السبب المخفي لظهور «زيكا»: الإنسان!
يحمل انتشار فيروس «زيكا» الذي تسببه البعوضة الزاعجة aedes mosquito - والذي قد يحمل أيضاً حمى الضنك والحمى الصفراء ـ صفة «الكارثة الصحية العالمية». ولكنه أيضاً ـ إلى حد بعيد ـ ناجمٌ عن أمر آخر: فهو آخر مثال على مدى قدرة التشوهات التي يحدثها الإنسان في أماكن تواجده، على جعل بعوض كهذا، قوياً ومنتشراً، وخطراً.
هذا البعوض، ينشط بالأخص، في «مساكن مصطنعة له من صناعة يد الإنسان»، يقول دورلان فيش، الأستاذ في الأمراض الميكروبية وفي الدراسات البيئية في جامعة يال. «الدواليب المطاطية، والعلب البلاستيكية، وبراميل على الطرقات تتجمع فيها مياه الشتاء، وأشياء كهذه».
التمدن والنفايات
لنبدأ من فيروس «زيكا» المنتشر اليوم. فالبعوض المسبب له يعود الفضل في نشاطه إلى «تدهور بيئي» في أماكن رئيسية في البرازيل، وبلدان أخرى، بحسب رئيس المدرسة الوطنية للطب الاستوائي في جامعة بايلور للطب، بيتر هوتيز. وبحسب هوتيز، فإن هذا الوضع ليس ناجماً فقط عن الفقر، بل عن عدم جمع النفايات، وترك دواليب على الأرض لتمتلئ بالمياه، معتبراً ان هذه الأمور تخلق بيئة مؤاتية للبعوض ليتكاثر فيها، ويتمكن لاحقاً من نشر الأوبئة.
بناء السدود
يعد بناء السدود من أكثر المشاريع التي تنجم عنها عواقب بيئية. فقد كثرت الشكاوى حول ضرر السدود على النظام البيئي، ولكن أيضاً هناك أدلة مثبتة حول مدى التغيير الذي تحدثه السدود في التجمعات المائية والتي تقوي احتمال انتشار الأوبئة.
«بناء السدود هو واحد من أهم العوامل لظهور الـschistosomiasis، فمثلاً سهل سد بحيرة فولتا الأعلى أدى الى ظهور هذا المرض في غانا»، يشرح هوتيز. وهذا الوباء القاتل يعود إلى انتشار نوع من الطفيليات تحملها حلازين إلى الإنسان. وإذا كان هذا الوباء خطيراً فإن الأخطر هو وباء الملاريا، الذي فاقمته مشاريع سدود عديدة.
قطع الأشجار
وكما بناء السدود، فإن قطع أشجار الغابات أو حرقها، هو من أحد أهم أسباب انتقال الأوبئة إلى الإنسان، وهو ما أثبتته دراسة حديثة لجامعة «تشيلسي هارفي»، حول مدى مساهمة الإساءة إلى الغابات في نقل الملاريا في ماليزيا، إذ قرّبت الإنسان من قردة الـmacaque، وسمحت للذباب بأن ينقل الوباء. وبحسب هوتيز، فإن إزالة الغابات لها دور في انتشار الإيبولا في أفريقيا، وكذلك السارس في جنوب آسيا.
الاحتباس الحراري
وهذا الأهم. وهو حين نمسّ بالمعدل الطبيعي لحرارة الكوكب، ونزعج أنواعاً كثيرة من الكائنات، ومنها الحشرات الحمّالة للأوبئة.
بعوضة aedes aegypti، المسببة لـ«زيكا»، من المتوقع لها أن تتكاثر في ظل الاحتباس الاحتراري. وتؤكد منظمة الصحة العالمية أن «البعوض الحامل لحمى الضنك يتكاثر بشكل أسرع ويلدغ مرات أكثر في ظل الحرارة المرتفعة». وهناك أيضاً بعوض النمر الآسيوي aedes albopictus، وهو يشكل خطراً أيضاً لانتقال حمى الضنك، والـ «زيكا»، وأمراض أخرى.
(عن «واشنطن بوست»)
إضافة تعليق جديد