ما الذي حصل في مجلس الشعب السوري : المعارضة العفوية، هل تؤسس لممارسات ديمقراطية قادمة؟!
فرضت المستجدات الاقتصادية نفسها على أداء نواب مجلس الشعب السوري الجديد، ودفعت السوريين لأول مرة منذ عام 1970 إلى التعاطي بأساليب جديدة مع الأداء الحكومي ومع مجلس الشعب، فعلت أصوات عدد مهم من النواب تطعن بالقرار الحكومي، ولم نسمع عن منع أي وجهة نظر، أو عن حجز حرية أي مواطن تواجد أمام مجلس الشعب رغم عدم وجود تراخيص بالاعتصام.
وإذا كان الإعلام الرسمي بخيلا في تسريب تفاصيل واسعة عن حقيقة ماجرى تحت قبة مجلس الشعب السوري، وعن مصير الدعوات إلى الاعتصام أمام المجلس، فإن الاجتماع الذي عقد ظهيرة يوم الأحد الماضي كان ساخنا وفقا لما نقل أعضاؤه عن وقائعه، ووصفته صحيفة الوطن الخاصة بأنه كان عاصفا..
على الصعيد الرسمي جاء الخبر ليعرض خطوطا عامة لما جرى مشيرا إلى أن أعضاء المجلس دعوا إلى ضرورة التريث بإصدار القرارات المتعلقة بالاحتياجات الأساسية والمعيشية للمواطنين ودراسة مدى انعكاسها على حياتهم والتعامل بشفافية مع المواطنين وشرح أسباب وموجبات أي قرارات تصدر.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية سانا التي أوردت الخبر: إن أعضاء المجلس انتقدوا قرارات وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك الأخيرة المتعلقة بتعديل أسعار بعض المشتقات النفطية..
وعرضت عناوين بعض المطالبات من بينها إشارة عضو المجلس وليد درويش إلى أن قرار رفع أسعار المشتقات النفطية جاء «صادما ومفاجئا لأغلبية السوريين ولم يكن مترافقا مع تبريرات واضحة ومقنعة من الفريق الاقتصادي في الحكومة» داعيا في سياق آخر إلى إقامة خط بديل لمد محافظة القنيطرة بالكهرباء وتخليصها من معاناتها المستمرة في هذا القطاع.
وأوضحت الوكالة أن عضو المجلس عمر أوسي بيّن أن «رفع سعر مادة المازوت وحده انعكس على أكثر من 86 مادة في السوق» بينما طالب عضو المجلس عارف الطويل بضرورة مراجعة قرارات رفع الأسعار والتوجه نحو إجراءات قادرة على لجم التضخم النقدي والسيطرة على أسعار الصرف لافتا إلى أهمية تركيز التشريعات على قضايا التشغيل وتعافي الإنتاج.
صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بأعضاء المجلس عرضت النصوص والأفكار الحقيقية لأصحابها، فعضو المجلس نبيل الصالح كشف أن 26 نائبا طعن 25 منهم بشرعية قرار وزارة التجارة الداخلية رفع أسعار الطاقة، وهم بالتسلسل: فارس الشهابي، مها العجيلي، عدنان سليمان، أشواق عباس، عارف الطويل، نزار اسكيف، زاهر اليوسفي، فواز نصور، مها شبيرو، ثائر ابراهيم، رفعت حسين، فارس الجنيدان، نبيل صالح، فاطمة خميس، عمر أوسو، وضاح مراد، صفوان قربي، وليد درويش، محمد الفارس، نضال حميدي، رياض شتيوي، اسماعيل حجو، عهد الكنج، ونائب حمصي لم نسمع اسمه بسبب احتجاجه على اختيارات رئيس المجلس.
ونشر نبيل الصالح نص كلمته كاملة، وفيها خاطب أعضاء المجلس قائلا : السادة النواب: إن الشعب يراهن عليكم في رفع الأذى عنه، ومجلسنا الآن في اختباره الأول أمام ناخبيه، وهو جمهور لم يعد يكتفي بالوعود والكلمات، وأي تهاون أو استرخاء ستكون نتيجته انفضاض قواعدنا عنا وانفراد الحكومة بنا للسنوات الأربع من عمرنا الآتي.
