الجدل بين الأصولية والعلمانية في المجتمع العربي
يرى الباحث الجزائري محمد أركون أن وجود خطاب "أصولوي" وآخر "علماني" في المجتمع العربي ظاهرة صحية فلكل من الخطابين مساحته، غير أنهما متفاوتان فيما يتعلق بالاهتمام بالنقد العلمي ونقد العلوم كلها ونقد الخطابات، ويجب أن يخضعا معا للنقد العلمي.
ويؤكد أركون أنه لا بد من التفريق بين النص الديني وتأويله، "فالقرآن كلام الله لكن الإنسان بإمكانه أن يعلق ويفسر هذا النص لكن شتان ما بين العمل التأويلي والبشري وبين كلام الله".
ويرى الباحث المصري د. نبيل علي "أن أي مثقف يصطدم مع الدين صداما مباشرا سواء لتعديل الأوضاع الخاصة بإساءة استخدام الدين أو أشياء أخرى، لا بد أن ينهج خطابا أكثر هدوءا وأكثر توازنا، لأنه لا بديل في حل مشكلة القيم وتهيئة المجتمعات العربية الإسلامية إلا أن نفرق بين القيم التي تفد علينا أو نتوارثها من تراثنا وهي قيم لا بد أن نتمسك بها".
ويعتقد علي أن "جزءا كبيرا من القيم التي ترسخت في مجتمعاتنا لا بد في أن نعيد النظر في اسسها من منظور مجمتع المعرفة الذي أفرز الكثير من القيم الجديدة الخاصة بالتربية وقيم الإعلام وقيم الإنترنت وأشياء أخرى".
وفي نفس السياق يؤكد الباحث القطري د. عبد الحميد الأنصاري أن "أي جدال أو أي نقاش يحرك الفكر بين ذوي المشارب أو ذوي الاتجاهات المختلفة هو جدال صحي يثري الحياة الفكرية والثقافية ويمكن أن يحدث حراكا نظيفا بشرط واحد وهو أن يحترم الجميع أفكار البعض وأن لا نجرح أحدا أو نشكك في ثوابت معينة دينية أو وطنية".
ويشير الأنصاري إلى المقولة المشهورة "اختلاف العلماء رحمة" بيد أنه يشدد على أن "يكون رحمة إذا التزمنا بالضوابط التي وضعها سلفنا الصالح أي الابتعاد عن التجريح وتصيد الأخطاء والتفسيرات السيئة بمعنى فلان قال هكذا فهو يريد أن يقول هكذا وكأنه اطلع على نيته".
ويؤكد ضرورة "أن نميز بين الدين كنصوص مقدسة فنحن نطالب باحترامها وقدسيتها وبين التفسيرات والتأويلات. وأنا أعتقد أن الأستاذ علي حرب مثلا عندما قال في هذه الندوة "الدين فيروس قاتل" يقصد ما أحيط بالظاهرة الدينية من تفسيرات وتأويلات ومؤسسات حولت الدين إلى صنعة وحرفة وتعقيد. أما الدين كما أنزله الله فلا يستطيع أحد أن يقول إلا أنه نور وهداية وبصيرة وإرشاد".
ويخلص الباحث السوري الطيب تيزيني إلى أن الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين يكون بناء ومفيدا إذا ما اكتسب أفقه المفتوح، "أما إذا فرز هذان الاتجاهان في المجتمع العربي دون أن تتم العملية في سياق حواري ديمقراطي فإن هذا سيكون وبالا يؤدي حتما إلى تقاطع خطير ويفضي إلى صراعات وصدامات كما يحدث في لبنان، فالصراعات السياسية هي التي تفتح وتنتج حالة مزرية. أما الحوارات المفتوحة بين مختلف المساحات فهي التي تحتاجها ساحتنا العربية".
سيدي أحمد
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد