إهمال طبي .. يودي بحياة الطفلة "ليا كور "
بدأت القصة قبل شهرين عندما تعرضت الطفلة “ليا كور” ذات الثلاثة أعوام إلى حرق سطحي إثر وقوع إبريق الماء الساخن على جسدها.
شخص الأطباء في مشفى المواساة حالة الطفلة، بعد إجراء الإسعافات الأولية، أنّ الحرق سطحي ونسبته 7% من مساحة الجسم ولاحاجة لبقائها في المستشفى، وأنّ عليها المراجعة في حال حدوث أعراض استفراغ أو ارتفاع درجة الحرارة.
وبالفعل وقعت هذه الأعراض للطفلة ليا، التي توفيت بعد أربعة أيام، وعند مراجعة المشفى قامت إحدى الطبيبات بمعاينتها مع ممرض وقاموا بتغيير الضماد وتعقيم الحرق وأشارت الطبيبة إلى أن الوضع طبيعي، وطلبت منا دعم حالة الطفلة النفسية وعدم إشعارها بالخوف وتم تخريجها إلى المنزل.
في اليوم التالي ساءت حالة الطفلة فأسعفتها أمها إلى مشفى خاص "هشام سنان" وقامت الطبيبة بإسعافات أولية سريعة مع إجراء تحليل وإعطائها سيرومات، وطلبت من الأم مراجعة مشفى الأطفال لعدم وجود مختص بالحروق في المستشفى ولعدم وجود عناية مشددة شاغرة مع الإشارة إلى ضرورة إعطائها مقويات قلبية نتيجة حدوث تأخير في إسعافها وأن بارومتر الانتان أصبح عالياً.
في مشفى الأطفال لم يستقبلوا الحالة لعدم وجود الاختصاص المطلوب وطلبوا التوجه إلى مشفى المواساة قسم الحروق، وبقيت الأم وطفلتها من من الساعة الـ6 صباحاً حتى الـ 9 في غرفة الإسعافات الأولية في قسم الحروق والمعنيون يتتالون عليها دون فعل أي إجراء طبي رغم قبول الطفلة بحالة إسعاف، بذريعة أن العناية المشددة مغلقة حتى إشعار آخر بسبب التعقيم.
ويقول حسام كور والد الطفلة “ليا” الحديث أنّ الطبيب المناوب "أكثم الخطيب" أجرى نظرة سريعة على ابنته وسأله عمن قام بإسعافها في المرة الأولى، وتخريجها ثم عاد الاستاذ إلى مكتبه وأغلق الباب خلفه.
وأضاف حسام الذي قدم من خدمته العسكرية في درعا أثناء الحادثة “دخلت إلى مكتب الأستاذ فتهرب من الإجابة حول حالة طفلتي.
ومع خروجه تلقى الأب الخبر الصادم، عندما أخبره المعنيون في قسم الحروق بالمواساة أن الطفلة مصابة بإنتان في الدم نتيجة المضاعفات الناتجة عن الحرق والتي تصيب الأطفال لضعف الجهاز المناعي لديهم.
فما كان من الأب إلا أن أسعف ابنته إلى مشفى خاص "المدينة"، حيث أجريت لها التحاليل والفحص السريري،ليتبين أن الطفلة مصابة بصدمة إنتانية شديدة نتج عنها فقدان الوعي وضغط غير مقيس ونبض غير محسوس مع برودة في الأطراف وتوسع في الأوعية الدموية وحدوث خثرات دموية (تجلطات)، ولتحسين هذه البارومترات أعطيت الطفلة أشد مضادات الإنتان فعالية ومقويات قلبية وسيرومات، والتي أدت إلى تحسن في حالة الطفلة.
بعد ذلك حجز للطفلة في العناية المركزة بقسم الحروق في مشقى المجتهد، وتم إسعافها في السابعة مساءً من يوم الثلاثاء بعد أن قام الطبيب المشرف في مشفى المدينة بوضع الطبيب في مشفى المجتهد بصورة خطورة وضعها.
في مشفى المجتهد وضعت خطة علاجية فورية في محاولة لإنقاذ الطفلة رغم استحالة الوضع وأجروا عملية التعقيم الدموي من بلازما وصفيحات دموية، لكن سبق السيف العذل وتوفيت الطفلة يوم الأربعاء 28-11-2018 الساعة 1 صباحاً.
بعد ذلك عاد والد الطفلة المتوفية إلى قسم الحروق في مشفى المواساة لتحري سبب الوفاة، ليظهر بعد مراجعة الأرشيف عدم وجود إضبارة قبول للطفلة وأن الإضبارة لم ترسل إلى الأرشيف وأبدى المسؤول في قسم الأرشيف استغرابه من اختفائها بعد أن بحث عنها طويلاً، و حمّل والد الطفلة “حسام كور” المسؤولية الكاملة عن وفاتها إلى قسم الحروق في مستشفى المواساة مؤكداً ” قمنا بكل ما طلبوه منا وراجعنا المشفى في المرة الثانية عند ظهور أعراض الاستفراغ والحرارة دون فعل أي تحليل أو إجراء طبي من قبلهم للوقوف على سبب ظهور هذه الأعراض وكان "الكلام والقيل والقال هو سيد الموقف".
وبعد رحيل الطفلة “ليا” بأسبوعين راجع والد الطفلة مشفى المواساة للمرة الثانية والتقى الطبيب "وفيق عيد" رئيس شعبة الحروق الذي عاين صورة الحرق من موبايل والدها وأكد أن الحرق سطحي درجة ثانية وأن الحالة التي أمامه كانت بحاجة إلى مراقبة من المرة الأولى بعد وقوع الحادث ولمدة لاتقل عن 48 ساعة.
وأكد عيد وجود خطأ لكن لم يحدد ما هو واستغرب تخريج الطفلة لكنه أضاف “كأني سمعت بأن تخريجها كان بطلب من أهلها” مؤكداً أن “هكذا خطأ يحدث لكن يجب ألا يتكرر ولدينا نظام حتى لوكان حرق أصغر من هذا يجب أن ينام الطفل في المستشفى للمراقبة”.
في حين تعهد الطبيبان مناف وحسام بإجراء تحقيق في مدة قصيرة في الحادث ولكل منهما على انفراد لمعرفة المسؤول عن عدم مراقبة الطفلة منذ دخولها المستشفى، وأخذوا رقم موبايل الوالد حسام ومر أكثر من شهر دون أي اتصال أو الإعلام عن نتيجة التحقيق المزعوم”.
طبيب آخر في شعبة الحروق بمستشفى المواساة خالف رأي رئيس شعبة الحروق مؤكداً أن “وضع الأطفال بالنسبة للحروق محرج وهناك أطفال تعاني من حرق أقل من 5 بالمئة وتتوفى ونحن ملزمين بنسبة محددة للقبول وهذا الحرق لا يقبل إلا إذا ترافق بالتهابات”.
فيما كشف طبيب آخر أن “هناك نوع من الحروق البسيطة لاتقبل في المشفى ويحصل مع الأطفال إسهال وحرارة ناتجة عن بعض الجراثيم العصية التي تؤدي إلى تطور صاعق والى وفاة بسرعة”.
لكن لماذا لم تقبل الطفلة في المشفى رغم أن نسبة الحرق 7 % بحسب أطباء المواساة ؟ والد الطفلة أكد أن “نسبة الحرق لم تكن 7% كما تم تشخيصها من الطبيب في المواساة بل تقارب 20 % من الجسم بحسب ما أكد الأطباء في مستشفى المدينة و قسم الحروق في مستشفى المجتهد”.
وأضاف”أكد كل الأطباء في مستشفى المدينة والمجتهد أن هذه الحالة كانت تحتاج مراقبة منذ البداية لضعف الجهاز المناعي لدى الأطفال والاحتمال الكبير لحدوث اختلاطات ومضاعفات إذ أن حروق الأطفال تحتاج إلى مراقبة في حال كانت نسبتها حتى 5% من مساحة الجسم”.
تلفزيون الخبر تابع القضية منذ اللحظة الأولى وانتظرنا نحو شهرين بعد وعود من إدارة مستشفى المواساة بفتح تحقيق ومعرفة ملابسات الخطأ الذي من المفترض ألا يتكرر.
إلا أن التحقيق المزعوم لم يحدث حتى اليوم ويبدو أنه لن يحدث فالقضية دخلت دفتر النسيان في المستشفى لذلك كان لابد من نشرها لعلها تكون المأساة الأخيرة في ملف الأخطاء الطبية من هذا النوع.
علماً أن هذه الحادثة لا تشير إلى خطأ طبي بقدر ما تشير إلى إهمال من قبل أشخاص لم يحددوا، أدى بالنهاية إلى خسارة روح طفلة.
الخبر
إضافة تعليق جديد