7500 مصاب بالتلاسيميا بتكلفة تقدر بـ800 ألف ل.س سنوياً للمريض
سلاف طفلة في عمر ست سنوات مع شقيقتها سحر ثلاث سنوات ترقدان في سرير واحد جنباً إلى جنب وفي وريد كل منهما قثطرة موصولة بكيس الدم المفلتر الخاص بعلاج مرض التلاسيميا.
وآسيا أسعد الطفلة ذات الأربع سنوات ونصف مصابة بنوع تلاسيميا كبرى تراجع المركز كل 25-30 يوماً لإجراء التحاليل والحصول على كيس دم إضافة إلى الدواء المخصص لهذا المرض. والشاب محمد سعيد 25 سنة أيضاً يحتاج كل 20 يوماً إلى كيس دم ودواء لسلب الحديد من الدم...
في زيارتنا لمركز التلاسيميا في مدينة دمشق (المراكز الطبية التخصصية) حيث مئات المرضى من المراجعين بشكل يومي ومن مختلف الأعمار والفئات، والمرض لا يستثني منطقة شمالية كانت أو جنوبية فهو يسمى مرض حوض البحر الأبيض المتوسط. والحديث مع الأهالي والمرضى له شجونه من خوف على الأبناء وانتكاسات المرض واختلاطاته في حال (عدم الالتزام بالمواعيد المحددة والحصول على الدواء بشكل دوري ودائم وما يخفف عنهم تلك الهموم والأعباء هو المعالجة المجانية لكل ما يحتاجه المريض من تحليل وفحوصات ودم والدواء الغالي الثمن الذي لا تستطيع أية أسرة ذات دخل محدود شراءه لو لمدة شهر واحد. ناهيك عما يلزم المريض من ملحقات أخرى هذا ما أكده الأهالي والمراجعون من المرضى.
3-5% في العالم نسبة الحاملين
الدكتور محمد عبد اللـه خلف رئيس مركز التلاسيميا تحدث لنا في لقاء معه قائلا: مرض التلاسيميا هو فقر دم انحلالي مزمن- وراثي حيث تقدر عمر كريات الدم الحمراء في الحالة الطبيعية للإنسان بـ 120 يوماً أما عند مريض التلاسيميا فلا تتجاوز الـ25يوماً فيظهر انحلال وضعف تخثر في كريات الدم الحمراء وهذا المرض وراثي ينتقل من الآباء إلى الأبناء ويستمر مدى الحياة ويمكن للمريض إذا استمر في العلاج بشكل نظامي ان يعيش حياته بشكل طبيعي ويمارس عمله كالإنسان العادي.
وقال رئيس المركز: إذا كانت الام حاملة سمة المرض والأب حاملاً المرض فإن المرض ينتقل إلى الأبناء فيكون 25% من الأطفال مصابين بالمرض و25% سليمين و 50 حاملين سمة تلاسيميا و حسب وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية فإن 3-5% من سكان العالم حاملين للتلاسيميا وفي سورية يتركز المرض في مناطق الساحل والجولان والغوطة الشرقية وصيدنايا ومناطق أخرى .
1758 مريضاً كل شهر
اكد د. خلف أن المركز وعن طريق وزارة الصحة يقوم بتأمين الأدوية وأكياس الدم وكل ما يلزم المريض بشكل مجاني علماً أن الدواء من النوع الغالي الثمن (ديسبفرال و إكس جيل) التي يصل ثمن العلبة الواحدة إلى 40 ألف ل.س والمركز يستقبل 1758 مريضاً كل شهر وبشكل دوري وهذا العدد حسب آخر إحصائية لعام 2010 بينما المسجلون في المركز عددهم 2250 مريضاً والبعض من المسجلين لا يلتزم بشكل دائم بالعلاج، كما أشار د. خلف أن مريض التلاسيميا تبلغ تكلفة علاجه على نفقة الدولة 800 ألف ل.س سنوياً وفي سورية يبلغ عدد الإصابات 7500 مريض تلاسيميا.
