تأخير تنفيذ مرسوم إعفاء المواد الأولية من 50 بالمئة من الرسوم
أكثر من شهر مضى على إصدار المرسوم التشريعي القاضي بتخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 50 بالمئة على المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج اللازمة للصناعة المحلية، لكن تنفيذ هذا المرسوم المهم، ظل عالقاً في أروقة الاقتصاد، على ذمة الصناعيين، الذين اعترضوا على إدراج بعض السلع ضمن القائمة المشمولة بالإعفاءات بشكل يؤثر في بعض الصناعات المحلية، ما تسبب في إرباك وتأخر إصدار التعليمات التنفيذية، وهذا على ذمة الاقتصاد أيضاً، ولكن أياً كان السبب أو الجهة وراء التأخر في تنفيذه، يجب الإسراع في إصدار تعليماته التنفيذية، نظراً لأهميته في دعم الصناعة المحلية أولا ًوجيبة المستهلك ثانيا ًعبر مساهمته في تخفيض الأسعار بنسب محددة وإن كان ذلك ليس فورياً.
اعتراض ثنائي
شكاوى الصناعيين انقسمت بين الاعتراض على التأخر في إصدار تعليمات المرسوم التنفيذية، الذي يعد نافذاً منذ بداية الشهر الحالي وفق ما جاء في نصه، حسب صناعيي دمشق بينما ارتفع صوت صناعيي حلب عالياً حول احتمالية السماح للتجار بالاستفادة من المرسوم عبر استيراد سلع مشابهة للمنتجات الوطنية، ما يتسبب بإلحاق أضرار كبيرة بالمنتج المحلي عند استيراد مواد أولية تعد لازمة للصناعة المحلية كالأقمشة بينما يمكن للمعامل القائمة إنتاجها، فمن المعروف أن التجار غالباً يستوردون سلعاً عديدة عوضاً عن الصناعيين، الذين قد لا يقدر البعض منهم على استيراد المواد اللازمة لمنشآتهم وخاصة أصحاب الورش الصغيرة والمتوسطة.
العصي بالعجلات
صناعيو دمشق بمن فيهم أعضاء في غرفة صناعة دمشق استغربوا التأخر في إصدار التعليمات التنفيذية للمرسوم، الذي عدوه واضحاً ويفسر نفسه ولا حاجة لأي اجتهاد أبداً من قبل وزارة الاقتصاد، التي حملوها المسؤولية المباشرة عن هذا التأخير مع تكبير حجرهم لاتهامها بوضع العصي بالعجلات من دون مبرر والعمل بطريقة مزاجية ستؤدي إلى إفراغ المرسوم من محتواه البيّن، مؤكدين أن كل صناعي يمتلك معملاً لديه إجازة صناعية، لا يأخذها بدون كتاب مخصصات يتضمن مستلزمات ومواد أولية، يفترض إخضاعها للمرسوم فوراً من دون حتى إصدار تعليماته التنفيذية، متسائلين عن أسباب عدم إصدارها منذ بداية شهر تموز كما يفترض، فالصناعيون على ذمة أعضاء غرفة صناعة دمشق كانوا منتظرين بياناتهم لإدخال بضاعتهم بداية شهر تموز لكن بدل ذلك دفعوا غرامات على حاوياتهم، المتوقفة حالياً في مرفأ اللاذقية بعد إعلام مديرية جمارك اللاذقية بأنه لن يتم تخليص أي بضاعة وفق المرسوم التشريعي إلا عند ورود كتاب من الاقتصاد يؤكد استفادة المواد الموجودة في الحاويات من أحكامه، وهذا يؤدي إلى ضرر بالصناعي والمستهلك أيضاً، فالصناعي الذي كان يدفع مثلاً 3 ملايين على الحاوية، كان سيستفيد من المرسوم بمقدار 1.5 مليون عند التطبيق، وهذا سيؤدي إلى تخفيض تكاليف الإنتاج حكماً، وانخفاض أسعار المنتجات على المستهلك، وهذه الدورة كاملة معطلة حالياً بسبب التأخر في إصدار التعليمات التنفيذية من دون سبب محدد حسب زعمهم.
الإجازات الجديدة فقط
اعتراضات صناعيي دمشق حاولنا الاستفسار عنها من رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها، الذي أكد ورود الكثير من الشكاوى من قبل الصناعيين حول تطبيق المرسوم وخاصة فيما يتعلق بإشكالية تطبيقه على الإجازات القديمة، لكن هذا الأمر تم البت فيه من قبل وزارة الاقتصاد عبر إعلام الغرفة أن المرسوم سيطبق على الإجازات الجديدة وليس تاريخ البيان الجمركي، بالتالي الإجازات القديمة لن يشملها المرسوم أبداً، مشيراً إلى ضرورة أن يكتب على كل إجازة جديدة أن موادها ستشمل بمرسوم الإعفاء، لافتاً إلى أن وزارة الاقتصاد وعدت بإصدار التعليمات التنفيذية خلال أسبوع بشكل يصب في مصلحة الصناعيين.
