انتقادات حادة من «الشعب» للحكومة.. وخميس يرد
استحوذ الوضع المعيشي وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية وملف المشتقات النفطية على معظم مداخلات نواب مجلس الشعب فأعرب العديد منهم عن امتعاضه من أداء بعض أجهزة الحكومة وخصوصاً فيما يتعلق بالتصريحات المتضاربة الصادرة عن بعض المسؤولين في بعض الوزارات مثل التجارة الداخلية والنفط.وافتتح رئيس المجلس حمودة الصباغ الدورة العاشرة بحضور الفريق الحكومي برئاسة عماد خميس بقوله: أشدد على التعاون الكامل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في خدمة الوطن، مضيفاً: كلا السلطتين موجودتان لخدمة الشعب والوطن والقضية الواحدة.
وأضاف الصباغ: نتطلع اليوم بلقائنا مع الحكومة في افتتاح هذه الدورة لتكون هذه الجلسة غنية ومفيدة تواكب متطلبات شعبنا وطموحاته في مجلسه وحكومته.وهنأ الصباغ الشعب السوري بالمناسبات التي مرت على البلاد مروراً بعيد العمال ومن ثم الشهداء وعيد الفصح وشهر رمضان المبارك:
خميس يستعرض
وبدأ رئيس مجلس الوزراء عماد خميس استعراضه لأداء الحكومة خلال الأشهر الماضية بالعقوبات الاقتصادية الجائرة التي تتعرض لها البلاد, وخصوصاً فيما يتعلق بملف النفط، واصفاً إياه بالملف المعقد جداً خصوصاً بعد أن توقفت الإمدادات من الدول الصديقة من سبعة أشهر.
وأضاف خميس استطاعت الدولة السورية أن تتجاوز الصعوبات في الأشهر الماضية ولو بشكل نسبي إلا أن الملف مفتوح طالما الحرب لم تتوقف وهو معرض للارتفاع والانخفاض، مشيراً إلى أن الدولة بكل مؤسساتها تعمل على تذليل الصعوبات التي فرضت أمام هذا الملف.
وأكد خميس أن الوضع حالياً أفضل فيما يتعلق بالبنزين والغاز لكن ليس بالاستقرار النهائي، لافتاً أن الدول التي تفرض حصارها على سورية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية لن تستطع أن تقطع المشتقات النفطية عن سورية.وأشار خميس إلى أن العقوبات مفروضة على سورية منذ عام 2011 إلا أنه اشتد تطبيقها وتنوعت أدواتها منذ ستة أشهر التزامن مع الملف الأميركي ولذلك هي الأشرس باعتبار أنها تناولت ملفات عديدة استهدفت لقمة المواطن.
وكشف خميس أن الحكومة تحتاج إلى 350 مليون دولار شهرياً لتأمين ضروريات القمح ومتطلبات النفط والدواء وغيرها، موضحاً في ظل الموارد الحالية هذا المبلغ صعب تأمينه وبكل تأكيد وهناك اجتهاد نوعي لمؤسسات الدولة لتأمينها ولن تتوقف عن ذلك.
وأكد خميس أنه تم تخصيص مبلغ 90 مليون يورو لشراء الأدوية التي لا تصنع محلياً، لافتاً إلى أنه في العامين الماضيين أطلقت الحكومة مشاريع في المحافظات كانت خارجة عن الخطة الاستثمارية من خلال الحديث مع أبناء المحافظات والقائمين عليها فكان لا بد لهذه المشاريع أن تتحرك فمنها ما هو مدروس سابقاً وأخرى تمت دراستها في الفترة التي أطلقت فيها وعددها 266 مشروعاً أنجز منها 109 مشاريع.وأوضح خميس أن نسبة المشاريع المشار إليها والتي لم تنجز ما بين 30 إلى 90 بالمئة، مؤكداً أن معظمها كانت زيادة عن لجنة إعادة الإعمار إلا أنها ضرورة وتحتاج مبلغ ما بين 180 إلى 200 مليار ليرة لاستكمالها خلال العام الحالي والقادم مثل مشاريع السدود والطرق وهي تنموية وخدمية ووضعها في الخدمة يعزز العملية التنموية.
ولفت خميس إلى أن القطاع الصناعي من أولويات الحكومة بعد متطلبات ضروريات الجيش والقمح والنفط والدواء، مضيفاً استطعنا تشغيل 20 خطاً كانت متوقفة في القطاع العام في حين تم تشغيل 75 ألف منشأة في القطاع الخاص..