بالوقاية نقضي على المرض
وفي حديثه قال د. خلف الآن بدأنا العمل على الوقاية من مرض التلاسيميا والقضاء عليه ونكتفي فقط بالعدد الموجود وخطة العمل بدأت بالتوجه إلى كل الجهات الرسمية والمؤسسات الاجتماعية للتعريف بالمرض والوقاية منه ويمكن لنا التخلص منه كما فعلت دول مثل قبرص واليونان و... ذلك باتباع إجراء تحليل ما قبل الزواج والتأكيد عليه من قبل كل الجهات الرسمية.
طبيعة العمل لا تخلو من بعض الاشكاليات والعقبات التي تقف عائقاً أمام العمل في المركز وعنها قال د. خلف: أربعة أطباء فقط يقومون بتغطية العمل في المركز ونحتاج إلى عدد من أطباء مختصين لاسيما طبيب قلبية وغدد لأن مريض التلاسيميا لاسيما الأطفال يتعرضون في مرحلة النمو إلى قصر القامة وخلل في الغدد النخامية كذلك الفتيات في سن العشرين يتأخر لديهن سن البلوغ وهذا يسبب لهن القلق والتوتر..
الإسراع بتوفير أجهزة حديثة
بدوره طبيب المخبر د. محمد ياسر مخللاتي أشار إلى قدم الأجهزة منذ 16 سنة وعدم فعاليتها وأصبحت الحاجة إلى استبدالها بالأحدث ضرورية وذلك للحصول على نتائج ومؤشرات صحيحة ودقيقة في التحاليل المخبرية وهذا ما طالبنا به لكن الإجراءات الروتينية الإدارية تحتاج لوقت طويل وعملنا إسعافي يتطلب السرعة في العمل وقال د. مخللاتي مشيراً إلى الجهود الكبيرة التي تبذل من المشروع الوطني للتلاسيميا فمؤخراً قامت إدارة المشروع بالتعاون مع مشفى المجتهد بإدخال جهاز حديث وهو عبارة عن مرنان للقلب والكبد لكشف كمية الحديد في الجسم.
علاج نفسي واجتماعي
الاهتمام بالمريض ليس فقط من الناحية الصحية والجسمية بل إن المركز يقدم المعالجة النفسية والاجتماعية للمريض وأسرته. فالاختصاصية تقوم بدورها المهم في تخفيف المعاناة والرضوض النفسية التي يخلقها هذا المرض المزمن ضمن الأسرة وعن هذه الخدمة قالت الاختصاصية الاجتماعية والنفسية ناديا الريس في المركز: إن أغلب الأسر في البداية تصاب بالصدمة بسبب اكتشاف المرض عند الطفل والبعض ينكر وجود المرض ولا يتقبل الفكرة كذلك الفتيات في سن المراهقة وسن البلوغ لديهن أسئلة كثيرة تتعلق بالمرض مثل: قصر القامة- تأخر البلوغ- لماذا نحن مرضى؟.. أيضاً الشباب وما يعانيه من حالات الاكتئاب وعدم القدرة على التكيف والاختلاط مع الآخرين.. هؤلاء هم بحاجة لمن يسمعهم ويشعرهم بالاطمئنان والتوعية والتثقيف بالمرض وكيفية علاجه والاهتمام بصحة المريض كذلك هناك الأم الحامل المصابة بالمرض تحتاج لتوعية بإجراء التحاليل للاطمئنان على حالة الجنين وصحتها..
وقالت الاختصاصية الريس: إن الشباب والفتيات من هم في سن الزواج نؤكد عليهم أهمية إجراء تحليل ما قبل الزواج وتوعيتهم بخطورة المرض في حالة إصابة الاثنين بالمرض وولادة أطفال مصابين بالتلاسيميا. وأضافت: المحاضرات التوعوية مستمرة على مدار الأسبوع في المركز حول المرض للحفاظ على صحة المريض وشعوره بالاطمئنان والمتابعة في المعالجة.
زهور كمالي
المصدر: تشرين
إضافة تعليق جديد