مسلسل الفساد الوطني يطال مدراء ومعاونين ووزراء ورؤساء وزارة
الجمل ـ تحقيق: رنا حج ابراهيم : في كل يوم, نكتشف قصص تجاوزات تم طمس بعضها ، وأخرى ما يزال التحقيق جارياً فيها ومع ذلك يستمر أبطالها على رأس عملهم باطمئنان وكأن شيئاً لم ولن يكون، مثالها قصة من عشرات القصص، سنترك للقارئ الحكم عليها وتسمية الخانة التي تندرج تحتها، كي لا يقال أننا نتهم أو نفتري ، أو ربما لا نجيد قراءة الواقع ، والقصة موضوع التحقيق بدأت في عام 1999 وفي تقرير للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بعد تحقيق في الأمور السلبية المسندة الى بعض العاملين لدى مديرية مال منطقة التل في محافظة ريف دمشق, فرضت عقوبات مسلكية بحق العاملين في هذه المديرية بما فيها المدير( خ.أ) الذي أصبح اليوم في مرتبة "معاون وزير المالية لشؤون الضرائب والرسوم ".
ورغم العقوبات ترفع (خ.أ ) بقدرة قادر ليحتل موقع مدير مالية ريف دمشق ثم مديراً لمالية دمشق ليصل الى منصبه الحالي .. ولم يتوان المذكور بعد ذلك عن ارتكاب مخالفات كثيرة, وفتح تحقيق آخر من قبل الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش في بداية عام 2005لكن التقرير اعتمد في جله على أقوال السيد (خ .أ) نفسه!..
ضياع واستبعاد
في التقرير التفتيشي الذي قامت به الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش عام 1999 , بحثت السلبيات في مديرية مال منطقة التل (التي كان (خ.أ) مديرها والتي تتلخص بالتالي: عدم تقيد المراقبين بالقيام بجولات على الممارسين الخاضعين لرسم الإنفاق الاستهلاكي ووجود أخطاء حسابية عند احتساب الرسوم المتوجبة على مكلفي رسوم الملاهي, وترتب مبالغ كبيرة على أصحابها وعدم قيام مديرية مال التل باتخاذ التدابير الكافية واللازمة لاستيفائها, وعدم تسجيل أرقام الفواتير على سجل الممارسين وعدم استيفاء رسوم رخص مواد كحولية وعدم تصنيف المعامل المنتجة لهذه المواد وعدم مسك سجل اللوائح التفتيشية.. وانتهى التقرير الى عدد من الطلبات والمقترحات مفادها العمل على تحصيل رسوم الملاهي ورخص معامل الكحول التي تم تحديدها, وفرض عقوبات مسلكية بحق بعض العاملين في مديرية مال منطقة التل بما فيها مديرها وتضمين كل من العاملين: (ذ . ي) و(ع. ق) (الذي أصبح فيما بعد مدير مالية التل) و(أ.ش) و(ث . ع) بالمبالغ التي يتعين تحصيلها بفوائدها خلال فترة ستة أشهر. بالاضافة الى ابعاد كل من العاملين :(ع. ق) و(أ. ش) و(ث . ع) من أية أعمال ذات تماس مباشر مع المكلفين والمراجعين, لكن التقرير قرر تأخير محاسبة مدير مال منطقة التل (خ. أ) ورئيس دائرة الجباية و ( ذ. ي) مراقب شعبة المغتربين لحين الانتهاء من تحصيل الأموال!!..
والغريب أن( ع. ق) عين بعدها بتزكية من (خ . أ) مديراً لمال منطقة التل, كما كرم بتسليمه مهمة رئيس لجنة مناقشة مكلفين ورئيس لجنة فرض الضريبة وكلها أعمال لها علاقة بالمواطنين واستيفاء الضرائب والرسوم في خرق فاضح لقرارات الهيئة المذكورة. كما قام (خ. أ) بتعيين (ذ. ي) ـ المتورط في تقرير الهيئة السابق ـ رئيساً لشعبة الدخل المقطوع ورئيساً للجنة التصنيف البدائي لمكلفي ضريبة الدخل المقطوع في مالية قطنا..
أما تقرير الهيئة المركزية للرقابة التفتيش الآخر في أوائل عام 2005 , فلم يتطرق ولم يجب على موضوع تعيين مدير مالية محافظة ريف دمشق سابقاً بمرتبة معاون وزير رغم فرض عقوبات مسلكية عليه عندما كان مديراً لمالية التل! وأغفلت الهيئة موضوع تعيين أحد الممنوعين من القيام بأعمال لها علاقة أو على تماس مباشر مع المكلفين –بموجب تقرير سابق للهيئة- مديراً لمالية منطقة التل.. بالاضافة الى تجاهلها موضوع تعيين أحد العاملين الملاحقين جزائياً وفق تقرير سابق للهيئة كرئيس لإحدى اللجان الضريبية..
