ليس الجيش المصري من «يكمن» وحده في سيناء
كأن سوريا والعراق صارتا في سيناء، يمكن إطلاق هذا التشبيه مع بروز ظاهرة جديدة يشهدها الطريق الدولي في الشيخ زويد شمال شبه الجزيرة الصحراوية. أسلوب جديد يظهر نفوذ إحدى أهم الجماعات الجهادية في المكان، وهي الكمائن الأمنية التي بدأت جماعة أنصار «بيت المقدس» تقيمها في الشوارع وتغطي الطريق الدولي بأكمله مع بعض الطرق الفرعية، وتحديداً وسط المساكن جنوب الشيخ زويد ورفح المصرية.
مصادر خاصة أكدت أن مسلحي بيت المقدس يفتشون في تلك الكمائن السيارات المارة على الطريق الدولي العريش ـ الشيخ زويد ـ رفح، باحثين عن أفراد الجيش والشرطة، وخاصة العائدين بالزي المدني من خدمتهم، وكذلك يبحثون عن مواطنين أخبر عنهم أنهم يعملون لمصلحة الجيش ويرشدون عن تحركات الجماعة وعناصرها.
وتؤكد المصادر أن عناصر التنظيم المسلح يختفون ليوم أو يومين، ثم يعودون إلى الطريق مرة أخرى وينصبون الكمائن فور رحيل قوات الأمن، والمثير أنهم يكشفون عن رخص السيارات وصلاحيتها، ويطالبون السائقين بتجديدها وإلا تسحب مركباتهم لحساب «بيت المقدس».
وبرز اسم «أنصار بيت المقدس» في شبه جزيرة سيناء والداخل المصري عقب عزل الرئيس محمد مرسي الذي ينتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين»، فقبل أحداث «3 يوليو» في العام الماضي، كان المسلحون يعملون تحت مسمى «مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس»، ويضم التنظيمات الإسلامية المسلحة في الجزيرة. واقتصرت نشاطات المجلس آنذاك على استهداف إسرائيل، لكن بوصلة «أنصار بيت المقدس» تغيرت لتشمل استهداف الاحتلال بجانب الأجهزة الأمنية والعسكرية المصرية.تهديدات للمواطنين ممن لم يجددوا رخص سياراتهم!
ويقدر شهود عيان تعرضوا للتفتيش على هذه «الحواجز الطيّارة» أن الهدف من الكمائن المتتابعة «القبض على جنود قوات الأمن من أفراد الجيش والشرطة أثناء عودتهم إلى مهمات عملهم قادمين من الإجازات». كما نقلوا عن بعض مسلحي الجماعة أنهم يبحثون عن «مطلوبين» لهم يعملون مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي وينقلون معلومات وأرقاماً خاصة بعناصر «أنصار بيت المقدس»، الأمر الذي سهل عملية استهدافهم عبر طائرات من دون طيار إسرائيلية قرب الحدود المصرية ووسط سيناء.
وسبق أن وجهت هذه الجماعة ضربات موجعة لقوات الجيش المصري والشرطة بعد تبنيها عدداً من العمليات؛ من بينها تفجير مدرعتين تابعتين للشرطة في قوات الأمن المركزي في رفح، وأسفر تفجير المدرعة الأولى عن مقتل عشرة جنود وضابط برتبة نقيب وإصابة آخرين، كما أسفر التفجير الثاني عن مقتل خمسة جنود وضابط برتبة ملازم أول وإصابة جنديين آخرين.
في ظل هذا الأسلوب الجديد، يشعر القاطنون هنا بأن هذه الظاهرة مؤشر خطير يوحي بنية تلك الجماعات فرض «نوع من السيطرة» على المناطق التي تقع قرب الحدود المصرية مع فلسطين المحتلة، وخاصة مدينتي الشيخ زويد ورفح، تماماً مثلما يفعل «داعش» في بعض مناطق سوريا والعراق.
من جانبها، حذرت الأجهزة الأمنية أفرادها من استخدام وسائل المواصلات العامة كالأوتوبيسات وسيارات الميكروباص عند ذهابهم إلى مقار خدمتهم شمال سيناء، مطالبة إياهم بضرورة استخدام الأوتوبيسات المخصصة لنقل الجنود ويجري تأمينها على وجه الخصوص.
وتفيد روايات شهود عيان بأن المسلحين يستقلون سيارات دفع رباعي تحمل راية سوداء، ويقتحمون أماكن تجمعات للأهالي. ويذكرون أنهم كانوا يستوقفون المارة ويطلبون منهم إبراز بطاقاتهم الشخصية، ثم يدققون في بطاقات المارين عبر الطرق الدولية والفرعية، وهو تطور نوعي في أسلوب التفتيش، ما دعاهم إلى اتهام قوات الجيش والشرطة بالتقصير وتخليها عن المهمة الأساسية في التصدي لمثل هذه الخروقات الأمنية. كما أشاروا إلى أن عناصر «أنصار بيت المقدس» يعنفون أي مواطن يبدي اعتراضه على إجراءات التوقيف والتفتيش. وأيضاً أفيد بأن المسلحين الملثمين صاروا ينصبون كمائن متحركة على طريق العريش ـ الجورة ومناطق أخرى جنوب رفح.
محمد سالم
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد