وثائق سورية:كتاب رضا الركابي إلى الأمير فيصل حول أسباب استقالته
زار رضا باشا الركابي الأمير فيصل في صباح 23 كانون الثاني 1920م، وشكا إليه كثيراً من تردي الحالة في البلاد، وقدم الركابي لفيصل كتاباً مؤرخاً في 18 كانون الثاني، شرح فيه أسباب استقالته، وهذا نصه:
(في صباح 10 كانون الأول 1919 استدعاني سمو أخيكم " زيد" إلى داره فتشرفت بحضوره، فسألني عما جرى فتكلمت بما عرفته فأجاب بأن عادل أرسلان ونوري السعيد أخبراه بما جرى في الليلة الماضية ثم سأله –أي الأمير زيد- عن رأيه فأجابه بأن هؤلاء الأشخاص جماعة الفتاة والاستقلاليين، لا صفة لهم ولا يمثلون إلا أنفسهم، لا يهمهم الوطن، ولادفاعه، ولاتهمهم سوى غايات مكنونة فيص دورهم وربما تكون ضد الإمارة مبدئياً وأرى شدة المسؤولية في هذا الباب. وعليه فإني لا أستطيع أن أتبع سياسة الأشخاص غير المسؤولة تحت أي اسم كان، الداعية إلى الفرقة وإماتة الحركة الوطنية في الوقت الذي تحتاج فيه لجمع القوة، والكلمة، كما أني لا أقدر أن أرى حكومة غير مسؤولة، تسيطر على حكومة مسؤولة، تمثيلاً للدور الاتحادي البائد، وأعتقد أن الحكومة التي تسير على رغائب الأشخاص أو الأحزاب غير السمؤولة، فمصيرها ومصير الوطن معها إلى الخراب، وعليه فإما أن يعتمد علي ويعاضدني، لأتمكن من قمع هذه الفوضى قبل استفحالها أكثر مما هي عليه وإما أن يظهر ارتياحه لسياسة المذكورين فأنسحب. فأجابني بأن أكون مطمئناً على حفظ حقوقي فشكرته وانسحبت لداري. وبعد مضي ساعة من عودتي شرف سموه وبرفقته نوري السعيد رافضاً قبول انسحابي لما انسحبت، والآن أقرر ما قلته أولاً فإن رأى لزوماً لوجودي في الحكومة فليعتمد علي ويعاضدني وعندها أعود وإلا فلا عودة لي، وفي النتيجة أمرني بأن أكون مأذوناً بينما تتشرف البلاد بعودة سموكم وأوكل عبد الحميد باشا القلطقجي فوكلته من قبلي ثم بعد يومين عين سموه مصطفى نعمة للوكالة حسب رغائب الأشخاص المذكورين وبهذه الصورة تمت الرواية التمثيلية العائدة لشخص عبدكم، وعلى ذلك قاموا وشكلوا الحكومة الحاضرة وسموها الحكومة الدفاعية ولست أعلم شكل الدفاع الذي أحرزوه والثمرات التي اقتطفوها.
سيدي المعظم:
إنه كان من الواجب على أن أتمم كل شيء وأثبت في مكاني، وأقاوم كل مشاغبة وفوضى لحين تشريف سموكم ولكن خطة نوري السعيد وتمايل سمو أخيكم المعظم إليه وإلى سياسة الأشخاص المذكورين وارتياحه لانسحابي أملاً بما هو أرجح وأنجح، وحراجة الموقف وعدم مساعدة الوقت اضطرني لأن انسحب لكي تتشكل بعدي حكومة تأتي بالخوارق لحفظ الوطن، وتحفظ خطة أقوم وأعدل من خطتي المدونة في مطاوي عريضتي. وإذا أراد أن يستوضح سيدي أكثر من ذلك فإني رهن الإشارة وأرجو الله أن يكلل بالتوفيق والنجاح أعماله ويسعد الأمة على يده ويؤيده بنصر من عنده أنه سميع مجيب).
18 كانون الثاني 1920م.
الخادم
الركابي
المصدر: مذكراتي عن الثورة العربية الكبرى، أحمد قدري، منشورات وزارة الثقافة، دمشق 1993م.
الجمل- إعداد: سليمان عبد النبي
إضافة تعليق جديد