السعي إلى «الموضة» ما تفرضـه الشــركات المصنّعة على الغني والفقيـر
قطعة الملابس ذاتها الموجودة على واجهة أحد محال الماركات في إحدى «مولات» العاصمة، قد تجدها على «البسطات» المركونة على رصيفٍ في إحدى المناطق الشعبية، الفروقات واضحة للعيان، إلا أن السمة العامة قد لا تختلف كثيراً؛ سروال جينز مفتوح مكان الركبتين وأحياناً أعلى بقليل، وآخر قد تآكلت أطرافه السفلية بطريقة منسقة.. الاختلاف الأكثر لفتاً للانتباه هو السعر؛ الذي يقفز من 2500 ليرة في بسطة «البرامكة» إلى 25000 في الطابق الثالث من مول «شام سيتي سنتر».. وهدف الصانع والبائع والمشتري واحد هو الوصول إلى لباس «الموضة».
مصممة الأزياء جوليا غانم تعتمد في التصاميم، التي تقدمها للشركات التي تعمل معها، على دراسة خطوط الموضة العالمية للموسم، وتأخذ منها تفاصيل معينة مثل المجموعة اللونية، طبعة الأقمشة، شكل الكم، حجم الجيب، ونهايات القطع وغيرها، وبعد جمع الكثير من الأفكار من خلال متابعة كل ما هو متعلق بالموضة، تقدم (الكولكشن) الكامل، بما يتناسب مع اللباس الشرقي بشكل عام، ومع السوق المحلية بشكل خاص، ومن ثم يتم اختيار نوعية الأقمشة والإكسسوار.
وتشير جوليا إلى أنه في الوقت الحالي بسبب الأوضاع التي نمر فيها من الأفضل أن تكون التصاميم عملية تناسب أوقات العمل والتنقل والمناسبات العامة، والاعتماد بشكل كبير على القمصان والبنطلونات الكلاسيكية واختيار الألوان الأساسية التي تناسب الجميع (الأسود – الكحلي – البيج)، وتضيف: ما نراه اليوم من اتجاه فئات كبيرة من المجتمع، وخاصة الفئات العمرية الصغيرة، إلى التصاميم الغريبة التي تحمل الكثير من الجرأة وغير العملية ولا تناسب كل الأوقات، هو خطأ في فهم الموضة يصل إلى حدّ الجهل أحياناً، وعدم دراية كافية بطريقة اختيار الملابس.
وفي جولة على عدد من المحال في أسواق العاصمة دمشق التي تغص بالبضائع المتشابهة من الملابس، وتتقاطع بالخط العام من ناحية الشكل، مع الاختلاف بالجودة والسعر، التقينا محمد القزاز صاحب محل ألبسة في سوق الحمرا، الذي أشار إلى أن مكاتب الشركات المصنعة للألبسة تقدم خيارات متشابهة جداً وهذا ما يجعل بضائع المحلات متشابهة، والسبب وجود خطوط موضة معينة تفرضها الشركات على الأسواق والتي بدورها تفرضها على المجتمع الذي يتقبل كل ما هو موجود، ويوضح القزاز أن الغني والفقير يلبس «حسب الدارج»، مع الفروق الكبيرة بالتفاصيل من حيث نوعية الأقمشة، الألوان، جودة التصنيع، والسعر أيضاً، ويقول: بكل تأكيد البائع والشاري قادران على لمس هذه الفروق، إلا أن الأسعار في بعض الأحيان لا تتناسب مع تلك الاختلافات، والحجة في المحال الكبرى عبارة (نيو كولكشين).
وهنا ترد مصممة الأزياء جوليا: مع أن شركات تصنيع الألبسة تفرض شكلاً معيناً للموضة إلا أنها لا تهدف من طرح تصاميمها أن تجد في الأسواق تقليداً لتلك التصاميم وبشكل مبالغ به أيضاً، كما أنها تقدم لباساً لكل الأوقات والمناسبات ولجميع المقاسات، فهي تطرح موضة معينة وعلى الجمهور أن يعرف متى وأين يلبس هذه الموضة.
هند (موظفة) تنتقد ما تراه من الصبايا اللواتي تلهثن وراء ارتداء ملابس الموضة بشكل مبالغ به، وخاصة مما لا يتناسب مع أعمارهن وشكلهن، معتبرة أن المشكلة في السوق التي تطرح المنتجات بتقليد أعمى للموضة الغربية من دون مراعاة السوق المحلية التي يجب أن تحمل ضوابط، وخاصة فيما يتعلق بالعادات والشكل العام للمرأة السورية، وتنتقد من الناحية ذاتها الذكور الذين يبالغون في أزيائهم وتقليد شباب المجتمع الغربي، أما عدنان (طالب جامعي) فيجد أن الموضة نوع من مواكبة التطور والحضارة، وضرورة فرضها الاختلاف بين الأجيال، إلا أن الصناعة الرديئة والمبالغ فيها جعلتها شيئاً مبتذلاً غير مرغوب في بعض الأحيان، وفي الوقت ذاته لا يحق لأي كان أن يحدد من يمكنه اتباع لباس الموضة ومن لا يمكنه ذلك، ومن العدل أن يكون الغني والفقير قادرين في الوقت ذاته على مواكبة كل ما هو جديد في هذا المجال.
المصدر: لمى علي - تشرين
إضافة تعليق جديد