وفيما يتعلق بالقطاع الزراعي أكد خميس أن مشاريع الري كلف عشرات المليارات لافتاً إلى أنه تم تخصيص مبالغ مفتوحة لوزارة الموارد المائية لإنجاز مشاريع الري.وأعلن خميس عن عودة 800 ألف هكتار للعمل الزراعي، معتبراً أن العام الحالي كان مميزاً بنسبة الأمطار الجيدة هذا ما يبشر بالخير في الموسم الحالي.
وكشف خميس أن هناك اجتماعاً في الأسبوع القادم لخطة تسويق المنتجات الزراعية وهذا سيكون نوعياً لعمل الحكومة في الاعتماد على الذات في ظل الحصار الاقتصادي على سورية.
ولفت خميس إلى أن وزارة الاقتصاد بدأت بإحلال المستوردات وهناك 11 مادة قيد التنفيذ وهي من ضمن السياسة العامة في الاعتماد على الذات.وأكد خميس أنه يتم العمل مع الدول الصديقة لتكثيف المشاريع والتعاون بشكل كثيف ودقيق وفعال.
وفيما يتعلق بموضوع الكهرباء أكد خميس أن استطاعة التوليد ارتفعت من بداية عام 2017 إلى الآن من 2200 ميغا إلى 4 آلاف ميغا وانخفضت ساعات التقنين من 18 إلى 8 ساعات وأحياناً إلى 4 ساعات إضافة إلى عودة قسم كبير من الطاقة إلى المناطق المحررة وتزويدها بالكهرباء بشكل نسبي.
وأرجع خميس تحسن الوضع الكهربائي إلى رفع إنتاج الغاز من 6 إلى 15 مليون م3 يومياً وهذا ما كلف الحكومة 290 مليار ليرة في العامين الماضيين كانت في مصلحة الكهرباء.
وأشار خميس إلى أن الحكومة أنفقت على المشاريع نحو 140 مليار لمحطات ومراكز تحويل وخطوط نقل الطاقة وأنه تم تأهيل 600 كم بخطوط توتر 400 إضافة إلى وضع ألفي مركز تحويل بالخدمة.
وأكد خميس أن هناك مشروعين حيويين لتوليد الطاقة الكهربائية قيمة كل منهما 750 مليون دولار وهما إنشاء محطتين توليد في الدير علي مشيراً إلى مشروع مع شركة هندية بقيمة 400 مليون دولار وأن الخبراء الهنود بدؤوا أمس بزيارة إلى المشروع، الذي يولد ألفي ميغا.
وأكد خميس أنه رغم شدة الحصار الذي سخرت له القوى المعادية وعلى رأسها الإدارة الأميركية كل جهودها وقواها فإن الحكومة حافظت على سياستها التي تبنتها منذ تشريعها مع تغيير في آليات وطرق تنفيذها.. مضيفاً: هذه السياسات القائمة على توفير كل مقومات تنشيط العملية الإنتاجية للبلاد لتوسيع مظلة السلع المنتجة محلياً كماً ونوعاً إضافة إلى تطوير البيئة التشريعية والإدارية والفنية لمختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية.
وأكد خميس أن سورية صمدت بفخر وإباء واستطاعت أن تكسر طوق الحصار وتتغلب على كل الصعوبات والمشاكل.
نواب ينتقدون ويمتعضون
لم تخل العديد من مداخلات النواب من اللهجة الحادة تجاه الحكومة فأعرب العديد منهم عن امتعاضهم واستيائهم من الأداء الحكومي وخصوصاً فيما يتعلق بإطلاق الوعود من الحكومة والتي لم تنفذ.
وقال النائب آلان بكر: دائماً الحكومة تتحدث عن الأولويات وهذا الكلام صحيح ودقيق إلا أنه أين كانت هذه الأولويات في عز أزمة المحروقات؟ هل كانت في كراج البولمان في القابون أم في البسطات في جرمانا؟
وأضاف بكر: لماذا نخاف من الشفافية مع المواطن؟ مشيراً إلى أن الحكومة وعدت بـ84 مليار ليرة لحلب، فليس السؤال: أين ذهبت هذه الأموال؟ لكن لماذا لا نكون صريحين مع المواطن؟ فحينما يسمع بهذا المبلغ فإنه بكل تأكيد يعلم أن الحكومة لديها القدرة على تأمينه.
وقال النائب وليد درويش: بصفتي عضواً في مجلس الشعب أنقل إلى رئيس مجلس الوزراء امتعاضي من أداء جزء كبير من الفريق الحكومي، مضيفاً: الكل في سورية متفق على أن هناك حصاراً وعقوبات مفروضة من أميركا والغرب إلا أني أحمل جزءاً أيضاً لما حصل في أزمة البنزين إلى التصريحات المتضاربة.