الكاميرات المعلقة
يبدو أن كل من يعمل في وزارة المالية يعرف قصة كاميرات المراقبة التي جرى شراؤها في مديرية مالية دمشق (عندما كان خ .أ مديرها) بسعر مئة وخمس وعشرون ألف ليرة للكاميرا الواحدة في حين كان سعرها في السوق سبعة آلاف ليرة فقط. وهذا الموضوع هو من جملة المواضيع التي حقق بها التقرير التفتيشي الأخير والذي خلص الى أن لجنة الاستلام الأولي طلبت إيقاف كامل قيمة بند نظام المراقبة والبالغ (507 آلاف ليرة سورية) لحين تقديم شهادة منشأ لهذه الكاميرات. وأفادت اللجنة المكلفة بالتقرير أن دفتر الشروط الفنية للتجهيزات المطلوبة حدد أن يكون منشأ البضاعة اما أوروبي غربي أو ياباني, وبمعاينة الكاميرات تبين وجود "لصاقة" كتب عليها صنع في اليابان لذلك أيدت ما انتهت إليه لجنة الاستلام مع إيقاف كامل قيمة البند لحين تقديم شهادة منشأ لهذه التجهيزات. سألنا في المالية وخاصة مدير الرقابة الداخلية في الوزارة فأفادنا أن موضوع الكاميرات ما زال معلقاً ولم يبت فيه ! تساءلنا كيف توضع لصاقة فقط على كاميرات مراقبة تثبت عليها أنها من منشأ ياباني ولا تحفر حفراً, وكيف لا تقدم شهادة منشأ لها إن لم تكن مهربة؟!
ومن المواضيع التي أثارها تقرير الهيئة قيام (خ.أ) ـ عندما كان مديراً ـ بتوزيع أموال على المقربين منه في المالية عن طريق مدير مكتبه بزعم أنها صدقة من مؤسسة الطيران العربية السعودية. لكن التقرير التفتيشي أبدل كلمة الطيران السعودية بكلمة "الطيران السورية" وقال أن الإفادات بينت أن عدداً من التجار كانوا يقومون بدفع زكاة أموالهم لمكتب السيد المدير بغية توزيعها على العاملين المحتاجين في المديرية إلا أن (خ.أ) عندما استلم مديراً للمالية رفض ذلك قائلاً أن المديرية ليست جمعية خيرية.
وكما نلاحظ, رغم وجود شكاوى عليه بهذا الخصوص, اعتمدت الهيئة على أقوال (خ.أ) في كتابة تقريرها!!
أما فيما يتعلق بتسليمه سيارة لرئيس دائرة الشؤون الفنية, وارتكابه بعض الممارسات السلبية مع مدير الشؤون الإدارية, فقد أوصى تقرير الهيئة بفرض عقوبة التنبيه بحق رئيس قسم الشؤون الإدارية لدى مالية دمشق ورئيس المرآب لمخالفتهما تعليمات "السيد وزير المالية" بخصوص عدم استخدام سيارات الباجيرو والايسوزو وترك أمر وضع السيارتين (نوع تويوتا) بتصرف رئيس دائرة الشؤون الفنية ورئيس المرآب للسيد وزير المالية ليقرر ما يراه مناسباُ.. أي أن اسم (خ.أ) استبعد من الموضوع. وانتهى التقرير التفتيشي بحفظ باقي المواضيع المثارة في الشكاوى ومنها تسببه أثناء توليه مهام مديرية مالية ريف دمشق بتفشيل عملية التحصيل واستمراره بذلك عندما أصبح مديراً لمديرية مالية دمشق, واتخاذه قراراً بمنع توجيه أي إنذار لأي مكلف إلا بعد مراجعته وذلك بهدف تحقيق المنافع الشخصية ( حيث أكد رئيس قسم الجباية وبعض رؤساء شعب التحصيل ـ من حاشية معاون الوزير ـ أنه لم يكن يتدخل في الأعمال التنفيذية ولم يسبق أن طلب ذلك كما ورد في تقرير الهيئة). ومن هذه المواضيع التي حفظت أيضاً قيامه بتعيين رؤساء أقسام من المقربين له في مديرية مالية دمشق وشكوى مدير مالية ريف دمشق السابق عليه بأنه نقله الى وزارة المالية بشكل تعسفي وبدون أسباب موجبة، وسرقة بعض الوثائق من اضبارة ورثة شخص تبين أن هذه الوثائق بحوزة (خ.أ) معاون الوزير. بالإضافة الى قيام مدير مالية ريف دمشق بفرض ضريبة مقدارها 250 مليون ليرة سورية على أحد المقاصف استحق منها الدفع 50 مليون ليرة الا أن السيد وزير المالية أصدر قراراً بتقسيط الضريبة قبل تسديد القسط الأول مما شكل مخالفة لأحكام قانون جباية الأموال العامة..
لا تتسع الصفحات ولا الوقت لتفنيد كل موضوع على حدة والذي يشكل كل واحد منهم تحقيقاً صحفياً مستقلاً..
براءات ذمة غير بريئة
كنت أول من كتب عن براءات الذمة المزورة في صحيفة تشرين, وكان ذلك سبباً لاستياء وزارة المالية التي تساءلت عن كيفية حصولي على المعلومات!..وبراءات الذمة هذه كانت تعطى لأسماء وهمية بغية الاستيراد بموجبها لصالح تجار حقيقيين بهدف التهرب الضريبي! حيث كان التاجر الوهمي عندما يستورد باسمه بموجب براءة ذمة كان تحصيل الضريبة يصطدم بمكلف فقير لا يملك شيئاً وإنما استورد التاجر الكبير باسمه كي يتهرب من الضريبة.. وهذا الموضوع وحسب افادات وشكاوى البعض اخترعه( خ. أ) معاون وزير المالية..
وعلى سبيل المثال, صدر قرار مؤخراً بالحجز على أموال السيد محمد مصطفى ميرو رئيس الوزراء السابق كما حجز في شهر شباط 2006 على أموال صهره (م. ز ). حيث جرى ضبط قائمة اسمية طويلة تتضمن مئات التجار الوهميين مرسلة من وزارة المالية الى مديريتي دمشق وريف دمشق, ونتيجة جرد بيانات استيراد هؤلاء التجار تبين أن كل بيان يتضمن استيراد مادة الحديد والأنابيب المغلقة العائدة لـ (م.ز) الذي كان قد أحدث شركة على قانون الاستثمار رقم 10 وكان يبيع ويتجر بالمواد المستوردة لشركته الاستثمارية بشكل مخالف لامتيازات القانون رقم 10 ويبدو -حسب شكاوى مقدمة للهيئة المركزية للرقابة والتفتيش- أن (م. ز) ومحمد مصطفى ميرو كانا على صلة وثيقة بـ( خ .أ) منذ أن كان مديراً لمالية التل.
شركتين تجاريتين
في مكتب كائن بغوطة دمشق بزبدين وفي بناء (خ.أ) أسس معاون الوزير شركة مع شريك آخر حيث دخل المعاون شريكاً باسم مستعار ابراهيم العليان ( سعودي) وهو شريك وهمي (شركة غازي والعليان للاستيراد والتصدير). وأسس شركة ثانية هي (الكنانة للاستيراد والتصدير) وكان الشركاء الوهميين في هذه الشركة هم (خ.أ) وشقيقه( ي. أ) ـ وكان موظفاً أيضاً في المالية ـ والشريك الوهمي الثالث هو (ع.ع) . وسجلت الشركتان لدى السجل التجاري في محافظة ريف دمشق ومقرهما في الغوطة الشرقية في زبدين حسب وثائق تسلمناها ، لكن المقر الحقيقي لهاتين الشركتين هو مدينة دمشق في المنطقة الصناعية وعندما يأتي مراقب الدخل في مالية دمشق الى مقرات هذه الشركة في المدينة يبينون له أن عائدية التكاليف الضريبية هي لمالية ريف دمشق وفق السجل التجاري بريف دمشق, أي أن ليس لمالية دمشق علاقة بتكليف الشركتين ضريبياً.
وعندما يتجه موظف الدوائر المالية لمالية محافظة ريف دمشق الى الغوطة الشرقية حسب العنوان الوارد في السجل التجاري يجد غرفة صغيرة مع أثاث بسيط, لا تبدو عليها علائم النشاط التجاري, فيجري تكليف الشركتين ضريبياً بشكل رمزي في صورة واضحة للتهرب الضريبي..
وعندما حاول البعض كشف قصص الفساد التي تورط بها (خ ,أ) , قام بعمليات نقل جماعية وقرارات صرف من الخدمة, وطالت عمليات النقل حوالي 900 موظف في ماليات المحافظات, ومازال القضاء الاداري ينظر في قضايا 59 موظف في المالية نقلوا وموظف آخر فصل من عمله لحديثه عن الفساد.!!!
في وزارة المالية..
طلبنا لقاء السيد معاون وزير المالية لشؤون الضرائب والرسوم للوقوف على رأيه بالمواضيع المثارة ضده وأخبرنا مديرة مكتبه سبب الزيارة, وانتظرناه كثيراً لكن يبدو أن الباب الثاني في مكتب معاون الوزير كان حلاً جاهزاً وسهلاً لما رأى نفسه فيه. توجهنا الى السيد نايف الحمود مدير الرقابة الداخلية في وزارة المالية الذي بدا متفاجئاً في البداية وطلب منا أن نلتقي معاون الوزير, ثم طلب منا سؤاله بمواضيع محددة..وأكد السيد مدير الرقابة الداخلية أن معاون الوزير قدم تظلماً على قرار الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش الأول هو وشخص آخر فعدلت الهيئة مقترحها..
أما موضوع شركة الكنانة-حسب مدير الرقابة الداخلية- فهي شركة من حيث القانون قانونية, وهي باسم شقيق المعاون فما المشكلة في ذلك.. ولكن المشكلة والكلام للمدير:" أنهم اتهموا من قبل البعض أنهم يستوردون باسم أناس وهميين (وهذا لم نكن نعرفه في السابق)..وعندما اطلعت على الموضوع بطريقتي, شركة الكنانة موجودة ودخل شركاء سعوديون مع ( خ . أ) الذي كان موظفاً في المالية. وبعد عام انسحب شريك وبقي شريك آخر سعودي, وحتى عام 2000 لم تكلف ضرييباً لسبب واحد وهو أن الشركة لم تكن تستورد ( أو لم يكن هناك استيرادات باسمها) لأنها كانت جديدة". (رغم أنها باشرت العمل في عام 1994)..
وحول موضوع صرف عامل من الخدمة من الوزارة, أشار مدير الرقابة الداخلية أن:" وزير المالية كلفني بالتحقيق فيما قدمه الموظف المذكور من شكاوى وتم جمع معلومات , وبعدها طلبت من الموظف توضيح بعض النقاط في الشكاوى وعندما يثبت صحة كلامه سأكتب أن ما طرحه صحيح حسب الوثائق المقدمة.. لكن الموظف أجابني أنه لا يمكن أن أكون الخصم والحكم,وأن الموضوع أكبر مني كمدير للرقابة الداخلية. وحاولت طمأنته لكنه رفض, ثم كتبت للسيد وزير المالية أن الموظف امتنع عن التحقيق. لكنه عاد لي نادماً لأنه لم يناقشني في التقرير المقدم".
وحول اجراءات الرقابة الداخلية بعد ذلك أشار المدير الى أن المعلومات التي حصل عليها رفعها للسيد وزير المالية في تقرير وأرسلت للهيئة و قال:"على ما أذكر كانت هناك بعض النقاط الصحيحة وخاصة حول رئيس للجنة في مالية قطنا حيث كان مسجوناً وخرج من السجن وهناك تقارير تفتيشية ضده, ومع ذلك وضع في منصب رئيس لجنة تفتيشية." وأشار السيد نايف الى أنه من الصعب تحديد ان كان ( خ.أ ) يملك الشركة " كنانة" أم أن المالك أخوه ولا بد من العودة الى ملاءة كل منهما المالية.
بعد لقائنا السيد مدير الرقابة الداخلية في وزارة المالية تساءلنا عن دور مدير الرقابة في جميع الوزارات وصلاحياته في الرقابة على معاوني الوزراء أو حتى الوزراء أنفسهم.. والى أي حد يمكن أن يؤثر هذا المدير في مصداقية التقارير التفتيشية.. وبعد أن خضنا في كل هذا, أثار استغرابنا تغيير الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش لقراراتها وعدم بحث مواضيع التراكم الضريبي غير المنجز في دوائر معاون وزير المالية وتكليفه لمراقبين محددين للرقابة على مكلفين "دسمين" وأمور أخرى كثيرة لا مجال لذكرها..
ما نود سؤاله هو كيف يمكن أن يكون أحد الأشخاص مسؤولاً عن مكافحة التهرب الضريبي في وقت يكون هو من أكثر المتهربين ضريبياً؟ وكيف لا توضع تصرفاته تحت مجهر الرقابة؟
ولعل غايتنا الرئيسية من هذا التحقيق هي كشف بعض الحقائق ووضعها بين أيدي الجهات التي تحقق في الموضوع أو قد تفعل, وإظهار الحق وإنصاف من تضرروا من إساءة هذا الشخص.
الجمل
التعليقات
يا اخي شو بدنا
انا لله وانا
عيش كتير بتشوف
بعد أن فاحت
كيف ينبت
عزيزتي رنا ,
ان اكبر فساد في
إضافة تعليق جديد