للصناعيين فقط
اعتراض صناعيي حلب كان في وادٍ مختلف تماماً عن صناعيي دمشق، وذلك عبر رفضهم تشميل التجار بالاستفادة من مرسوم يخص الصناعيين فقط، حيث أكد محمد صباغ رئيس لجنة العرقوب الصناعية في حلب أن المرسوم جاء ليساعد الصناعيين على استيراد المواد الأولية لدعم المنتج المحلي وإعادة دورة الإنتاج بينما قد يستغله بعض ضعاف النفوس من التجار عبر اعتبار كل سلعة أولية وتعمد استيرادها وإغراق السوق بها، بشكل سيؤدي إلى ارتفاع سعر الصرف ومنافسة المنتج المحلي مع تأثير ذلك على المواطن في مراحل قادمة، ضارباً مثلاً على ذلك الخيوط والأقمشة، فسعر 1 كغ خيط يساوي 2$ بينما 1 كغ قماش يقارب 8 كغ، وهذه المعادلة ستؤثر سلباً في الاقتصاد، ليؤكد أن اعتراض صناعيي حلب كان فقط على استثناء التجار من استيراد المواد الأولية وعلى المنتج النهائي بحيث لا يجب إدخاله تحت مظلة الاستفادة من المرسوم، مؤكداً أنه في حال حصل التاجر على المزايا المقدمة في المرسوم سيؤدي إلى توقف الكثير من الصناعات عن العمل والتحول من بلد منتج إلى مستورد.
ليست مادة أولية
رئيس اتحاد الغرف الصناعية فارس الشهابي أكد أن اعتراض الصناعيين كان فقط على الأقمشة، التي لا يجب اعتبارها مادة أولية وبالتالي لا يجب أن تدخل ضمن قائمة المواد التي سيشملها الإعفا ء من الرسوم بنسبة 50%.
تساؤل
وجهة نظر صناعيي حلب اعتبرها رئيس غرفة صناعة دمشق محقة لكون استيراد الأقمشة يؤثر على الصناعة المحلية، لكن الإشكالية برأيه في عدم مقدرة الورشات الصغيرة على الاستيراد بشكل يدفعهم للاعتماد على تجار لاستيرادها، إلا أن التساؤل الأهم في رأيه، هل جميع معامل الأقمشة قادرة على تغطية احتياجات جميع المعامل والورشات؟ مشيراً إلى أن هذا الأمر جرت مناقشته بعد إرسال اتحاد غرف الصناعة كتاباً بهذا الشأن، وقد اعتبرت وزارة الاقتصاد أن العملية معقدة نوعاً ما، لذا كان المقترح بحصر عملية الاستيراد بالصناعيين فقط.
“تكتيكي”
اعتراضات الصناعيين على التأخر في إصدار التعليمات التنفيذية لمرسوم إعفاء المواد الأولية من 50% من الرسوم واستثناء التجار من الاستفادة منه، توجهنا بها إلى وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور سامر خليل الذي أكد أن التأخر سببه إرسال اتحاد غرف الصناعة مذكرة يطلب فيها استثناء بعض المواد من مرسوم الإعفاء حماية الصناعة المحلية، بحيث إذا تم استيراد منتجات مشابهة قد تلجأ بعض المنشآت إلى الاعتماد على المنتج المستورد وتبتعد عن المحلي، لذا فإن الأمر يحتاج دراسة وتدقيقاً بغية حماية الصناعة المحلية، مضيفاً أن الموضوع برمته تكتيكي لمنع إلحاق أي ضرر بالمنتجات المحلية، مشيرا َإلى أن هذه المقترحات رفعت إلى اللجنة الاقتصادية لدراستها ومناقشتها، على أن يصدر قرار بشأنه خلال الأيام القريبة القادمة.
معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية بسام حيدر ذهب إلى ما أشار إليه الوزير بتأكيده على تشكيل لجنة من الجهات المعنية لدراسة آراء الصناعيين في استثناء بعض المواد الأولية من المرسوم، باعتبارها إذا شملت ستضر صناعة أخرى، على أن يتم البت فيها بالإسراع ما يمكن، مشيرا ًإلى أن المرسوم سينفذ من دون شك كما أصدر، وهذا أمر لا خلاف عليه، مستغرباً اعتراض بعض الصناعيين على بعض الإشكاليات حول المرسوم قبل تطبيقه، لذا من الأفضل انتظار قرار اللجنة حول تحديد السلع والمواد الأولية التي سيشملها المرسوم، وبناء عليه سيتم الخوض في التفاصيل كاملة.
تشرين – رحاب الإبراهيم
إضافة تعليق جديد