وأضاف درويش: حقيقة استغرب أن تخرج هكذا تصريحات من أعضاء الفريق الحكومي، ضارباً مثلاً هناك تصريحات تقول «إن منشوراً تسبب في هذه الأزمة ومن ثم بعد فترة تقول: هناك حصار منذ ستة أشهر، وتبعا لذلك لماذا لم يتم اتخاذ هذه الإجراءات تدريجياً ولماذا لا يكون هناك شفافية لاحترام عقول المواطن».ورأى زميله عمار الأسد أن المواطن بدأ يفقد الثقة وهذا الأمر لا يسعد الحكومة، مشيراً إلى أن الجميع يدرك الحصار الاقتصادي وبكل تأكيد هذا الشعب صمد فقدم أغلى ما لديه وهو النفس، مضيفاً: من الطبيعي أن تعمل الحكومة لتعزيز ثقة المواطنين.
ودعا النائب معين نصر إلى تأجيل العمل بالبطاقة الذكية حتى تتوفر المادة، مضيفاً: لم نلمس شيئاً من ذكاء تلك البطاقة بينما رأى زميله مجيب الرحمن الدندف أنه من المستغرب مع الإنجازات الكبيرة للجيش بدءاً من تحرير الغوطة مروراً بالوصول إلى حدود الأردن وفلسطين ارتفاع الدولار من 430 إلى 570 ليرة متسائلاً عن الأسباب رغم أن العقوبات مفروضة من 2011 وهي ليست جديدة.
وقال النائب جمال يوسف: بعض الوزراء يدلون في تصريحات تحت قبة المجلس ولثقتنا بهم ننقل تصريحاتهم للمواطنين إلا أننا نتفاجأ بعدم الإيفاء بهذه الوعود، مضيفاً: أتمنى ألا يدلي الوزراء بتصريحات غير قادرين على الإيفاء بها رغم أن هناك من أوفى بوعده.
واعتبر يوسف أن رفع الدعم عن البنزين خطوة جيدة جداً إلا أنها متأخرة، مضيفا: طالبت به سابقاً مقابل زيادة الرواتب 100 بالمئة بعد إجراء دراسة عن الموضوع.وأكد زميله سمير الخطيب أن هناك مشكلة في الهدر والفساد معتبراً أن اتخاذ الحكومة لقرارات تؤدي إلى الهدر مشكلة كبيرة جداً، ضارباً مثلاً موضوع العقود بالتراضي الذي لم يعد ينفذ منها شيء وأكبر عقد ينفذ منه 50 بالمئة.
وأشار خطيب إلى موضوع الشفافية بأن تكون الحكومة شفافة مع أعضاء المجلس على الأقل إذا كانت غير قادرة بأن تكون شفافة مع المواطنين. مضيفاً: نسأل عن موضوع معين فلا نملك جوابه عنه.
ودعا النائب وائل الملحم إلى إيجاد حلول لدخل المواطن.مضيفاً: نعلم أن هناك حصاراً إلا أنه حينما نشاهد محافظاً معه 10 سيارات مصروفها 5 آلاف لتر شهرياً كيف يمكن أن أقول إنه لا يوجد هدر، معتبراً أن المواطن تعبان ومن ثم يحتاج إلى تحسين دخله.
وأشار سامر شيحة إلى عدم رضا شريحة كبيرة من المواطنين على الأداء الحكومي وخصوصاً فيما يتعلق بموضوع تنفيذ الوعود بتحسين المعيشة إضافة إلى الارتفاع الجنوني للسلع والمواد الأساسية وفرق سعر الصرف بين المصرف المركزي والسوق السوداء.
وقال زميله سمير إسماعيل: ألم تسأل الحكومة نفسها كيف يعيش المواطن إذا كان أحسن راتب لا يصل إلى ألفي ليرة يومياً ومن ثم فإن الراتب لا يكفي.وتساءل النائب محمد خير العكام عن الحقيقة المتعلقة بزيادة الرواتب وعن مشروعي قانوني مكافحة الإرهاب والاستثمار مضيفاً: كيف تستطيع الحكومة ردم الهوة بين سعر الصرف في المركزي والسوق السوداء.
وتنوعت المداخلات بين النواب والتي شملت الكثير من الأمور الخدمية منها تسويق الحبوب وغيرها من المنتجات الزراعية والأمور الخدمية الأخرى.
خميس يرد
ورد خميس على مداخلات النواب فبدأ حديثه عن تسويق الحبوب، كاشفاً أنه سيتم تخصيص 400 مليار ليرة في حال تم تسويق للكمية المتوقعة وهي 2٫7 مليون طن وأن المصرف المركزي أعرب عن استعداده لتأمين المبلغ.
