تجارة الوهم في سوريا: حجابات للرزق وفك العنوسة
لم تجد أم تحسين، القاطنة في حي ركن الدين الدمشقي، حلاً لإنقاذ ابنتها من شبح العنوسة، سوى رشها بما يسمى بـ "الماء المبارك"، "لماذا لا؟ الماء المقروء عليه، ينفع لكل شيء".
تشتري أم تحسين هذا الماء الذي نفث فيه أحد الشيوخ، بعد أن قرأ عليه آيات من القرآن الكريم، إذ يؤكد له راق شرعي يبيع هذا الماء، "أنه نافع لكل شيء، بدءاً من علاج الأمراض، ومروراً بفك النحس والحسد والعنوسة وجلب الحبيب وتقريب الغائب!".
وتعتقد أم تحسين أنه ابنتها قد تعرضت لسحر، وفقاً لما أخبرها به أربعة شيوخ تثق بهم، وأن السحر قد صنع خصيصاً لإيقاف نصيبها، لذلك لم تتوانى في الذهاب لرقاة شرعيين وشيوخ، وهنا بدأت مأساة جديدة، أكثر 500 ألف ليرة سورية دفعتهم لأربع رقاة، لم تستفد منهم في شيء.
وقالت أم تحسين وفقاً لتجاربها السابقة، إن تكلفة كتابة حجاب للعين أو الرزق تتراوح بين 5 إلى 10 آلاف ليرة سورية، أما الكشف عن العين أو السحر يكلف من 7 إلى 15 ألف ليرة. بينما يكلف فك النصيب أو جلب الغائب ما لا يقل عن 50 ألف ليرة باعتباره السحر الأصعب والأعقد.
حالة أم تحسين تتشابه مع حالات كثيرة لمواطنين في مجتمعنا يعتقدون أنهم تعرضوا لسحر، ولكن في المقابل فإن عشرات الحالات هي ممن يوهمون من قبل مدعين بأنهم تحت تأثير السحر، وفي الحقيقة فإنهم في حاجة إلى علاج نفسي.
حالات كثيرة وصلت للصحف الرسمية!
نشرت صحيفة تشرين الرسمية بتاريخ 10/9/2017 خبراً يقضي بقيام المدعوة (س-ح) بتقديم ادعاء لفرع الأمن الجنائي في السويداء بإقدام شخص مجهول على القيام بأعمال الشعوذة والسحر والاحتيال وسحب مبالغ مالية كبيرة ومصاغ ذهبي بحجة إعادة البصر لوالدها الضرير وتزويجها من الشخص الذي تحبه، كل ذلك من دون علم أهلها، وفعلاً تم نصب كمين له وتم إلقاء القبض عليه واعترف بالاحتيال على المذكورة بمبالغ مالية 3000 دولار أمريكي و3000 درهم إماراتي و1000 ريـال سعودي وعشرون ألف ليرة إضافة لمصاغ ذهبي يقدر بحوالي 100 ألف ليرة، كما اعترف بأنه كان يتواصل مع الفتاة عن طريق برامج التواصل الاجتماعي والفتاة فعلاً لم تره أبداً، حيث أوهمها بأنه خبير بمجال التبصير وبإمكانه إعادة النظر لوالدها الضرير وتزويجها ممن تحب وأنه حصل على المبالغ المذكورة على دفعات بحجة التمكن من القيام بأعمال السحر.
وحتى في الطرقات والشوارع!
وتعدى الأمر حدود الغرفة والجدران ليصبح منتشراً على الملأ، فحتى في ساحة عرنوس وسط العاصمة دمشق لا تزال قارئة الكف الغجرية كما تحب أن تسمي نفسها جالسة إلى اليوم، تقوم بقراءة كفوف المارة من المواطنين مقابل مبلغ لا يقل عن 2000 ليرة للشخص الواحد.
فك السحر عبر الانترنت ،، جريمة إلكترونية جديدة
توجد جريمة جديدة من الجرائم الإلكترونية وهي انتحال الصفة من أجل الحصول على المال أو الابتزاز، وذلك عبر فك السحر الذي يعتبر الوسيلة الأحدث للإيقاع بالضحايا.
ويعتبر فك السحر عبر الانترنت طريقة مستحدثة يستخدمها المحتالون لاصطياد الضحايا، فغالبية من يمارسون هذا النشاط الجرمي يوهمون الضحايا انهم ملمين في المسائل الخفية ويتعاملون مع العالم السفلي ويعالجون كافة المسائل وفك الأسحار والألغاز وللأسف يقع ضحاياهم الكثير من الأبرياء الذين فشل معهم الطب العادي في معالجة مشاكلهم فيلجؤون الى هؤلاء المحتالين ويكتشفون في النهاية أنهم وقعو إما في عمليات نصب كبيرة عبر الإنترنت أو وقعوا ضحايا ابتزاز.
ما عقوبة السحر والشعوذة في القانون السوري؟
عاقب القانون السوري أعمال السحر والشعوذة وما شابهها معتبراً إياها من الافعال المخلة بالثقة العامة والتي تمس بالشعور العام لأفراد المجتمع الذين ينخدعون عادة بهذه الإعمال، وفرض المشرع لها عقاباً / بشكل خاص / وإذا تعدت نتيجة الفعل الى آثار أخرى فإن المشرع قد فرض عقوبات لهذه الأفعال تتناسب مع الأثر الجرمي الذي يحدثه الفاعل أو الساحر أو المشعوذ كأن يقوم الساحر باغتصاب امرأة أو يقوم بجعل أحد الاشخاص يتناول مادة تؤدي الى ايذائه فعندئذ يعاقب الفاعل وفق النتيجة الجرمية التي يحدثها.
قصص وحكايات بالعشرات جرت ولا تزال، داخل الدهاليز المعتمة لمجتمنا السوري، أبطالها مشعوذون ماهرون اختبأوا خلف ستار الدين، وسيدات جاهلات يعتقدن بأن كل ما يقع لهن، حتى ولو كان كسراً بسيطاً في القدم، هو نوع من السحر قد أوقعه بهن أحدهم.
B2B-SY - فاطمة عمراني
إضافة تعليق جديد