بوتين: موقفنا من الأزمة في سورية يقوم على أساس القانون الدولي
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن موقف روسيا من الأزمة في سورية يقوم على أساس المبادئ الأساسية للقانون الدولي والعقل الصائب ومنطق السلام مشيراً إلى أن روسيا استطاعت بتعاونها مع شركائها إبعاد الحرب عن سورية والتوجه نحو التوصل إلى حل سلمي للأزمة.
ولفت بوتين في رسالته السنوية للبرلمان الروسي بمناسبة الذكرى العشرين لإقرار الدستور الروسي إلى "أنه في السنوات الأخيرة كانت هناك محاولات فرض ما يسمى النموذج الأكثر تقدما للتنمية على الدول المختلفة كدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وهذا الوضع المأساوي تشكل في سورية وفي هذا الاتجاه السوري كان أمامنا الخيار المصيري إما استخدام القوة أو اتخاذ القرارات الجماعية" مبيناً أن روسيا قررت اتخاذ القرارات العقلانية التي يجب على أي دولة مسؤولة أن تعمل بها بعيداً عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "محاولات فرض الإرادة على شعوب أخرى لم تؤد إلى التقدم بل إلى التراجع".
وقال بوتين إن "موسكو لم تعرض مصالحها والاستقرار العالمي للخطر خلال إسهامها في منع التدخل العسكري في سورية" بل تمكنت حتى الآن من "تفادي التدخل العسكري الخارجي في الشؤون السورية وانتشار النزاع إلى خارج المنطقة".
واعتبر بوتين أن معالجة الأزمة في سورية والملف النووي الإيراني يؤكد عدم التوجه إلى استخدام القوة التي لا تساعد على حل القضايا الدولية موضحاً أن عملية التخلص من الأسلحة الكيميائية في سورية التي تتم تحت المراقبة تؤكد الدور الأساسي للأمم المتحدة والمجتمع الدولي مشيراً في الوقت ذاته إلى أن المجتمع الدولي حصل على خطوة كبيرة في حل ملف إيران النووي وحقها في الحصول على الطاقة النووية السلمية.
وشدد بوتين على أن أي تسوية نهائية للملف النووي الإيراني يجب أن "تضمن حق إيران في إنتاج الطاقة النووية للأغراض السلمية من جهة وأمن جميع دول المنطقة بما فيها /إسرائيل/ من جهة أخرى".
وأشار بوتين إلى أن العالم يصبح اليوم أكثر تعقدا وتنوعا ولذلك يجب على روسيا أن تدافع بصورة ثابتة عن قيمها ومبادئها ومواقفها وهي تريد احترام سيادة واستقلالية الشعوب وأصالتها مؤكداً استعداد روسيا للتعاون مع جميع الشركاء من أجل الأمن المشترك والمتوازن ولمكافحة الإرهاب من أجل الاستقرار في العالم.
ولفت بوتين إلى أن روسيا ستركز خلال فترة رئاستها في مجموعة الثماني الكبار على حل القضايا الدولية الملحة ومنها قضية تعزيز نظام عدم الانتشار والتصدي للإرهاب الدولي ومكافحة الاتجار بالمخدرات.
وأوضح بوتين أن نظام الدرع الصاروخي يبدو في النظرة الأولى أنه "دفاعي" لكن هو في الحقيقة يعتبر هجوميا ولذلك على روسيا تطوير الأسلحة الحديثة والدقيقة والذكية لتوجيه الضربات لمسافات بعيدة معتبراً أن إيران كانت "هي السبب الأساسي لنشر الدرع الصاروخية" والآن الملف النووي الإيراني ينتهي والدرع الصاروخية تبقى وستتطور في المستقبل".
وقال بوتين لقد تجلى لنا الأمر بوضوح ومفاده أن منظومة الدرع الصاروخية ليست منظومة دفاعية إلا بالاسم فقط وهي في حقيقة الأمر حلقة مهمة في سلسلة القدرات الهجومية الاستراتيجية لافتاً إلى أن الولايات المتحدة كانت على مدى فترة طويلة من الزمن تعلن أن "الهدف الرئيسي لمنظومة الدرع الصاروخية التي يتم إنشاؤها في أوروبا هو اعتراض صواريخ قد تطلقها إيران".
وأشار بوتين إلى أن لدى روسيا القدرة الكافية للرد على أي تحديات عسكرية كما لديها رؤيتها العسكرية وأن الأسلحة التي سوف تقدمها إلى قواتها المسلحة سوف تسمح لها بالدفاع والوقوف ضد كل من سوف يعتدي عليها داعيا إلى تطوير الأنظمة الدقيقة وأن تكون جاهزة لإنتاج المعدات الحربية المطلوبة في السوق العالمية وداعيا كل الدول لـ "ألا تحلم بإمكانية تحقيق التفوق العسكري على روسيا الاتحادية".
ولفت بوتين إلى أن زيادة دول أجنبية قدرة منظوماتها الذكية غير النووية مع توسيع إمكانات منظومة الدرع الصاروخية قد تلغي كل الاتفاقات الموقعة مع حلف شمال الأطلسي في مجال الحد من الأسلحة النووية الاستراتيجية وستؤدي إلى الإخلال بما يسمى بالتوازن الاستراتيجي.
وبين بوتين أن عددا من شركاء روسيا سوف يتطلب منهم أن يلحقوها في هذا المجال وتطوير الأسلحة الاستراتيجية والقواعد البحرية والبرية وأسطول الغواصات النووية والطائرات بعيدة المدى وتشكيل نظام مراقبة عال يمكن أن يعمل في الوقت الملائم لمصلحة روسيا.
وحول الوضع في أوكرانيا أوضح بوتين أن روسيا "لا تفرض شيئاً على أحد" وإنما تدعو أوكرانيا إلى عملية تكامل بدأتها مع جمهوريات الاتحاد السوفييتي سابقا وهي "عملية تقوم على مبدأ المساواة والمصالح الاقتصادية الحقيقية" مشيراًَ إلى أن أوكرانيا عبرت عن رغبتها هذه السنة وحتى قبل أن تتراجع عن توقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي مؤخرا" بحضور كل لقاءات الترويكا التي تضم روسيا وبيلاروس وكازاخستان بصفة مراقب.
ورأى بوتين أن "كثيرا من دول العالم تجري إعادة النظر إلى القيم الأخلاقية ويتم محو التقاليد والحدود بين القوميات والشعوب المختلفة ومحو الحدود بين الخير والشر" معتبرا أن مثل هذه المخالفات للتقاليد الاعتيادية من قبل السلطة لا يؤدي إلى النتائج السلبية بالنسبة للمجتمع فحسب بل يؤثر سلبيا على النظام العالمي ككل.
وأشار بوتين إلى أن الاقتصاد الروسي يدخل ضمن أكبر خمسة اقتصادات عالمية وفقا لحجم الناتج المحلي الإجمالي ولكن على الرغم من ذلك فإن انخفاض معدل إنتاجية العمل في روسيا يجعلها متخلفة عن الاقتصادات الرائدة في العالم بنحو مرتين إلى ثلاث مرات مبيناً أن تباطؤ التنمية الاقتصادية والاجتماعية في روسيا أسبابها داخلية وليست خارجية.
ودعا الرئيس الروسي إلى تحسين نوعية التعليم المهني وخلق مناخ ملائم للاستثمار وتطوير التقنيات من أجل تحسين وضع الاقتصاد الروسي وسد الفجوة بينه وبين الاقتصادات الرائدة عالميا.
يشار إلى أن دستور روسيا الاتحادية المعمول به في الوقت الحاضر هو الدستور الخامس في تاريخ الدولة الروسية والأول الذي أقر في استفتاء شعبي جرى في 12 من شهر كانون الأول عام 1993 بعد تفكك الاتحاد السوفييتي حيث ينص الدستور على أن يوجه رئيس الدولة رسالة سنوية للبرلمان حول الوضع في البلاد والاتجاهات الرئيسية للسياسة الداخلية والخارجية.
وفي عام 1994 وقع الرئيس الروسي الأسبق يوريس يلتسن مرسوما باعتبار الثاني عشر من شهر كانون الأول عيدا وطنيا وكان الرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف وقع في الثلاثين من شهر كانون الأول عام 2008 القانون الخاص بإدخال تعديلات على الدستور الروسي المتعلقة بتمديد فترة صلاحيات رئيس الدولة ومجلس الدوما وقد اعتمد القانون في مجلس الدوما في الحادي والعشرين من شهر كانون الأول وصدق عليه المجلس الفيدرالي في السادس والعشرين من شهر كانون الأول عام 2008.. وتتضمن التعديلات في القانون زيادة فترة صلاحيات رئيس الدولة من أربع سنوات إلى ست سنوات ومجلس الدوما من أربع سنوات إلى خمس سنوات.
من جهته أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن أمله في أن يؤدي المؤتمر الدولي حول سورية جنيف 2 إلى إحلال السلام وحل الأزمة في سورية داعيا "المعارضة السورية" إلى تبني موقف شجاع والقدوم إلى جنيف للمشاركة في المؤتمر.
ونقل موقع (روسيا اليوم) عن لافروف قوله للصحفيين أمس "نأمل أن يؤدي مؤتمر جنيف 2 إلى إحلال السلام وتسوية الأزمة في سورية ووقف العنف لتهيئة الظروف الضرورية لعودة المواطنين إلى بيوتهم ولتصبح سورية دولة مدنية وديمقراطية تضمن لمواطنيها حياة لائقة".
وأضاف "إن الشعب السوري هو الذي يجب أن يحل هذه القضية وليس روسيا أو الولايات المتحدة أو أوروبا أو دول الخليج".
وتابع "إن روسيا قلقة من تشتت المعارضة السورية" مؤكدا "أنه يجب أن تكون المعارضة بمختلف أطيافها ممثلة في مؤتمر جنيف 2".
كما أشار لافروف إلى أن روسيا نفذت مهمتها الخاصة بحث السلطات السورية على المشاركة في المؤتمر مضيفا إن روسيا والولايات المتحدة تعملان حاليا على تشجيع المعارضة على المشاركة في مؤتمر جنيف 2.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف أكد الثلاثاء الماضي أن "بلاده ترفض بشكل قاطع أي مبادرات حول سورية لا يجري التنسيق بشأنها مع مجلس الأمن الدولي" وقال "نحن على قناعة ثابتة بأنه لا يمكن حل القضايا الإنسانية في سورية إلا عبر إيجاد حل سياسي وعقد المؤتمر الدولي حول سورية جنيف 2"
يذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أعلن الشهر الماضي عن تحديد الثاني والعشرين من كانون الثاني المقبل موعدا لعقد المؤتمر الدولي حول سورية وقد أعلنت الحكومة السورية عن مشاركتها في المؤتمر المذكور حرصا منها على التوصل إلى حل للأزمة في البلاد.
إضافة تعليق جديد