وأعلن خميس أنه سيكون في محافظة الحسكة مراكز متحركة تستلم الحبوب في النهار وتنقله في الليل إلى المكانين الرئيسين، كاشفاً أنه سيكون هناك مراكز في المناطق التي فيها بعض الفصائل الانفصالية بالتنسيق مع اللجنة الأمنية.
وأكد خميس أن التسويق هذا العام سيكون أفضل من الأعوام الماضية متوقعاً أن تكون الكميات المستلمة أضعاف مضاعفة نتيجة الإجراءات التي اتخذتها الدولة.وأشار خميس إلى أنه سيتم تخصيص دوريات تقف على المعابر لدعم السيارات التي تنقل الحبوب من أماكن بعيدة إلى المناطق الآمنة.
ورداً على موضوع انتقاد أداء الحكومة اعتبر خميس أنه لا يوجد شيء كامل إلا أن الحكومة تقوم بجهد كبير، مضيفا: وتطور أداء الحكومة يلاحظه كل إنسان يقرأ صح.وفيما يتعلق بموضوع الشفافية أكد خميس أنه سيكون هناك فترة تدريب في الأيام القادمة للمكاتب الإعلامية حول المعلومات التي تصدر عن المكتب الصحفي في الوزارة بشكل شفاف وواضح سواء كانت استباقية أم أثناء وقوعها أو رد على موضوع إعلامي مطروح في وسائل التواصل الاجتماعي أم غيرها.
وفيما يتعلق بموضوع الرواتب أكد خميس أنه بكل تأكيد أن الدخل سيتحسن وأي إجراء حول زيادة الرواتب والدعم لن يكون إلا بالاتجاه الصحيح باعتبار أن الموضوع حساس جداً.
وأضاف خميس: أعلم أن محدودية الرواتب معاناة وكذلك غلاء الأسعار إلا أنه اليوم إذا توسعنا أكثر نجد أن معاناة السوريين لم تقتصر على الراتب فقط بل معاناته الممتدة من جرح الوطن وتمر في معاناته اليومية في النقل والكهرباء والطاقة أو التعليم وغيرها كلها تؤثر على واقع المواطن.
وأكد خميس أن البعض ينظر أن إنقاذ المواطن في زيادة الرواتب. مضيفاً: هذا الملف موجود على طاولة الحكومة منذ اليوم الأول في مد وجزر في هذا الملف والمتغيرات المفروضة علينا.
وأضاف خميس: إذا ميزنا بالأولويات مثل إذا طورنا النقل الداخلي لإراحة المواطن وكذلك لتعزيز الكهرباء وبذلك صرف المبالغ لإعادة الكهرباء والمدارس تريح المواطن فأولويات الدولة تذليل الصعوبات التي تواجه المواطن متسائلاً هل يتم البدء بزيادة الرواتب ويتم نسيان الخدمات التي يتنعم بها المواطن.
وأكد خميس لا يوجد حكومة في العالم لا تتمنى أن يكون هناك زيادة حقيقية على الرواتب.
وأشار خميس إلى موضوع الجامعات مؤكداً أن هناك اهتماماً كبيراً بالجامعات الحكومية والخاصة وأن لجنة التنمية البشرية في مجلس الوزراء اهتمت بالتفاصيل بتطوير الجامعات.
وكشف خميس أن هناك برنامجاً وضعته وزارة التعليم العالي لتطوير المناهج سواء في المناهج والساعات أم ببرامج الدوام.
لقطات في الجلسة
قال النائب فراس السلوم: نسمع منذ عام 2007 مجلس الشعب والحكومة في خندق نعم هم في خندق واحد لكن ضد الشعب، مما دفع رئيس المجلس إلى شطب العبارة من محضر الجلسة، فأجابه السلوم: «بزعل منك» فرد عليه الصباغ « إزعال نحن مع الشعب» كما رد عليه خميس طالباً منه أن يأتي بموضوع وقفت فيه الحكومة ضد الشعب.
قال رئيس مجلس الوزراء عماد خميس للنائب معين نصر: « بيننا وبينك خط ساخن» فرد رئيس مجلس الشعب حموده الصباغ بقوله: «اللهم اجعلنا من أهل الخط الساخن» فضحك خميس قائلاً: ليس معي بل مع الفريق الحكومي» فأجابه الصباغ: طبعاً.داخل في الجلسة 62 عضواً تراوحت مداخلة كل منهم كمعدل وسطي ما بين الدقيقتين إلى أربع دقائق.
جرت العادة أن يتم توزيع المياه تحت القبة على النواب إلا أنه لم يتم توزيعها في الجلسة احتراماً لشهر رمضان المبارك ومشاعر الصائمين وكانت الجلسة قد استمرت 6 ساعات تخللها استراحة مدة نصف ساعة.
محمد منار حميجو
إضافة تعليق جديد