الاحتفال بعيد البصل في سويسرا
كما أن للتمور والطماطم والمانجو وحتى البيض والمخللات أعيادها, فإن للبصل عند السويسريين مهرجانه لذلك ينظمون له المعارض ويستقبلونه بالمطارف والحشايا من فرط التدليل والإعجاب.
وفي المعرض الذي افتتح أمس بالعاصمة السويسرية برن, تقاطرت جموع المواطنين بعشرات الآلاف يقلهم 20 قطارا استثنائيا و150 حافلة نقل سياحية منذ ساعات الصباح الباكر للاستمتاع بأشكال البصل المتنوعة التي تفنن المزارعون في إبداعها.
فبين البصل المجدول في ضفائر إلى البصل الذي برعت أيدي الفنانين في تحويله إلى هيئة الورد والزهر، طاف الزوار أرجاء المعرض غير آبهين بعبق الروائح التي تفوح من المكان ولا بقطرات الدمع الثخين التي تذرفها مآقيهم, فكل شيء عندهم يهون من أجله.
خمسة وخمسون طنا من البصل أحضرها أكثر من مائتي مزارع من مختلف مناطق سويسرا، احتفالا بالعيد السنوي للبصل الذي يصادف الاثنين الأخير من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني.
الاحتفالات في هذا اليوم تدور حول البصل من حساء إلى فطائر ساخنة شهية أو كعك تمتزج به الجبنة السويسرية مع البصل في حضور مشروبات مختلفة، وأجواء من المرح تملأ شوارع قلب العاصمة السويسرية. أما الصغار، الذين يحصلون على عطلة استثنائية من المدارس بهذه المناسبة، فلهم ألعابهم الخاصة أهمها التراشق بقصاصات الورق الملونة.
أجواء السياسة والاقتصاد كانت أيضا حاضرة في المناسبة، فارتفاع أسعار المحاصيل هذه السنة برره الفلاحون بزيادة أسعار النقل بسبب ارتفاع النفط وارتفاع نفقات العناية بالمحصول بسبب سوء الأحوال الجوية في الصيف وأمطاره الغزيرة هذا العام، ليكتفي الفلاحون هذا الموسم بجني حوالي 12 طنا من محصول البصل في حين أن معدل الإنتاج المتعارف عليه يمكن أن يصل إلى 60 طنا في العام.
ومن سمات مهرجان هذا العام الاهتمام الذي أبداه المنظمون بالبيئة. فعلى عكس السنوات السابقة لم يستخدم السوق أكوابا للمشروبات للاستعمال مرة واحدة، بل سعى القائمون عليه لتجنيب البيئة كمية كبيرة من النفايات البلاستيكية، وهو ما راق للعديد من الزوار وشجعوا مثل تلك التوجهات.
أصول هذا الاحتفال غير معروفة بالتحديد، فبعض المؤرخين يقولون إنه بدأ مع مطلع القرن الخامس عشر هدية من مقاطعة برن لمزارعي مقاطعات الجوار لتسويق منتجاتهم الزراعية.ويعتقد آخرون أن السوق بشكله الحالي يعود إلى القرن التاسع عشر لترويج المنتجات الزراعية بشكل عام في سوق كبيرة كانت -بحسب رأي بعض المؤرخين- تتواصل لمدة أسبوعين لعرض محاصيل الخضروات والفواكه ومنتجاتها القابلة للتخزين في الشتاء.
ومهما اختلفت التأويلات، فإن هذا السوق أصبح عيدا سنويا للبصل يترقبه الجميع ويحرص السويسريون وبعض من دول الجوار على الحضور والمشاركة فيه.
ومن لا يحب البصل فسيجد منتجات أخرى تروقه، ومن لا يهوى الشراء فسيجد في متابعة مظاهر الاحتفال ما يروح به عن نفسه.
تامر أبو العينين
المصدر: الجزيرة
إضافة تعليق جديد