الحكومة الصائبة والجمهور المخطىء؟!
هل شكلت الخطة الخمسية العاشرة حتى شهرها الخامس بعد عامها الاول « حاملاً» انتقالياً الى اقتصاد السوق الاجتماعي؟ وبناء على تجربة 16 شهراً منها نسأل: هل نتائج الانتقال مضمونة في سلامة الوصول الى العام 2010 مادامت مقدمات التنفيذ أرقاماً جميلة لم يشعر المواطن بجمالها؟
الأمور نظرياً وعملياً غامضة، فالناس مثلاً شعروا بارتفاع الاسعار ولم يشعروا بارتفاع معدل النمو وفق الارقام الحكومية، والناس شعروا باختلال التوازن بين الموارد والنفقات، ولم يشعروا بأن الخزينة العامة توازنت أكثر من اختلال السنوات السابقة؟
فكيف يمكن الترويج لتحول يرفع معدل نمو غير مكتشف الا في التصريحات الرسمية؟ انها أحجية الأحجيات عندما يكون الناس على خطأ بدلالة رقم حكومي بينما حكومة الانتقال الى اقتصاد السوق الاجتماعي على صواب رغم« خطأ » جمهورها؟
نظرياً أفردت الخطة الخمسية العاشرة مساحة تخص« الترويج لثقافة اقتصاد السوق الاجتماعي»وفي التطبيق فشلت في هذا الترويج، فالناس لاحظوا صفات« خشنة اجتماعياً واقتصادياً» رافقت تنفيذ الخطة ولم يلاحظوا« الرأفة الاجتماعية والاقتصادية» في أسعار جميع السلع بدءاًمن أصغرها الذي هو بحجم بيضة وانتهاء بأكبرها الذي هو المسكن؟
اي« ترويج» يقنع الناس وقد تفرقت أدوات الدولة في التدخل الايجابي لضمان مصالح الناس؟!
ارتباكات حكومية بالجملة في سوق السلع الغذائية، والسكن والاسمنت ومواد البناء، وفشل في رفع الاجور والرواتب بما يحقق التوازن بين دخل المواطن ونفقاته،.. وأمور بالجملة تستدعي مجموعة اسئلة من العيار الثقيل على « كتف» الترويج لاقتصاد السوق الاجتماعي؟!
ألف سؤال وسؤال يخص الترويج والنظرية والتطبيق، وهل الفشل في التطبيق يبرر مدح النظرية؟! انها أحجيات ليست بالضرورة ناتجة عن الغموض النظري في توجهات« السوق الاجتماعي» بل تظهر صارخة في التطبيق الذي بدأ قبل تأهيل ادوات الدولة التي عليها ضمان سلامة التطبيق، تماماً كمن نعهد له القانون دون تأهيل فيضيع مع ذاته وأمام الناس في أحجية الاداء، هل هو فنان ليعزف على آلة القانون، أم هو قاض لينطق بأحكام القانون في قصر العدالة؟
توجد أحجية من عيار كوني تمثلت بالبيضة قبل الدجاجة أم الدجاجة قبل البيضة مع إغفال ترابط وجود البيضة والدجاجة بـ« الدرويش» الديك؟! مبدعو الخطة الخمسية العاشرة اشتغلوا في أحجية« تأهيل ادوات الدولة» قبل اقتصاد السوق الاجتماعي» ام « اقتصاد السوق».. قبل « تأهيل الادوات»؟ وتم التغافل عن الترابط المتجذر للتأهيل ولاقتصاد السوق بالدراويش الناس الذين وفق « الفريق الاقتصادي» بات قدرهم اقتصاد السوق الاجتماعي، ولم يتثقفوا من ذلك الاقتصاد الا بعيد الدخول في المرحلة الانتقالية فانحصرت ثقافتهم بغلاء الأسعاروالمعيشة واختناقات المرور وبعض السلع الرئيسية من مشتقات نفطية ومواد بناء واختلالات اخرى..؟!
لذلك ضاع السؤال: كيف ننتقل والناس لم يتلقحوا بأدنى درجات الثقافة من ثقافة اقتصاد السوق الاجتماعي؟! كيف الانتقال اذا لم يقتنع المواطن أن يكون حاملاً لهذا التحول؟! وكيف يحمله بالغلاء والزحام..؟! ربما افترض الرسميون أن المسار ناجز سواء تثقف الناس أو لم يتثقفوا وهنا الطامة الكبرى؟! فالاحساس الحكومي بجمال الاداء الرسمي بلا جدوى إن لم يصبح احساساً شعبياً!؟
لسان حال الناس لرجال التحول الاقتصادي: لسنا مستعجلين للنتائج بأكثر من اللازم ولكن أنتم تأخرتم أكثر مما يجب؟! والفرق بين التصفيق والتصفير حرف يأتي في خاتمة الكلمتين، ويحدد الناس الحرف الذي يختارونه حتى لو كانت الارقام الحكومية تجعل الناس على خطأ ؟!
ظافر أحمد
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد