مخترع سوري مسجون في اليونان بتهمة تهريب البشر
أنقذت السلطات اليونانية قبل شهر تقريباً عدداً من الأشخاص الذين غرق قاربهم قبالة جزيرة كوس. وفيما أطلقت سراح غالبيتهم احتفظت بشخص واحد، تبين أنه المخترع السوري نعمان جبور، متهمة إياه بالعمل في تهريب البشر.
الأشخاص المطلق سراحهم هم من مناطق تسيطر عليها المعارضة المسلحة، فيما رفضت إطلاق سراح جبور، رغم عثور البحرية اليونانية على محفظته التي انتشلت من القارب الغارق، وفيها ما يثبت أنه مخترع، ولديه اختراعات عدة تتركز غالبيتها في مجالات الطاقة، ولم تسلم هذه المحفظة حتى الآن للسلطات المعنية.
وتكفل التهمة الموجهة له بقضائه 10 سنوات في السجن في حال لم يتم تأمين محام له، أو البقاء في السجن لسبعة شهور مقبلة لحين تأمين المحكمة محاميا من طرفها. وأكدت عائلته الخبر في لقاء لـ «السفير»، مضيفة أنه في سجن جزيرة كوس، وقد تم تسريب هذه المعلومات بعد تأمين اتصال هاتفي له مع أهله، طالباً المساعدة في توكيل محام لإطلاق سراحه بتكلفة ألف يورو ليتمكن بعدها من متابعة طريقه إلى ألمانيا.
المخترع جبور (مواليد 1958) متخرج من كلية الحرب الإلكترونية ومسرح منها، ولا يتعاطى أي نشاط سياسي، وأبرز اختراعاته نظام لتوليد الكهرباء باستخدام طاقة الرياح عبر منظومة أسماها «المروحة المكبسية» نالت براءة اختراع سورية منذ العام 1993، إضافة إلى اختراعات أخرى بقيت كلها حبيسة الأدراج.
تتفوق «المروحة المكبسية» التي اخترعها جبور في الإنتاج ثلاثة أضعاف على ما تنتجه المروحة التوربينية الدنماركية (النموذج العالمي للمقارنة) بسرعة الرياح نفسها تقريباً، وتكلفة تصنيعها نصف تكلفة المروحة الدنماركية، ومردودها كبير قياساً بالمردود العالمي، كذلك فإن هذا الإنتاج يخلو تماماً من أية ملوثات للبيئة، كما لا تحتاج إلى يد عاملة فهي تعمل ذاتياً ويمكن أتمتة عملها بالكامل بما في ذلك الصيانة.
وتنتج المروحة الواحدة حوالي 10 ميغاوات، فيما تحتاج سوريا قرابة 10 آلاف ميغاوات سنوياً من الكهرباء، فإن ألف مروحة مكبسية تكفي لتغطية حاجة البلاد كلها، وكلفة تصنيعها كلها تعادل استهلاك سوريا من الوقود لثلاث سنوات وفقاً لحديث سابق مع المخترع.
ولتنفيذ فكرته والتأكيد على واقعيتها، قام جبور ببيع بيته، ومن ثم أرضه لتنفيذ نموذج عملي للمروحة التي اخترعها يعطي الطاقة فعلاً، وقد قام بإنتاج نماذج تجريبية من اختراعه أعطت الطاقة المطلوبة بكفاءة، وهذه النماذج موجودة لدى المخترع، وواحد منها تم تنفيذه واقعياً في دوما بريف دمشق، إلا أنه لم يكتمل بسبب ظروف متعددة أهمها نقص التمويل.
غادر جبور بلاده، مثل من غادر من السوريين البلاد، بعد يأسه من إمكانية تطبيق عملي لاختراعه بعد قرابة ربع قرن من المحاولات مع الحكومات السورية المتعاقبة. وقبل شهرين من الآن كرمه رئيس مجلس الوزراء السوري بمبلغ 50 ألف ليرة سورية (125 دولاراً) مع مخترعين آخرين. وما تم بعد اللقاء هو تسجيل رقم هاتفه على وعد الاتصال به، إلا أن هذا لم يحصل (كما مع الحكومات السابقة)، وبقيت وعود دعم المخترعين كالعادة مجرد فقاعة إعلامية لا طائل منها.
واستقطب اختراعه اهتمام جهات عالمية، منها ألمانية ودنماركية، لكن الرجل رفض تقديم اختراعه لها رغم المغريات الكثيرة. وبعد أن بلغ الرمق الأخير، وافق على أن يعرض اختراعه عليها، وشق طريقه عبر البحر بعد أن استدان مالاً من أحد أصدقائه وباع آخر القطع الكهربائية في منزله المستأجر.
لا سفارة سورية في أثينا لتتابع قضية المخترع جبور، ومن غير المرجح حدوث تدخل رسمي بشأنه رغم مغادرته البلاد بشكل رسمي، فيما بدأ بعض الناشطين حملات على وسائل التواصل الاجتماعي للفت الانتباه إلى قضيته، في محاولة لتأمين محام متطوع ودفع كفالة لإخراجه من السجن.
كمال شاهين
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد