازدياد معدل النمو الاقتصادي في سورية، مؤكداً أنه فيما لو كان هناك زيادة في النمو الاقتصادي فإن الخلل يكمن في سوء توزيع كبير للثروة في سورية. وتعقيباً على تقرير لـ "الايكونوميست" حول تطور الاقتصاد السوري بعد عام 2000، قال حميد مرعي، معاون وزير التخطيط السابق، والمحل الاقتصادي والسياسي، "لم أطلع على الطريقة التي قامت بها الحكومة بحساب معدلات النمو والتي تقول أنها وصلت إلى 7%، إلا أن ما نعلمه جميعاً أن البطالة في سورية مرتفعة جداً وهي بازدياد خاصة بين خريجي الجامعات، كما نعرف أن الأرقام الرسمية تشير إلى أن نسبة من هم تحت خط الفقر في سورية قد تجاوزت ثلث عدد السكان"، وأضاف مرعي "نلاحظ أيضاً أن الطبقة الوسطى في سورية تكاد تنقرض، كما أن الثروات تركزت في يد فئة صغيرة جداً من السوريين فيما النسبة الكبرى التي تتجاوز 98% يعيشون في ظروف متعثرة". وعن توجهات الاقتصاد السوري قال "هناك تركيز واهتمام كبير جداً في قطاع الخدمات فقط كالفنادق والمطاعم والمحا التجارية، ولا نجد اهتماماً يُذكر في الصناعة أو الزراعة، ولم نسمع في السنوات الأخيرة عن منشأة أو معمل أو مصنع كبير للقطاع الخاص أو العام قدّم جديداً للاقتصاد السوري، ومعظم المصانع التي أنشئت هي معامل عائلية أو شبه عائلية لا تخدم الاقتصاد السوري بالمعنى الحقيقي". وأضاف "هذا التركيز على الخدمات وعدم إعطاء الصناعة والزراعة ما تستحق من اهتمام نتج عنه اقتصاد مشوه زاد في الفروق بين نسب الدخل، كما نتج عنه إهمال للقطاع العام بكافة قطاعاته، ولا تخطط الدولة نهائياً لتطويره أو تجديده أو إصلاحه. ورأى مرعي الذي استلم مناصب حكومية عدة في سورية أن السمات الأساسية التي يتسم بها الاقتصاد السوري أيضاً الفساد، وقال إنه "تغوّل في كل مفاصل الدولة"، ونتج عنه "تربّع فئة صغيرة من أصحاب رؤوس الأموال والمتنفذين والمقربين فوق هرم الاقتصاد السوري". وشكك في طروحات الحكومة حول معدلات نمو الاقتصاد، وقال "لو كان الأمر صحيحاً، كان يجب أن نلمس هذا النمو في انخفاض معدل البطالة، وفي ارتفاع مستوى معيشة المواطنين، وفي عدالة توزيع الثروة". وعن الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تعاني منها سورية منذ عدة سنوات وتأثيرها على الاقتصاد قال "كان يمكن أن تتجاوز سورية الحصار والضغوط الاقتصادية والسياسية لو توجهت توجهاً صحيحاً، من خلال الاهتمام بالزراعة وإعادة النظر بالتركيبة الزراعية في سورية، ومن خلال الاهتمام ببعض الصناعات وتطويرها بالتنسيق مع القطاع الخاص، ومن خلال الاهتمام بالقطاع العام وتجديده وتطويره وإصلاحه تقنياً وإدارياً، والأهم من خلال مكافحة الفساد على كافة المستويات". وربط مرعي الاقتصادي بالسياسي، وقال "دون إصلاح سياسي لن تستطيع سورية أن تعمل إصلاحاً اقتصادياً، أو إصلاحاً إدارياً، ولا حتى أي نوع من الإصلاح، فعبر الإصلاح السياسي يمكن مناقشة القضايا بشكل واضح وشفاف، ويمكن توجيه الانتقادات للحكومة، ويمكن محاربة الفساد على كافة مستوياته، ويمكن تحديد ضوابط تحقق تطوراً للاقتصاد واستقراراً للمجتمع".
المصدر: آكي
إضافة تعليق جديد