الخرطوم لتل أبيب: حاضرون لمحاصرة المقاومة
كعادتها كلّما عادت مسألة التطبيع مع إسرائيل إلى الواجهة السياسية، تسارع جميع الأطراف السودانية إلى نفي علاقتها ومعرفتها بالأمر، في الوقت الذي يسعى فيه الجانب الإسرئيلي إلى حسم المسألة في أسرع وقت ممكن. في هذا الإطار، وعلى طريق دفع عملية التطبيع التي بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، زار وفد عسكري برئاسة رئيس شعبة الشرق الأوسط وأفريقيا في «مجلس الأمن القومي الإسرائيلي»، أول من أمس، العاصمة الخرطوم، حيث حَطّت الطائرة التي أقلّته على مدرج المطار الحربي الكائن إلى جانب مطار الخرطوم، والممتدّ حتى صالة كبار الزوار في قيادة القوات الجوية التابعة لمباني القيادة العامة شرق العاصمة.
وبحسب مصادر مطّلعة، فإن قيادات من الجيش وهيئة الأركان التقت الوفد، وعقدت معه مباحثات استمرّت لعدّة ساعات. وأوضحت المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، أن رئيس «مجلس السيادة»، القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان، لم يكن مِن ضمن مَن التقاهم الوفد، إلا أنها أكدت في المقابل أن البرهان تلقّى تقريراً حول مخرجات الزيارة من قيادات الجيش. كذلك، كشف حسب مصدر عسكري، لـ«الأخبار»، أن أبرز الملفات التي حضرت على طاولة المباحثات تَمثّل في «التعاون العسكري في مكافحة الإرهاب بصورة عامة، وبصورة خاصة التعاون المعلوماتي لمنع تهريب السلاح إلى قطاع غزة وبذلك تأمين بوابة أفريقيا». ولا يستبعد المصدر توافق الطرفين على بروتوكولات تشمل تدريب الجيش السوداني وتسليحه.
ويُؤخذ على الحكومة السودانية تماديها في سياسة التعتيم على عملية التطبيع الجارية مع إسرائيل، وإصرارها على جهلها التام بما يتمّ من خطوات على هذا الطريق، وآخر وجوه ذلك إعلان المتحدّث باسمها، وزير الإعلام فيصل محمد صالح، أن لا علم لمجلس الوزراء بزيارة وفد إسرائيلي إلى البلاد، وأنه لم يكن هناك أيّ تنسيق مع الحكومة من قِبَل أيّ جهة رسمية في شأن الزيارة. وكان راديو الجيش الإسرائيلي ذكر أن تل أبيب أرسلت الإثنين وفداً إلى الخرطوم، تمهيداً لزيارة وفد إسرائيلي أوسع من المُقرّر أن يتوجّه إلى السودان في خلال الأسابيع المقبلة للتباحث في الاتفاقيات المشتركة في مجالات الزراعة والاقتصاد والريّ.
وتأتي زيارة الوفد الإسرائيلي في وقت تشهد فيه الساحة السياسية حالة من الركود في انتظار إعادة تشكيل الحكومة الانتقالية بشقَّيها: مجلس الوزراء و«المجلس السيادي»، إنفاذاً لـ«اتفاق سلام جوبا»، الذي يقتضي إعفاء عدد من الوزراء لاستيعاب منسوبي الحركات المسلّحة، وإضافة مقاعد إلى «مجلس السيادة» للغرض نفسه. وفي هذا الإطار، لا يستبعد مراقبون أن يدفع دمج قادة الحركات المسلّحة في الحكومة الانتقالية عملية التطبيع نحو نهاياتها، إذ إن عدداً من منسوبي تلك الحركات من أبناء إقليم دارفور هاجروا إلى إسرائيل منذ عدّة أعوام بعد تفجّر الأوضاع في الإقليم.
في هذا الوقت، تسود حالة من الإحباط الشارع السوداني جرّاء فشل الحكومة المدنية في تحقيق أهداف الحراك الشعبي والحفاظ على مكتسباته، إضافة إلى الضائقة المعيشية التي يمرّ بها المواطنون بفعل غلاء الأسعار الناجم عن الارتفاع غير المسبوق في معدّل التضخم، وندرة السلع الرئيسة من خبز ووقود.
الأخبار
إضافة تعليق جديد