موسيقى زياد الرّحباني في متحف طرطوس
أمسية عبرت إلينا من «الزّمن السوري الجميل». بهذا يمكن توصيف السهرة الموسيقية البديعة، التي أحيتها الأوركسترا الوطنية السيمفونيّة، بقيادة المايسترو ميساك باغبادوريان، في متحف طرطوس. أقيمت الأمسية يوم الجمعة الماضي، وخُصصت لتقديم بعض المؤلّفات الموسيقية لزياد الرّحباني، ضمن فعاليات مهرجان «برج وبحر» في دورته الثانية، التي أفردت للاحتفاء بزياد. الجمهور الذي ملأ باحة المتحف، ووقف جزء منه خارج أسوارها، أصغى إلى المقطوعات المتتالية، وتفاعل مع بعضها، ولو أن التفاعل بدا مبالغاً به في بعض اللحظات.
افتتح المايسترو باغبادوريان الأمسية بتقديم قصير، شرح من خلاله بعض جوانب «المغامرة» في تقديم الأوركسترا نمطاً مختلفاً عن الأعمال الكلاسيكية التي اعتادت عزفها. كان على رأس التحديات، كتابة أعمال منتقاة بـ«لغة النوطة»، بعد تعذّر الحصول عليها من الرّحباني نفسه. وقد تصدّى لمهمة «تنويط الأعمال والتوزيع الموسيقي» كلّ من رشيد هلال، وماهر روميّة، ومهيب المغربي، وناريك عبجيان، وقيس الصفدي. كذلك، حرص باغبادوريان على استباق كل مقطوعة بتعريف صغير عنها. وبدا طبيعيّاً ومناسباً استهلال الأمسية بمقطوعة «تدمر»، لتتتالى بعدها مقطوعات من أنماط مختلفة: «وقمح»، «أبو علي» (نسخة عام 1978)، «فيلم أميركي طويل»، «هدوء نسبي»، «ميس الريم»، «تل الزعتر»... إلخ.
توزعت فعاليات المهرجان الأخرى على المركزين الثقافيين في طرطوس وصافيتا، واشتملت على على أمسيتين لكورالَي «حنين» و«حلم»، إضافة إلى أمسية موسيقية مع أغنيات أدّتها نهى زروف. توضح مديرة المهرجان، نهى بشَور أن «تخصيص هذه الدورة لتكريم زياد الرحباني جاء تنفيذاً لفكرة قديمة لدى كورالَي حنين وحلم، واليوم باتت الظروف ملائمة أكثر من قبل». ترى بشور أنّ «زياد هو صاحب أهم مدرسة موسيقية معاصرة في العالم العربي، وهو شاهدٌ راقٍ على العصر، ترك بصمة هامة في حياة أجيال المنطقة، من خلال أفكاره وآرائه وأعماله الموسيقية والمسرحيّة». تشير بشور أيضاً إلى «تحدّ هام، هو تقديم أعمال زياد بالنمط الكورالي، الموزع هارمونيّاً على أربعة أصوات، بسبب صعوبة توزيع الأعمال». من بين التحديات التي تواجهها إدارة المهرجان في سبيل تكريس ديمومته، يبرز التحدي المادي في الدرجة الأولى. تقول ضاحكة «على لحظة كان ممكن ما نقدر نغطّي تكاليف هالسنة»، لا سيما مع الإصرار على إتاحة حضور الجمهور جميع الفعاليات مجاناً. لدى إدارة المهرجان خطط منذ الآن في ما يخص دورته الثالثة، ويبقى النجاح في تنفيذ هذه الخطط رهناً بظروف العام المقبل.
الأخبار
إضافة تعليق جديد