الاقتصاد الأميركي ما بعد خطة بوش: الإعصار يهدأ ... لكن الثقة غائبة
مع إقرار الكونغرس قانون خطة الإنقاذ المالي، الجمعة الماضي، وتوقيعه من قبل الرئيس الأميركي جورج بوش في اليوم ذاته، يتساءل الكثيرون عمّا إذا كانت القروض ستتدفق مجدداً، بما يضمن تعافي الاقتصاد. لكن الخبراء يبدون تشاؤماً حيال هذه المسألة، مؤكدين أنّ الخطة تحتاج إلى إجراءات يرونها ضرورية لاستعادة الثقة.
وما يعزز الشكوك حول مدى قدرة هذا القانون على درء المخاطر، إعلان بوش، أمس الأول، أنّ الخطة ستستغرق وقتاً كي تظهر تأثيراتها على الاقتصاد، محذراً من أنّ الطــريق ما زال طويلاً، وأنّ الاقتصاد الأميركي قد يواجه تهديدات مستمرة.
ويرى الخبراء أنّ المهم كي يتاح لخطة الـ٧٠٠ مليار دولار أن تعطي بعض النتائج، هو لجم الهبوط في أسعار المنازل، وبالتالي توجيه رسالة إلى المصارف مفادها أنّ الأسوأ قد ولى، وأن بإمكانهم توفير الأموال مجدداً لطالبي القروض. وبرأيهم فإنّ تجميد الاستدانة في المرحلة الأخيرة قد جعل عملية الحصول على قرض أكثر صعوبة، لكنهم يؤكدون أنّ انعطافاً إيجابياً في أسعار المنازل سيعزز الثقة في الاقتصاد ككل، معربين عن أملهم في أن يؤدي ذلك إلى تخلي المصارف عن تحفظاتها حيال عمليات الإقراض.
ويشير المحلل الاقتصادي في مؤسسة »واتشوفيا« غاري ثاير إلى أنّ »قطاع العقارات هو المحرك الأساسي لتعافي الاقتصاد، وبالتالي فإنّ التحدي الآن يكمن في قدرته على التعامل مع عملية التعافي في المرحلة الحالية«.
لكن يبدو أنّ الأميركيين باتوا مقتنعين بأنهم باتوا أمام واقع جديد: حياة من دون قروض. وفي هذا الإطار تشير إحدى الشابات إلى أنها طلبت من أفراد عائلتها وأصدقائها إقراضها أربعة آلاف دولار لشراء منزل متنقل، لأنّ المصارف لم تعد تمنح القروض، وهو يبدو أمراً طبيعياً، خصوصاً أنّ »القروض، بحسب تعريفها، تشترط وجود الثقة... ولكن لأسباب عديدة فإنّ هذه الثقة قد فقدت«، حسبما يقول أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا وون سون.
وفيما تعهد المسؤولون الأميركيون باتخاذ الخطوات السريعة للخروج من هذا المأزق، ثمة من يشكك في النتائج البعيدة المدى لخطة الإنقاذ. وفي هذا الإطار، قال المحلل الاقتصادي في معهد »بروكنغز« روبرت ليتان لـ»السفير« إن خطة الإنقاذ »ستساعد في تفادي التدهور الاقتصادي، لكنها لن تجعل الاقتصاد بمنأى عن الركود، الذي وقع فعلاً، بحسب ما تشير الأرقام«.
من جهتها، أوضحت الصحافية الأميركية كارين ستريكلر لـ»السفير« أنّ »ما نحتاجه فعلاً للخروج من هذه الأزمة، هو إشراف دائم وطويل الأمد على المؤسسات المالية، لكن القانون الحالي لم يلحظ ذلك«. ويوافقها في الرأي ليتان، حيث يعتبر إنّ »القانون قد أقرّ الآن، لكن الجدل في أميركا سيتحول إلى تحديد طبيعة الإجراءات اللازمة كي نتجنب تكرار ما حدث«، لكنه يشدّد على أنّ هذه الإجراءات يجب ألا تكون كثيرة إلى الحد الذي »يكبح مبدأ المجازفة الحكيمة، والتي تعتبر ضرورية لأي اقتصاد كي ينمو«.
بدوره أشار الخبير الاقتصادي ماديس سينير لـ»السفير« إلى أنّ »الخطة فشلت في التعاطي مع أزمة الثقة في الأسواق، وتحديداً في النظام المصرفي«، موضحاً أنّه »من الصعب إزالة المخاوف أو احتواؤها عندما تكون أمام الحاجة لقوة دفع كبيرة، كما هو الحال اليوم«.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد