قبل 11 سنة بدأ بوش احتلال العراق
في الساعة 02:30 بتوقيت غرينتش من يوم 20 آذار العام 2003، سُمع دويّ انفجارات عنيفة في العاصمة العراقية بغداد، تحديداً بعد انقضاء 90 دقيقة على المهلة التي أعطاها الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الابن للرئيس العراقي الأسبق صدام حسين ونجليه قصي وعدي بمغادرة العراق. وبعد 45 دقيقة قال الرئيس الأميركي إنه أصدر أوامره لتوجيه "ضربة الفرصة" الذي عُلم لاحقاً أنها كانت ضربة استهدفت منزلاً كان يُعتقد بوجود صدام حسين فيه.
"الضوء الأخضر" لعملية الغزو انطلق في تلك اللحظة من قبل قوات ائتلافية شكلت القوات العسكرية الأميركية والبريطانية نسبة 98 في المئة منها. عملية تسببت بأكبر خسائر بشرية في صفوف المدنيين في تاريخ العراق، ومنحتهم ما قيل إنه فرصة للديموقراطية والتخلص من حكم ديكتاتوري.
لماذا الحرب؟
حاولت الإدارة الأميركية تجنب الضغوط بتقديم مجموعة من التبريرات لإثبات شرعية الغزو، كاستمرار حكومة صدام حسين في عدم تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالسماح للجان تفتيش الأسلحة بمزاولة أعمالها في العراق. ومن ضمن تبريرات واشنطن استمرار الحكومة العراقية بتصنيع وامتلاك أسلحة دمار شامل وعدم تعاون القيادة العراقية في تطبيق 19 قراراً للأمم المتحدة بشأن إعطاء بيانات كاملة عن ترسانتها من أسلحة الدمار الشامل. إلا أنه حتى اليوم لم يُعثر على هذه الأسلحة في العراق. واتهمت واشنطن أيضاً حكومة العراق بإقامة علاقات مع تنظيم "القاعدة" ومنظمات "إرهابية" أخرى تشكّل خطراً على أمن العالم واستقراره. وفي النهاية قالت إن الغرض الآخر من الغزو يكمن في نشر "الأفكار الديموقراطية" في منطقة الشرق الأوسط.
بعد نحو ثلاثة أسابيع من القتال سقطت الحكومة العراقية. وخوفاً من تكرار ما حدث في حرب الخليج الثانية من إشعال للنيران في حقول النفط، أحكمت القوات البريطانية سيطرتها على حقول نفط الرميلة وأم قصر والفاو بمساعدة القوات الأسترالية. وتمت السيطرة على البصرة في 27 آذار بعد تدمير 14 دبابة عراقية، فيما انهارت القوات العراقية في مدينة العمارة في محافظة ميسان في جنوب البلاد في 9 نيسان.
في هذه الأثناء، وفي إقليم كردستان في شمال البلاد، قامت مجموعة من القوات الخاصة الأميركية بإنزال بالمظلات لأن البرلمان التركي لم يسمح باستعمال الأراضي التركية لدخول العراق، وقامت هذه القوات الخاصة بإسناد من القوة الجوية الأميركية وبدعم معلوماتي من الأحزاب الكردية، بدك معاقل تنظيم "حزب أنصار الإسلام".
وليلة سقوط بغداد في 5 نيسان العام 2003، شنّت مجموعة من المدرعات الأميركية هجوماً على مطار بغداد الدولي وقوبلت هذه القوة بمقاومة شديدة من وحدات الجيش العراقي التي كانت تدافع عن المطار، وبعدد من العمليات الانتحارية ومنها عمليتان قامت بهما سيدتان عراقيتان أعلنتا عن عزمهما القيام بإحدى العمليات من على شاشة التلفاز العراقي. وفي 9 نيسان العام 2003 أعلنت القوات الأميركية بسط سيطرتها على معظم مناطق العاصمة. ونقلت شاشات التلفاز الأجنبية مشاهد لإسقاط تمثال لصدام حسين في ساحة الفردوس في بغداد.
عندها تولى القائد العسكري الأميركي تومي فرانكس قيادة العراق باعتباره القائد العام للقوات الأميركية. وفي أيار العام 2003 استقال فرانكس وأعلن في إحدى المقابلات الصحافية انه تم بالفعل دفع مبالغ لقيادات الجيش العراقي أثناء الحملة الأميركية وحصار بغداد للتخلي عن مراكزهم القيادية في الجيش.
بعد سقوط بغداد، دخلت القوات الأميركية مدينة كركوك في 10 نيسان وتكريت في 15 نيسان 2003، وأحكمت سيطرتها بالكامل على العراق.
"العراق الجديد"
بعدما أحكمت واشنطن السيطرة العسكرية على بلاد الرافدين وسط ضياع وتخاذل عربيين وشيا بحال المنطقة بعد عقد من الزمن، عيّنت الإدارة الأميركية الديبلوماسي بول بريمر حاكماً مدنياً، ليتم بعدها تشكيل مجلس حكم أقرّ بدوره دستوراً انتقالياً للبلاد، ومن ثم تسلم إياد علاوي رئاسة الحكومة وتولى غازي عجيل الياور رئاسة الجمهورية لفترة انتقالية مؤقتة. وأجريت في العراق العام 2005 أول "عملية انتخابية ديموقراطية" في تاريخ البلاد الحديث، حيث تم بموجبها اختيار 275 نائباً في البرلمان بنسبة مشاركة قاربت الـ60 في المئة، وبعدها تم اختيار إبراهيم الجعفري رئيساً للحكومة وجلال طالباني رئيساً للجمهورية ومحمود المشهداني رئيساً للبرلمان.
قادت هذه العملية السياسية الناشئة في ظل الاحتلال للعراق، إلى تقاسم هش للسلطة كان من وجوهه استغلال القوة الخارجية المهيمنة على البلاد للتركيبة الطائفية لتوزع المناصب على أساسها. رأي آخر ينقله المحلل السياسي سعد الخياط، حيث يعتبر أنه "لا يختلف اثنان على أن الأميركيين بالرغم من أنهم محتلون لكنهم غيروا نظاماً قمعياً ديكتاتورياً". ويعتقد الخياط أن نظام صدام حسين يختلف عن أنظمة الدول العربية التي شهدت ما يسمى بأحداث "الربيع العربي"، إذ انه "من المحال أن يتم اقتلاع صدام حسين عن كرسيه عبر ثورة، فهذا الديكتاتور زرع ذكريات دموية لدى سكان الجنوب العراقي بعدما سحق الانتفاضة التي تلت حرب الخليج الأولى عام 1991".
في المقابل، وبرغم تغيّر مشهد العملية السياسية في العراق اليوم نتيجة الأحداث المشار إليها، إلا أنّ الدولة العراقية عرفت نوعاً من التفتت طيلة عقد. ويأمل العراقيون في الفترة الراهنة من مسار العملية السياسية أن يتخطاها فتخرج الدولة من الواقع المأزوم الذي تعيشه وسط ارتفاع معدلات أعمال العنف، التي وللإشارة تغذيها بيئة إستراتيجية باتت هشة بالنظر إلى الواقع في سوريا وصعود الخطاب الطائفي في المنطقة صعوداً غير مسبوق. إزاء ذلك، يبقى السؤال الشرعي والبديهي الذي يُطرح اليوم بعد 11 عاماً على الغزو الأميركي، هو هل كابد العراق والعراقيون نحو عقد من العنف للا شيء؟
بعض أبرز الأحداث
19 آب 2003: تفجير انتحاري يدمّر مقر بعثة الأمم المتحدة ويقتل المبعوث الأممي سيرجيو فييرا دي ميلو.
29 آب: مقتل السيد محمد باقر الحكيم في تفجير في النجف.
13 كانون الأول: اعتقال الرئيس العراقي صدام حسين داخل حفرة في تكريت.
مطلع العام 2004: تفجر فضيحة أبو غريب بعد نشر وسائل إعلام أميركية صوراً تظهر انتهاكات واسعة بحق نزلاء السجن.
30 نيسان: هجوم أميركي واسع على الفلوجة.
30 كانون الثاني 2005: بدء الانتخابات التشريعية.
22 شباط 2006: انفجار قنبلة يلحق أضراراً بمقام الإمام العسكري في سامراء.
7 حزيران: الإعلان عن مقتل أبو مصعب الزرقاوي في ديالى.
31 كانون الأول: تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في حق صدام حسين.
16 أيلول 2007: مقتل 17 مدنياً عراقياً بينهم عائلة بنيران شركة بلاك ووتر الأمنية الأميركية في بغداد، وتحقيق أميركي لاحق يخلص إلى أن إطلاق النار لم يكن مبرراً.
7 تشرين الأول 2008: العراق والولايات المتحدة يتوصلان إلى مشروع اتفاق أمني يحدد نهاية 2011 كآخر أجل لانسحاب الجيش الأميركي.
31 كانون الثاني 2009: انتخابات محلية لإنشاء مجالس المحافظات تمر من دون أحداث عنف تذكر.
7 آذار: العراقيون يصوتون في ثاني انتخابات برلمانية.
19 نيسان: الحكومة العراقية تعلن مقتل قائد تنظيم القاعدة في العراق أبو أيوب المصري ومعه قائد "دولة العراق الإسلامية" أبو عمر البغدادي.
30 حزيران: القوات الأميركية تنهي انسحابها من مدن العراق بما فيها بغداد.
31 آب 2010: الرئيس الأميركي باراك أوباما يعلن نهاية المهام القتالية الأميركية في العراق.
21 كانون الأول: البرلمان العراقي يصدّق على حكومة جديدة برئاسة نوري المالكي.
29 آذار 2012: قمة عربية في بغداد.
15 كانون الثاني: إصابة الرئيس العراقي جلال طالباني بجلطة دماغية ونقله إلى ألمانيا.
27 تموز 2013: خروج العراق من البند السابع من ميثاق الامم المتحدة.
10 تشرين الثاني: إلغاء صفقة سلاح بين العراق وروسيا بسبب ملفات فساد.
21 كانون الثاني: هجوم عسكري واسع للجيش العراقي على تنظيم القاعدة في الأنبار بعد مقتل قائد عسكري وينتظر العراق استحقاقات عديدة في 2014 لعل أبرزها الانتخابات التشريعية الثالثة.
محمد جمال
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد