مدير هيئة الصادرات: ربط الاستيراد بالتصدير غير مجد حالياً وتجربة الثمانينيات لم تكن ناجحة

اعتبر مدير عام هيئة تنمية وترويج الصادرات إيهاب اسمندر أن طرح فكرة ربط الاستيراد بالتصدير غير مجد في ظل الظروف التي نمر بها، موضحاً أن عملية ضبط المواد المستوردة وتحديد قوائم بالمواد ذات الأهمية هو موجود عملياً من خلال لجنة متخصصة برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية لتحديد المواد التي يسمح باستيرادها أو تمويل استيرادها على الأقل.

وأشار اسمندر إلى أنه ليس من الضرورة أن تكون جميع المنتجات الموجودة في الأسواق قد دخلت بالطرق النظامية، فهناك البضائع المهربة ومن ثم فإن التهريب لا يمكن ضبطه وفق الصيغ المطروحة من ربط الاستيراد بالتصدير وترشيد الاستيراد أو تحديد المواد الممولة، وهو يرتبط بحاجات السوق ومدى السيطرة على المعابر التي تربط سورية بالدول المجاورة، ومن ثم فإن كان الهدف من ربط الاستيراد بالتصدير هو السيطرة على قنوات ضخ السلع الموجودة في الأسواق، فإن ذلك لن يؤثر في ضبط دخولها.

ورأى اسمندر أن هناك أهمية للإنتاج في التأثير في سعر الصرف، فكلما زاد عدد المنتجات مع المحافظة على الكتلة النقدية ارتفعت قيمة الليرة السورية. مبيناً أن استعادة الطاقة الإنتاجية إلى المستويات التي كانت قبل الأزمة وزياداته لما كان عليه، لا يرتبط بربط الاستيراد والتصدير، وإنما يحتاج إلى شروط عديدة منها وضع برامج خاصة لإعادة وتأهيل المدن والمناطق الصناعية وتأمين الخدمات اللوجستية الخاصة بها، وتحسن الحالة الأمنية، واتخاذ إجراءات خاصة تسهل عمليات الإنتاج ونقل المواد الأولية والمواد المصنعة إلى أماكن التصريف لإعطاء مناخ عمل مناسب للمنتجين، إضافة لبرامج خاصة إلى مؤازرة المنتجين.

وأوضح اسمندر أن الحديث عن ربط الاستيراد بالتصدير هو عنوان واضح وسهل ولكنه معقد من حيث التنفيذ ويطرح العديد من التساؤلات، فمثلاً هل سنسمح للمصدر أن يستورد بالقيمة نفسها التي صدرها باسمه؟ أو هل يستطيع أن يتنازل عن قطع التصدير الذي حصله من العملية التصديرية لمستورد آخر؟ ولذلك فإن المسألة تحتاج إلى العديد من البحث والتحليل، معتبراً أن هذه العملية لم تكن تجربة ناجحة بالكامل خلال الثمانينيات، فهي تحمل الكثير من القضايا والجوانب التي قد تؤدي إلى الالتفاف على القرار نفسه، وبالمحصلة فإن ربط الاستيراد بالتصدير في ظل الظروف التي نمر بها وفي ظل انخفاض المنتجات وعدم الهيمنة بشكل كامل على قنوات تدفق السلع من الخارج التي قد تكون دخلت بأسعار مرتفعة نسبياً قياساً إلى تراجع قيمة الليرة قد تؤدي هي نفسها إلى شكل من أشكال التضخم، فإن ذلك لن يكون ذا فائدة حقيقية على ضبط الأسواق أو تحسين سعر صرف الليرة السورية أو حتى على تحسين آلية عرض المنتجات في السوق.

وأكد اسمندر أن الصادرات عنصر أساسي من عناصر عرض القطع الأجنبي وهي تساهم في زيادة المعروض من القطع الأجنبي قياساً بالليرة السورية وتساهم بتحسن سعر الصرف، ولكن في الفترة الحالية فإن الصادرات ليست بحالة طبيعية وهي وحدها لا تستطيع أن تعمل، فهي ترتبط بجوانب أخرى كالطاقة الإنتاجية التي تتيح كميات معينة للتصدير، وهي أقل بكثير من الإمكانات المتاحة في سورية ونسبتها مساهمتها في دعم الليرة السورية منخفضة في ظروف الضغط المتعددة والمتشعبة على الليرة السورية.

وفي هذا السياق أشار مدير هيئة تنمية وترويج الصادرات إلى أن الهيئة تعمل على التعاون مع المصدرين والمنتجين وعلى تأمين معارض الترويج الخارجية لهم بهدف زيادة أسواقهم وتحفيزها على زيادة الطاقة الإنتاجية لديهم، وعلى دعم المصدرين بتخفيف أعباء تكاليف التصدير عليهم وهو حافز مهم لهم لزيادة إنتاجهم، كما تحاول الهيئة تأمين المعلومات كون امتلاك المعلومة يساعد المصدر على اتخاذ القرار التصديري الصحيح.

مبيناً أنه لا يمكن للهيئة وحدها أن تعمل فهي بحاجة لأدوار متكاملة تؤدي للنتيجة المطلوبة وهي لا ترى عملها من منظور الربح والخسارة في دعم المصدرين فهدفها غير ربحي وإنما مفهومها خدمي بحتي في مجال تقديم الدعم للمصدرين ومن ثم تعود الفائدة على الاقتصاد الوطني والناتج المحلي الإجمالي التي كانت تشكل الصادرات منه 30% في الأوضاع الطبيعية.

وهنا يوضح اسمندر أن أهم خطوات المرحلة القادمة ستكون بالتعاون مع باقي الاتحادات وإشراف وزير الاقتصاد في مساع جدية لوضع برامج متعلقة بإعادة تأهيل وتحفيز المنشآت الإنتاجية لتنتج بحالة مقاربة للحالة الطبيعية مع الاستمرار ببرامج الترويج للمنتجات السورية وزيادة ميزاتها النسبية والتنافسية بحيث يحصل المنتج السوري على حصته العادلة في الأسواق الخارجية.

علي محمود سليمان

المصدر: الوطن