في اللاذقية.. «تفصيل تجاري» على مقاس الروس
يستبدل إيهاب زجاجات العرق، فخر الصناعة السورية، في واجهة محل صغير يملكه والده في مدينة اللاذقية الساحلية، بعبوات الفودكا، استجابة للطلب المتزايد على هذا المشروب بعد وصول قوات روسية الى المنطقة.
ويقول إيهاب إنه «في السابق، كان الطلب على العرق أكثر، لكنه بات متزايداً الآن على الفودكا مع قدوم الروس، لذلك وضعت هذه الزجاجات في الواجهة».
وإيهاب واحد من أصحاب المحال والمؤسسات التجارية التي تسعى إلى استقطاب الجنود الروس الذين وصلوا إلى اللاذقية، مع بدء موسكو حملة جوية في 30 أيلول الماضي دعماً للجيش السوري.
ويوضح إيهاب أنه بدأ تعلم كلمات باللغة الروسية للتفاهم مع «الأصدقاء الجدد» ولإشعارهم بـ «الألفة والانسجام» بعدما باتوا يترددون إلى محله.
ويضيف مبتسماً «برغم عدم إتقاني اللغة الروسية، أحاول استخدام بعض الكلمات التي حفظتها من أبي».
وليس بعيداً عن متجر إيهاب، يقول محمد، الموظف في محل للملابس العسكرية إن «زبائننا هم الروس بشكل أساسي»، مضيفاً أن «المبيعات ارتفعت بنسبة 70 في المئة» منذ قدومهم.
وتتعدد المنتجات المعروضة داخل المحل في وسط شارع «الجمهورية» من بزات وسترات وأحذية عسكرية، إلى جانب صور الرئيس السوري بشار الأسد «التي نفدت بسبب زيادة الطلب عليها من الجنود الروس»، بحسب ما يؤكد محمد.
ويؤكد البائع السوري أن التعاطي مع الروس «مريح جداً»، معرباً عن «فخره» لتعلم بعض الكلمات، وبينها «بريفيت» أي مرحبا.
«هم أيضاً يتعلمون العربية، ويستخدمون بعض الكلمات الشعبية مثل سلام والمتة»، المشروب التقليدي الساخن في سوريا، بحسب محمد، لافتاً إلى «أصبحوا أصدقاءنا، اذ يمرّون أحيانا لإلقاء التحية أو يلوحون لي أثناء مرورهم أمام المتجر».
بدورهم، يسعى أصحاب المطاعم والمقاهي في اللاذقية إلى جذب الزبائن الروس.
في منطقة «المشروع العاشر» الفخمة في المدينة، افتتح حيدر مطلع كانون الأول الماضي مطعماً أطلق عليه اسم «روسيا»، فيما زين جدرانه الداخلية بلافتات عليها كتابات باللغة الروسية.
يقول حيدر بحماس «بدأوا يتوافدون الى المطعم على رغم افتتاحه حديثاً»، مضيفاً «أحب روسيا والروس منذ صغري، وحان الوقت اليوم للتعبير عن حبي لهم عبر مطعمي هذا».
وتعد روسيا حليفة تقليدية لسوريا، ويرتبط البلدان بعلاقات اقتصادية وعسكرية وسياسية. كما شكلت موسكو مقصداً لعدد كبير من الطلاب السوريين الذين توجهوا إليها لمتابعة تحصيلهم الجامعي خلال الحقبة السوفياتية.
وفي موازاة طباعته قوائم الطعام باللغة الروسية، يحرص حيدر على إحضار أساتذة لغة روسية لتعليم العاملين في المطعم الكلمات الرئيسية تسهيلاً لتواصلهم مع الزبائن الجدد.
وهو يعلم جيداً ما يفضله الروس، فهم «يحبون الشاي مع الليمون والبيض المسلوق مع السلطة»، كاشفاً أنه يخطط «حالياً لإحضار طباخ يعرف كل أنواع الأطباق الروسية».
ولا يتردد حيدر في توديع زبائنه بالحفاوة ذاتها التي يستقبلهم بها، مردداً على مسامعهم كلمة «سباسيبا» باللغة الروسية، أي شكراً.
ويعتبر طارق شعبو، من جهته، أن الفرصة مؤاتية اليوم «لرد الجميل والتعبير عن الشكر والامتنان» لروسيا.
في شارع الجمهورية في اللاذقية، افتتح طارق في العام 2012 «مقهى موسكو». ويشرح أنه «في ذلك العام، احترنا كثيراً في تسمية المقهى، لكن بعد الفيتو الروسي الداعم لنا (في مجلس الأمن)، قررنا تسميته موسكو، وقطعت عهداً على نفسي ألا أتقاضى أجراً من أي زبون روسي».
ويقول طارق «كان مستشارون روس يرتادون المقهى قبل التواجد (العسكري) الروسي على أراضينا، ولكن بأعداد قليلة جداً، أما حالياً فيمكنك مشاهدة زبائن روس بشكل شبه يومي».
ويوضح طارق، فيما يهم بإشعال سيجارته بولاعة تحمل شعار الجيش الروسي حصل عليها من صديقه الروسي ليونيل، أن «اللغة الروسية باتت اليوم امتيازاً في اللاذقية، هي أهم من الشهادات العليا».
(أ ف ب)
إضافة تعليق جديد