حبوب حماة: المؤسسة ترفض استلام المتعفن والتجار يشترون ببلاش
يبدو أن الأمطار الغزيرة التي هطلت في منتصف الشهر الماضي.. قد تركت آثاراً سلبية كبيرة على محصول القمح في عدد من المحافظات وخاصة المروي منه.. والذي كان في طور النضج أي في مرحلة الفريك وقد بدت هذه الآثار جلية حتى الآن على الأقل في محافظات حماة وإدلب وحلب والحسكة.
مرة أخرى لم تنطبق حسابات الحقل على حسابات البيدر.. وموسم هذا العام للقمح جاء مخيباً للآمال بكل ما تعنيه هذه الكلمة.. إذ بعد يوم واحد من بدء استلام هذا المحصول بتاريخ 2/6/2007 تبين لمطاحن وصوامع محافظة حماة وغيرها من المحافظات.. إصابة بعض الكميات الموردة إليها بفطور التعفن من أجناس متعددة وبنسب تزيد عن الحد المسموح به عالمياً ما دفعها إلى الطلب بوقف أي كميات كان من المقرر استجرارها لأن أي زيادة في هذه النسبة التي يجب أن لا تتجاوز واحداً أو اثنين بالألف.. يؤثر على نوعية الدقيق وبالتالي على صلاحيته للاستهلاك البشري.
كان هذا الطلب الذي تقدمت به المطاحن والصوامع بمثابة صوت قوي مؤثر سرعان ما تردد صداه في مختلف الأرجاء, وخاصة في مكاتب الحبوب ومراكزها وفي الحقول والمزارع وقلوب الفلاحين الذين راحوا يترددون على مراكز التسليم ليطلعوا على آخر المستجدات التي تمثلت في الفاكس السريع والعاجل الذي سطرته المؤسسة العامة لتجارة وتصنيع الحبوب بتاريخ 12/6/2007 والذي يشكل إضافة عقبة أخرى أمام تسليم المحصول الذي ينص على مايلي:(إن الأقماح التي يتلون فيها رأس الحبة باللون الأسود أوالبني المسود وينتشر من الرأس إلى مناطق أخرى من الحبة, وحسب الإصابة هي أقماح مصابة بفطور الألتباريا وكلادوسبوريوم.. وهي من فطور التعفن التي تبين نتيجة لزراعة هذه الفطور وينطبق عليها مفهوم التلوث والتعفن في قرارات الشراء لموسم 2007 وطالب الفاكس هذه المراكز بالتقيد تحت طائلة المسؤولية).
في مركز محردة في محافظة حماة, وفي وقت الذروة.. كان عدد الفلاحين كبيراً.. بينما كان عدد الجرارات لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.. والذي كان يتجاوز في مثل هذه الأيام 300 جرار كما كان عدد سائقي الشاحنات ملحوظاً.. والكل مع العاملين في المركز كان يبحث عن حلٍ..
الفلاحون قالوا: لا حيلة لنا فيما حصل.. ولا قدرة لنا على ما يأتي من السماء, وعلى الدولة أن تتحمل نتائج هذه الظاهرة التي طالما تكررت في السنوات الماضية ولكن بنسب أقل.
سائقو الشاحنات التي طلب من بعضهم تفريغها بعد أن توقفت الصوامع والمطاحن عن الاستجرار.. قالوا ما ذنبنا.. وكيف لنا أن نحصل على أجورنا.
العاملون في مركز الحبوب: قالوا: في البداية استلمنا أكثر من 4000 طن بنسب إصابة لا تتجاوز واحداً بالألف.. رفعت فيما بعد إلى خمسة بالألف ولكن معظم الكميات الواردة إلينا تتجاوز نسبة الإصابة فيها الآن هذه النسبة.. كما أن نسبة الحقول المصابة قد تتجاوز 70%.
عمليات الحصاد والتوريد إلى مكاتب الحبوب شبه متوقفة والمنتجون يعيشون حالة من القلق والتوتر والانتظار ويسألون كل من يفيدهم سؤاله: أين الحل.. وكيف لنا أن ننام أو نأكل ونحن نرى حقولنا تذوي, معرضة لكل عوامل الطبيعة من رياح وحرائق وغيرها أمام عيوننا.. وكل الناس والجهات ليس لهم إلا حديث القمح والمكاتب والمطاحن والصوامع؟ والجواب الوحيد الذي يسمعه الجميع حتى الآن والذي جاءنا على لسان سمير الجمال رئيس فرع حماة لتجارة وتصنيع الحبوب.. هو أن الأمر يدرس على أعلى المستويات من قبل لجان مختصة..ستقرر بالسرعة الكلية الآلية التي سيتم من خلالها استلام هذه الكميات المصابة ومعالجة أوضاع أصحابها.. وهي كميات كانت تقدر بحوالي 275 ألف طن من أصل 380 ألف طن هي الكميات المقدرة لإنتاج المحافظة من القمح. في حين سمعنا أن النية تتجه إلى استلام كامل المحصول بالسعر الرسمي وتسليم الكميات المصابة إلى مؤسسة الأعلاف. على أن تقوم الحكومة بتسديد الفروق بين السعرين العلفي والرسمي.
لدى تجوالنا في مناطق متعددة من أنحاء محافظة حماة. وجدنا مراكز كثيرة لشراء الحبوب منتشرة في عدد من القرى.. يقوم من خلالها التجار بشراء القمح مباشرة من المنتجين ولكن بأسعار تقل بحدود ليرتين عن السعر الرسمي.. وتقوم شاحنات كبيرة بتحميلها وشحنها إلى جهات مجهولة.. كما علمنا أن المطاحن الخاصة تقوم بشراء كميات كبيرة من الأقماح المرفوضة في مكاتب الحبوب..
فكيف نفسر هذا الأمر.. وهل في الحكاية (إن) وإذا كان هذا القمح لن يخرج من حدود بلادنا وسيتم استهلاكه محلياً. فكيف يتجرأ التجار على شرائه وتخزينه أونقله إلى جهات مجهولة.. وهل ستجد بعد ذلك كميات من هذه الأقماح المخالفة طريقها إلى مكاتب الحبوب.. بعد أن تكون الفأس قد وقعت في رؤوس الفلاحين وباعوا محاصيلهم بالأسعار المتاحة..
سؤال برسم الجهات المسؤولة التي نتمنى ألا تتأخر معالجتها لهذه القضية الوطنية الهامة.
محمد المصطفى
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد