البيت الأبيض يدافع عن كاتب خطابات بوش ضد حملة غيرة شخصية
يوصف بأنه افضل كاتب خطابات في البيت الابيض منذ ثيودور سورنسو، في عهد الرئيس الراحل كينيدي، وانه ملهم اشهر عبارات الرئيس الأميركي جورج بوش، والضمير الاخلاقي للجناح الغربي في البيت الابيض. ولكن مايكل غيرسون متهم الان من زميل سابق، بمسؤوليته عن كلمات وعبارات لم يكتبها.
فطبقا لماثيو سكالي، الذي عمل معه لمدة خمس سنوات، فإن غيرسون ليس شاعر عالم بوش ولكنه «بارع في الترويج النفسي» ومذنب «بالغرور الغبي». وطبقا لرواية سكالي فإن غيرسون لم يبتدع العبارات التي جعلته شهيرا. واوضح سكالي «عبارات قليلة معروفة هي التي كتبها مايك، بل انه ليس صاحب أي عبارة على الاطلاق بعد خطاب 11 سبتمبر ولا حتى عبارة محور الشر».
وقد اثار هجوم سكالي الحاد على واحد من اهم واشهر مستشاري الرئيس السابقين في العدد الجديد من «اتلانتيك» حملة من البيت الابيض، حيث اندفع عدد من كبار مساعدي بوش للدفاع عن غيرسون، باعتباره ضحية لغيرة واحد من مساعديه. ولكن الخلاف ربما يؤدي الى شيء اكبر من كرامة التأليف. فهجوم سكالي الواقع في عشر صفحات يمثل نوعية الشائعات التي كانت نادرة في ادارة معروفة بالإخلاص والالتزام.
وفي الوقت الذي يقترب فيها بوش من الشهور الاخيرة من رئاسة تعاني من المتاعب في الداخل والخارج، فإن عددا من المقربين انقلبوا على سياسات او اشخاص كانوا يؤيدونها. فماثيو دوود استراتيجي حملة اعادة انتخاب بوش قد تخلى عنه. وجون بولتون سفيره السابق لدى الامم المتحدة يقود حملة ضد قرارات اساسية في مجال السياسة الخارجية. وادان كينيث اديلمان، وهو صديق مقرب من نائب الرئيس ديك تشيني، انتقد ما وصفه بأسوأ ادارة في الازمنة المعاصرة. ويستهدف سكالي بتركيزه على غيرسون مثل هذه الشخصية النادرة التي تركت خدمة بوش وسمعتها جيدة. وكان غيرسون قد خدم ككاتب رئيسي لخطابات بوش منذ الايام الاولى لحملة بوش في عام 1999، ثم بعد ذلك كمستشار، وقد ترك خدمة البيت الابيض في العام الماضي. وكان يعتبر، ليس فقط صائغ عبارات، بل حامل راية سياسات «المحافظين العطوفين» مثل مكافحة الايدز والفقر والتطهير العرقي في افريقيا.
وقد حصل بسبب شهرته على منحة في مجلس العلاقات الخارجية، وعمود في صحيفة «واشنطن بوست» وموقع ثابت في «نيوزويك» وعقد لوضع كتاب عن مستقبل الفكر المحافظ. الا ان سكالي يقول انها صورة تعززها موهبة لا تتوقف للتروي الذاتي التي تتجاهل مساهمات اثنين من الذي شاركوا في كتابه الرسائل: سكالي نفسه وجون ماكونيل.
واوضح سكالي «ان الرواية التي قدمها مايك غيرسون للعالم هي رواية من المبالغات الكاذبة». واضاف «انه قدم لنا طوال ست سنوات باعتباره الملهم العظيم والاستثناء المثالي للبيت الابيض في عهد بوش. وفي الواقع، فإن سلوك مايك هو اكثر السلوكيات اعتيادا واحباطا في الروايات الخارجة من واشنطن ـ تاريخ من السعي الذاتي والتحكم في وسائل الاعلام».
وقد عبر غيرسون، في حديث هاتفي، عن صدمته على تصويره بهذا الشكل ونفى ادعاء مسؤولية اعمال كتبها سكالي وماكونيل. وكان صوته مشحونا بالعاطفة. وذكر «الاهداء في كتابي كان لمات سكالي وجون ماكونيل، ووصفتهما بأنهما افضل كتاب وافضل الرجال». وكان يشير الى كتابه «المحافظة البطولية»، المتوقع نشره في شهر سبتمبر. و«لذا عليك تخيل كيف اشعر. اشعر بالقرف من ذلك. امر في غاية الصعوبة».
واوضح غيرسون وهو رجل متدين للغاية يبدو بالنسبة للاخرين رجلا هادئا بل وخجولا بعض الاحيان، انه لم يسع للدعاية وليس مسؤولا عن الطريقة التي قدمته بها وكالات الانباء. وقال «لم اكن هناك اتطلع للاهتمام. كانت عبارات الرئيس، وكنت كاتب الخطابات الرئيسي».
