هوشيار زيباري يروج للسياحة و " للحياة الطبيعية في بغداد "
هوشيار زيباري وزير خارجية العراق كتب للواشنطن بوست :
ظهر طابور طويل من السيارات طوله أميال بسبب زحمة المرور الاسبوع الماضي في حي المنصور غرب بغداد. لم يحدث ذلك بسبب سيارة مفخخة أدت الى غلق بعض الشوارع، وإنما بسبب طابور سيارات الاسر التي كانت في طريقها الى الحديقة المركزية للاستمتاع بذلك اليوم. اصبح طابور السيارات طويلا الى حد ان بعض الأسر آثرت ترك السيارات وقطع المسافة مشيا الى الحديقة المركزية.
وفي مختلف أنحاء العاصمة بدأت المطاعم تمتلئ بالزبائن تدريجيا وبدأت المتاجر تفتح أبوابها مجددا. الشوارع اصبحت تعج بحركة السيارات. العراقيون ليسوا مختبئين داخل منازلهم. العدد الكبير من ضحايا الهجمات الانتحارية يحدث في الغالب بسبب الازدحام في الأسواق، إلا ان الشكاوى هذه الأيام تتركز في الغالب على ازدحام حركة المرور والوضع الأمني، إذ تسمع اصوات سيارات الاسعاف والإطفاء والشرطة في مختلف أنحاء المدينة تقدم الخدمات للسكان. وربما لا ينجو الشخص من غرامات رجال المرور بسبب توقيف السيارة على نحو يخالف القواعد المعمول بها.
هذه المؤشرات الصغيرة والمهمة، في نفس الوقت، الى بداية العودة الى الأوضاع العادية، رغم أحداث العنف التي تغذي آراء البعض بأن العراق في حالة تدهور مستمر. لا شك في ان العراقيين يعانون من صعوبات هائلة ويقدمون تضحيات كبيرة – إلا ان الحياة مستمرة بالنسبة لـ7 ملايين عراقي في بغداد، يعملون جاهدين لإعادة اوضاع عاصمتهم وبلدهم الى طبيعتها.
طالبت الحكومة العراقية، من خلال القمة الدولية حول مستقبل العراق، المنعقدة في شرم الشيخ، المجتمع الدولي لاستمرار مشاركته في مساعدة العراق على تحقيق أهدافه المتعلقة بالأمن والاستقرار. ندرك ان طلبنا يتعارض مع مجموعة من الاصوات، التي تستنكر بعنف الاوضاع في العراق والبعض في أوساط الرأي العام البريطاني والاميركي الذين يدعون الى سحب متعجل للقوات الاميركية والبريطانية من حرب يزعمون انها خاسرة. ترى، لماذا يجب على العالم الاستمرار في مساعدة العراق على تحقيق اهدافه في الأمن والاستقرار؟
ولا يمكن انكار الصعوبات التي يمر بها العراق، لا يمكن لأي انباء جيدة ان تخفي شرور الارهاب والطائفية التي انتشرت في بلادي. ولكن هناك ايضا الكثير المعرض لخطر الفشل، والكثير الذي يمكن ان نجنيه بمساعدتنا على حماية انجازاتنا الديموقراطية والظهور كدولة مستقرة. وعزيمتنا مستمرة بالرغم من خسائرنا. ربما تسيطر انباء الهجمات على وسائل الاعلام الاجنبية، ولكن لا يمكن تغيير حقيقة أن العراق حقق تقدما سياسيا واقتصاديا واجتماعيا في السنوات الاربع الماضية. ونستمر في تقوية مؤسساتنا الديموقراطية الناشئة، ومتابعة المصالحة الوطنية وزيادة قوات الامن العراقية. وكانت خطة بغداد الامنية تهدف لمنحنا فترة راحة تسمح بتسريع وتيرة التنمية السياسية والاقتصادية «بضمان والحفاظ» على الاحياء عبر العاصمة. ولا يوجد حل سريع، ولكن تحققت نتائج حقيقية: الفوز بثقة الرأي العام أدت الى زيادة في المعلومات الاستخبارية، وعرقلة الشبكات الارهابية والقبض على شخصيات رئيسية، بالاضافة الى اكتشاف مخازن اسلحة. ففي اقليم الانبار، انقلب شيوخ السنة والمتمردون ضد القاعدة ووقفوا الى جانب قوات الامن العراقية. وهو امر لم يكن من الممكن التفكير فيه قبل 6 اشهر.
وعلى العكس من الاعتقاد السائد، فإن معظم الوزارات الحكومية موجودة خارج المنطقة الخضراء، ويتجه الناس الى اعمالهم كل يوم، على الرغم من التهديدات بالموت والهجمات على الزملاء وأسرهم. ونحن، بصفتنا وزراء في الحكومة، معرضون لخطر الاغتيال. وعندما فجر انتحاري نفسه في البرلمان في الشهر الماضي، عقد البرلمانيون جلسة للبرلمان في اليوم التالي.
واشعر بالحماس، بصفة خاصة، من التزام الدبلوماسيين الشباب في وزارة الخارجية، فهم مجموعة مختلطة من السنة والشيعة والمسيحيين والعرب والأكراد والرجال والنساء الذين يخدمون وطنهم بدون الارتباط بالانقسامات الطائفية او العرقية.
والعراقيون يتسمون بالشجاعة والتصميم لعدم وجود بدائل اخرى، ولن نسلم بلادنا للارهابيين، فقد فشلوا في شل الحكومة المنتخبة، وفشلوا في اجبارنا على الاستسلام. ويرفض العراقيون تصورهم لمستقبل يتسم بإسالة الدماء والكراهية.
وهؤلاء الذين يدعون للانسحاب ربما يفكرون بأن ذلك هو البديل الاقل ألما، ولكن فوائده قصيرة المدى. ان مستقبل المنطقة والعالم يرتبط بنا. ان وجود عراق محطم في الشرق الاوسط سيقدم للارهاب الدولي مرفأ ويضمن استمرار الفوضى بالنسبة للاجيال القادمة. والاكثر من ذلك فإن تضحيات جميع الشباب والشابات الذين وقفوا هنا لن تذهب هباء.
العراقيون بكل تصميمهم وشجاعتهم لا يمكنهم النجاح وحدهم. نحتاج الى بيئة صحية وداعمة على المستوى الاقليمي. ولن نسمح ان تصبح بلادنا ميدان معركة تصفية حسابات النزاعات الدولية والاقليمية، التي تؤثر على الاستقرار داخل حدودنا. ويمكننا، فقط، عن طريق استمرار التعاون الدولي والمشاركة العميقة من جانب جيراننا تشكيل عراق ديموقراطي فيدرالي متحد. ويجب على العالم عدم التخلي عنا.
«خدمة واشنطن بوست»
المصدر : الشرق الأوسط
إضافة تعليق جديد