ودع دمشق بأعلى معدل أمطار في يوم واحد
شهدت سورية خلال الأيام الماضية موجة برد وهطلات مطرية وثلجية شملت أغلب المحافظات، حيث أثرت على الأسواق وحركة الناس، فأمس صباحاً كانت أغلب الشوارع فارغة من روادها فحركة السير ضعيفة وحركة المشاة أضعف، ولا تجد في الشارع إلا من اضطر بحكم عمل أو ظرف ما إلى النزول إلى قلب العاصمة ومنهم أبو علي الذي بين أنه بحكم عمله (سائق تكسي) مضطر للنزول فيوم الأحد لم يستطع ذلك بسبب الأمطار والثلوج التي هطلت على دمشق، أما اليوم فعلى الرغم منها هو مضطر للعمل من أجل ألا يخسر جزءاً من رزق أولاده. مبيناً أنه كان ليعمل يوم الأحد لولا الجو الذي فاجأ الجميع، فتساقط الثلوج وفقاً لروايته منع الكثير من سائقي التكسي وحتى الميكروباصات للذهاب مبكراً إلى البيت.
وهو الأمر الذي يسرد تبعاته مبيناً أن ذلك أوجد مشكلة في تنقل الناس وخصوصاً أن الهطل المتزايد للثلج دفع بأغلبهم بطلب العودة إلى البيت، لكن مع مشكلة القلة أو حتى الندرة بوسائل النقل وجد أغلبهم نفسه مرمياً على قارعة الطريق، فلا سرافيس ولا حتى سيارات أجرة، أضف إلى ذلك وفقاً لرواية شهد الطالبة في كلية الحقوق، فإن البعض وجد صعوبة بالعودة إلى منزله في ريف دمشق مع إغلاق الطرقات بسبب الثلج، فهذا الأمر حدا بها مثلاً إلى المبيت في بيت عمتها في دمشق.
كلية الإعلام مبنى جديد ولكن
السير باتجاه كلية الآداب صعب صباح أمس فالثلج توضع على الأرصفة وشكل طبقة من الجليد يجب السير عليها بهدوء وتؤدة وإلا فسيكون المصير: كمصير سناء طالبة اللغة الإنكليزية، التي سقطت تزحلقاً باتجاه طريق السيارات ولولا أن ستر ربك لكانت النتيجة لا تحمد عقباها.
الكلية فارغة من الطلاب تقريباً لولا البعض الذي اجتهد للوصول إلى المحاضرات في وقتها لكن النتيجة لم تكن كما توقع، فالمدرجات خالية من الأساتذة والطلاب، الأمر ذاته واجهه طلاب كلية الإعلام الذين فوجئوا إضافة إلى ذلك بحجم تسرب المياه في مبنى كليتهم الجديدة، فالمياه تتسرب من حواف قبتي الكلية الواقعتين في أعلى البهو، محدثة مستنقعات مائية في أرضية البهو وفي ممرات الطوابق العليا ابتداءً من الطابق الرابع، حتى إنها دخلت إلى ما تحت الأخشاب التي تغطي أسقف الممر في الطابق الرابع.
مبنى المحافظة بلا موظفين
المفاجأة مختلفة بالنسبة للمراجعين في محافظة دمشق صباح أمس، فالأبواب موصدة سواء باب المراجعين أو الباب الجانبي الذي يؤدي إلى منور المحافظة حيث تستقر مكاتب موظفي تنظيم عقود البيع والإيجار، تبحث عن الأبواب الأخرى للمحافظة، فتجد الباب الخاص بدخول الموظفين مفتوحاً، نسأل الاستعلامات عن سبب إغلاق الأبواب الخاصة بالمراجعين فيقول لم يأت أغلب الموظفين بعد، نتجول في أروقة المحافظة وممراتها فنلاحظ حجم الحضور القليل في المكاتب، إضافة إلى غرف المديرين الخالية إلا من المستخدمين.
اقتصاد البرد
على المستوى الاقتصادي ساهمت موجة البرد والمطر والثلج في كساد بعض المبيعات وتنشيط بعضها الآخر فمع بدء موجة البرد استمرت تقلبات الأسواق فنشطت مبيعات وانكمشت مبيعات أخرى، لكن مهما كان فقد أعاد البرد الروح إلى بعض أنواع البضاعة الشتوية، التي بسبب دفء الجو، بقيت نيات المستهلكين بعيدة عنها ومنهم خالد الذي صادفناه في أحد محال الألبسة في الصالحية يشتري سترة شتوية. وهو يعتبر نفسه محظوظاً لكونه استطاع الحصول عليها بمبلغ 1800 ليرة على حين أن السعر المعلن هو 3475 ليرة. وهو الأمر الذي دفعنا لسؤال البائع حول حقيقة السعر فأكد لنا أنه لم يربح من هذه القطعة سوى خمسين ليرة، وهو أمر يدفع للتساؤل حول حقيقة ما يوضع من أسعار والأسباب التي تدفع التاجر لوضع قيمة مضاعفة عن سعر القطعة من جهة وقيام التاجر ببيعها بما يقارب نصف السعر من جهة أخرى. وهو ما يجيب عنه التاجر بقوله لولا الكساد لما بعتها إلا بسعر العرض.