وفي مقابلة منفصلة يوم الجمعة قال سكالي انه وجد الكثير من صفات الاعجاب بخصوص غيرسون، وامتدح الطاقة الثقافية والقدرة على العمل والالتزام الذي يأتي به لهذه المهمة. وقال سكالي اود ان اعتبره صديقا. وكل هذه المحاولات هي وضع الامور في نصابها الصحيح. فسنة بعد الاخرى، عندما ترى روايات كاذبة عن تلك الاحداث، تشعر برغبة طبيعية لتصحيحها.
واشار سكالي، وهو كاتب خطابات سابق لنائب الرئيس دان كويل والسناتور روبرت دول، عمل في ادارة بوش في الفترة بين عامي 1999 حتى عامي 2004، الى عديد من الروايات الاعلامية، من بينها روايات في «واشنطن بوست» وفي كتاب لبوب وودوارد الصحافي في «واشنطن بوست»، تنسب الى غيرسون مسؤولية كتابة الكثير من العبارات الشهيرة التي نطقها بوش في اعقاب هجمات 11 سبتمبر الارهابية، مثل «هذا النزاع بدأ بتوقيت وشروط الاخرين. وسأنهيه بطريقة وفي توقيت من اختيارنا». ويقول سكالي ان غيرسون لم يكتب هذه العبارات، وانه أي غيرسون كتب «في افضل الاحوال ثلث» اشهر خطابات لبوش بعد الهجمات الارهابية.
وقد كتب معظم الخطابات بالتعاون بين الكتاب الثلاثة في مكتب ماكونيل، ولكن سكالي ذكر ان غيرسون اصدر اوامره له بعدم وضع اسمه او اسم ماكونيل على مسودة خطاب سيرسل بالبريد الالكتروني الى موظف كبير في البيت الابيض، لأنهم «لا يعرفون انكما شاركتما في اعداده». وقد وضع غيرسون اسم الاثنين في النص النهائي طبقا لما ذكره سكالي.
وقال سكالي ان غيرسون ذكر له ذات مرة «اعتقد انهم ينظرون الى كتاباتي مثل الصيني الفاخر، يجب استخدامه في المناسبات الخاصة».
كما ان لدى غيرسون طريقة لجعل نفسه معروفا في روايات الاحداث المهمة. فسكالي يتذكر ان بوش قال لمساعديه في 13 سبتمبر 2001 «نحن في حالة حرب». ولكن وصف الموقف في صحيفة «واشنطن بوست» تحول الى «مايك نحن في حالة حرب». وبالمثل ففي الوقت الذي اعد فيه سكالي وماكونيل خطاب حالة الاتحاد، اختفى غيرسون في مقهى لالتقاط صور له مدعيا انه صاغ الخطاب. وقال سكالي ان اسلوب العظمة هذا يعرف في الجناح الغربي من البيت الابيض بـ«اداء غيرسون».
وقال غيرسون يوم الجمعة «لا اتذكر بعض هذه الامثلة». وقال انه ذهب للمقهى بناء على طلب من تلفزيون ان بي سي، الذي صور العديد من العاملين في البيت الابيض وهم يؤدون عملهم. والاكثر من ذلك قال غيرسون ان سكالي لم يشك اليه. واوضح «لم يأت الي على الاطلاق وواجهني بخصوص ذلك. اعتقد ان لديه بعض المشاكل بعد ظهور بعض النبذ عني، ولكن لم تكن لدي أية فكرة عن عمق القلق».
وقد ادت مقالة سكالي الى حملة مضادة من حلفاء غيرسون. فبيتر ونر وهو مدير سابق للمبادرات الاستراتيجية عمل عن قرب مع غيرسون، بعث برسالة دفاعا عن صديقه في موقع «ناشونال ريفيو»، واشار الى عدة امثلة عندما وضع غيرسون اسمي سكالي وماكونيل على الخطابات. كما اشار ايضا الى عدة فقرات من كتاب غيرسون القادم يمتدح فيها الكاتبين. وقال ونر عبر الهاتف «فكرة مايك كمتطلع للشهرة ومدع للمجد ووحش لا تتطابق مع الواقع».
كما اتصل كل من كبير هيئة موظفي البيض الابيض جوشوا بولتين ونائبه كارل روف بالصحيفة من نفسيهما لتقديم شهادة لصالح غيرسون. وقال روف «في كل تعاملاتي مع فريق كتابة الخطب، شاهدت مجموعة متماسكة من الاصدقاء يقومون بعمل رائع معا، وكان مايك غيرسون واحدا من الذين يلفتون الانتباه الى مساهمات ومواهب زملائه».
اما بولتون فقد قال ان الجميع في البيت الابيض يفهمون ان كتابة الخطب هي عمل جماعي. ولكنه اشار الى ان دور مايك «مختلف بعض الشيء عن الشخصين الاخرين. لشيء واحد فقد كان هو رئيس الفريق، ولذا يعتبر دوره له اهمية اكبر.. وكان دور مايك مميزا وقويا بصفة خاصة لانه كان يخدم كمستشار للرئيس ايضا».
ولم يرد ماكونيل على الاتصالات الهاتفية ولا على الرسائل الالكترونية.
بيتر بيكر
خدمة «واشنطن بوست»
المصدر: الشرق الأوسط
إضافة تعليق جديد