اكتفى الخبر الرسمي بعبارة واحدة للنائب نبيل صالح تتعلق بتحيته للجيش ..
أما الفنان عارف الطويل، فبدت كلمته وكأنها تدافع عن شيء ما حصل معه، فقال : أنا مثلكم جميعا مواطن سوري قبل أي شيء مؤمن ببلدي وجيشي وعلمي والقيادة السياسية المتمثلة بشخص السيد الرئيس بشار الأسد . وأضاف : خلافنا مع الحكومة في بعض النقاط واضح واقتراحاتنا واضحة وهي في مجملها مطالب شعبية يتداولها الشارع السوري .
وفي تعليق لافت على صفحته كتب النائب خالد العبود عبارات مهمة تحتاج إلى إيضاحات ، وتبدو، وكأنها ترد على بعض النواب ، وفي تعليقه يقول : “كثيرون الذين يصنعون معارك جانبية افتراضية..من أجل أن يصنعوا بطولاتهم الوهمية..لكن عندما بدأت المعركة الحقيقية..لم نلمح وجها من وجوههم، أو نسمع صوتاً لهم!!!!”
أما على صعيد الاعتصامات ، التي كانت الدعوات إليها منذ اللحظة الأولى متعقلة وهادئة وتؤكد على أن يكون الاعتصام ضمن القانون، فقد كانت عادية ، فكتبت هالة رجب إحدى المعتصمات على صفحتها بالعامية تقول: قبل ما وصل للتجمع شفت انتشار الشرطة حول الكم حدا اللي تجمع فرفح قلبي
وصلت سلمت ع رفيقتي اللي اتفقت أنا وهي نوقف على جنب نستطلع وإذا ما عجبنا الوضع منمشي .. بعد ما وقفت بشوي تطلعت بالشباب من الشرطة قلتلن وأنا مبين علي مرتاحة بوجودن “انتو هون لحمايتنا منشان إذا صار ما صار، مو؟” طبعا ابتسموا الشباب وقالولي إي أكيد.. وخلص هيك اطمنت أكتر
ضلينا شي ساعتين وطلعت من مكان الحدث ولسا ما كان المجلس تسلم ورقة الطلب المتعلقة بالتجمع أو إلى ما هنالك.. وخلصت السيرة معي..
صحيفة الوطن السورية ،كشفت عن تفاصيل إضافية ومنها:
• قال النائب فارس الشهابي في مداخلة له أثناء الجلسة: إن قرار الحكومة الخاص برفع الأسعار جاء «لإحراج الجميع» لأنه لو اعترضنا عليه نكون مشاركين بمسرحية كما يقول البعض، وإذا لم نعترض فنحن شهود زور ولا نستطيع أن نفعل أي شيء.
• خارج مبنى المجلس «اعتصم» العشرات احتجاجاً على قرار رفع أسعار المشتقات النفطية، وبحسب مراقبين كانوا في المكان، فإن عددهم لم يتجاوز الخمسين، على حين أعلنت رئيسة حزب «سورية الوطن» مجد نيازي على صفحتها على «فيسبوك» أنه شارك في الاعتصام 200 من ممثلي الأحزاب المعارضة المرخصة، وأضافت: «قدمنا عريضة للمجلس وطالبنا بإلغاء قرار رفع أسعار المحروقات، ووعدونا خيراً».
• في بادرة لافتة طلبت رئيسة المجلس هدية عباس من 3 أشخاص ممثلين للاعتصام الدخول إلى المجلس للاستماع إلى شكواهم، ودعا المعتصمون المجلس في طلب مكتوب تم تقديمه باسمهم ونشرته بعض الصفحات، إلى «إلغاء قرار رفع أسعار المشتقات النفطية ومحاسبة الذين ورطوا الدولة باتخاذه»، مؤكدين «استمرار الاعتصام يومياً حتى تتم الاستجابة له وتتحقق الغاية منه».
عماد نداف: بوابة الشرق الأوسط الجديدة
إضافة تعليق جديد