مقاه
في دمشق القديمة يؤكد صاحب مقهى أنه لا يتأثر بموجة البرد، ذلك أن أغلبية زبائنه من محبي السياحة الشتوية الذين يزورون سورية باستمرار وهؤلاء، إذا ما أتوا إلى دمشق فإن المكان الأول الذي يزورونه هو مناطق دمشق القديمة، على عكسه يؤكد صاحب مقهى آخر أن مقهاه يتأثر في أيام الشتاء الباردة، حيث يقل عدد الزبائن الذين يؤمون دمشق القديمة وذلك على عكس الأيام الدافئة التي تنشط فيها الحركة.
المازوت
الأسواق شهدت أيضاً حركة باتجاه شراء المازوت لاتقاء شر البرد، لكن هذه الحركة بقيت ضمن الحدود الطبيعية فلم تحصل ازدحامات على محطات الوقود، الذي كان متوافراً في أغلبها، لكن مع قدوم « كوانين» فالجو في شهري كانون الأول والثاني تعتبر أبرد أشهر الشتاء في دمشق، ويبدو أن الأمر اختلف بالنسبة لأبي جوني القاطن في جرمانا والذي فاجأه سؤالنا عن السبب الذي يدعوه لشراء المازوت، فضحك وقال: «اللـه يبعث الخير بس يستر، لأنه إذا بلشت هيك فمعناته الشتويه قوية» ويتابع أبو جوني تذمره من عدم وجود إعانة مازوت لهذا العام وخصوصاً إذا طالت موجة البرد.
سخانات
ويضيف محمد، بائع في محل لبيع الأجهزة الكهربائية: إن موجة البرد حركت الطلب على وسائل التدفئة من جديد وذكر أن الطلب موجه إلى وسائل التدفئة دون غيرها متحدثاً بدوره عن ركود متواصل في المبيعات، مضيفاً: إن موجة البرد اقتصر نشاطها التجاري على بعض الأولويات فحسب مثل وسائل التدفئة والملابس الشتوية... ويبين بائع آخر للأجهزة الكهربائية أن الطلب قد زاد وخصوصاً على السخانات الكهربائية وذلك بسبب موجة البرد التي تشهدها المنطقة هذه الأيام، وتؤيده في هذا القول أم حسن التي تبين أن موجة البرد دفعتها إلى شراء سخانتين جديدتين. وذلك على غير المتوقع حيث لم يكن الجو ينبئ بموجة برد قاسية كما هو الآن.
ويبين بائع كشك بالقرب من حديقة السبكي، أن البيع هدأ هذه الأيام وذلك لأن الناس لا تأتي إلى الحدائق العامة بسبب البرد، ويضيف: إن أيام الدفء، التي سبقت موجة البرد حركت السوق، حيث إن الناس ينزلون، وخصوصاً أيام العطلة من أجل الاستمتاع بدفء الشمس وحرارتها، ويخالفه في الرأي بائع عربة جوال، وأن المشكلة ليست بالدفء أو البرد، بل هي في جيوب الناس الخالية، لكنه يؤكد أن أكواب الكمون التي يبيعها إلى جانب الفول قد زاد الطلب عليها بسبب البرد، وذلك على عكس الأيام الماضية حيث كان الدفء. هبط البرد فاستفاد البعض ولم يستفد البعض الآخر... غاب البعض ولم يغب البعض الآخر تأخر البعض عن أعماله بينما حضر آخرون في الوقت المحدد، تماماً كما انتعشت مبيعات من ركود مبيعات أخرى... لتبقى بالنتيجة الحكم للطقس.
محافظة دمشق مستنفرة
وكانت الثلوج قد هطلت في دمشق بغزارة بدءاً من الثامنة صباحاً أول أمس وحتى العاشرة لتنقشع حتى الثانية، وأكد مدير الصيانة أنه ومنذ مساء الجمعة استعدت مديرية الصيانة لمواجهة كل التحديات، ووجهت بأن يكون مع كل ورشة صهريج وشفاط وعاملان مجهزان بالعدة اللازمة. الأزهر بين أنه ليس من مهام مديريه الصيانة فتح البلاليع وتسليك الصرف الصحي في الشوارع، فهذه المهام مسؤولة عنها الشركة العامة للصرف الصحي، إضافة للبلديات وما تقوم به المديرية هو عملية مساندة بما تملكه من إمكانيات وتجهيزات شارحاً أن المهمة الأساسية لمديريته إضافة لتفريغ المياه من الشوارع هي إزالة الأنقاض ورفع الخطر عن البيوت والمواطنين في حال حدوث انهيارات، مبيناً أنه حتى مساء أول أمس لم يحدث سوى انهيار لجدار في الجادة 40 في الشيخ خالد ولم يتأذ أحد به وتمت إزالته على الفور وفتح الطريق ولم تحصل أي انهيارات.
عبد المنعم مسعود
المصدر: الوطن السورية
إضافة تعليق جديد