هل تنجح «مرسيليا» في استيلاد «اتحاد المتوسط»؟
محاولة أوروبية ثانية لفتح الطريق أمام الإتحاد من أجل المتوسط، بعد الانطلاقة العسيرة في باريس في ١٣ تموز الماضي.
وزراء خارجية المتوسط والإتحاد الأوروبي اختاروا هذه المرة ملتقى على مبعدة أمتار من ساحل مرسيليا، التي شغلت قبل قرون محطة من بين محطات التجارة الكثيرة التي أنشأها الفينيقيون، وفي قصر المؤتمرات في المدينة، الأكثر متوسطية على الضفة الشمالية للبحر، والأقرب في التنوع الثقافي والسكاني والتاريخ بما يسهل لتحويل الأبيض المتوسط تجمعا إقليميا، بعد أكثر من عقد من مراوحة المحاولة مكانها، في مسار برشلونة.
والمحاولة الجديدة، بفضل ميل فرنسي إلى التسويات، تحمل اسم المدينة المتوسطية الإسبانية، مع تعميدها، الإتحاد من أجل المتوسط، للتمييز، وترقيمه بالمسار الثاني لبرشلونة، لعدم إحداث قطيعة، تغضب الأسبان.
قراءات متعددة، تنسب إلى الإتحاد الجديد ما لم ينسب إلى المسار السابق لبرشلونة: إطار إقليمي مصطنع لإرضاء تركيا، والالتفاف، من قبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي المعارض على مطلبها الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي، ومحاولة لوضع عربة التطبيع الاقتصادي بين العرب وإسرائيل أمام ثور التسوية العادلة للنزاع بينهما.
الوزراء القادمون من ٤٣ خارجية أوروبية ومتوسطية، سيعكفون اليوم وغدا على إنجاز ما لم يستطع خبراؤهم إنجازه في الأشهر الثلاثة الفاصلة ما بين اجتماع اليوم وقمتهم المؤسسة في ١٣ تموز.
وسيجد العرب، على طاولة الوفد الإسرائيلي في مرسيليا، عربيا من الخارجية الإسرائيلية، لتمثيل وزيرته تسيبي ليفي التي لن تأتي إلى مرسيليا، مع المراهنة أن نائبها مجلي وهبي، الذي سيوفر بعض العناء على مترجمي الاجتماع، لن يغير شيئا كثيرا في الموقف الإسرائيلي المعارض، الذي يحظى بدعم عدد من الأوروبيين، ويشكل عقدة أساسية أمام الاتفاق على آليات إدارة الإتحاد، في رفض إيلاء الجامعة العربية وضعية العضو المراقب، الذي يشارك في كل الاجتماعات ويستثنى، بناء على إلحاح إسرائيلي، من الاجتماعات التحضيرية على مستوى كبار الموظفين.
والاجتماع مفصلي، في عمل الإتحاد وغيره من التجمعات الإقليمية، لدوره في تحديد برامج العمل شبه النهائية لاجتماعات الوزراء أو الرؤساء، التي غالباً ما تقتصر على التوقيع على ما اتفق عليه كبار الموظفين.
وستعرف الوجهة العامة لاجتماع اليوم في اجتماع كبار الموظفين الصباحي، الذي سيسبق لقاء الوزراء، لحل الخلاف الآخر، وهو عربي، على مقر الإتحاد.
وتتقاطع مصادر عربية وفرنسية في القول إن ترشيح تونس كي ترفرف أعلام الدول الـ،٤٣ ومن بينها إسرائيل فوق المقر، يعود إليها. وهو عرض لا يزال يلقى معارضة جزائرية وسورية، لاعتبارات تتعلق بعدم حضور اجتماعات إقليمية تضم إسرائيل، في بلد عربي كي لا يحسب ذلك تطبيعا غير مباشر معها.
وسيبحث الموظفون الكبار صباحا عرضا إسبانياً للتسوية لاستعادة المقر إلى برشلونة، تعرض فيه مدريد على تونس منصب الأمين العام للإتحاد، الذي لا تزال ولادته عسيرة.
ولحل معضلة أن تتولى دولة أوروبية غير متوسطية اتحادا يهدف إلى تسهيل التواصل عبر ضفتي المتوسط، وافق التشيكيون، الذين تؤول إليهم مطلع العام المقبل رئاسة الإتحاد الأوروبي، وعليه تؤول تلقائيا رئاسة الإتحاد المتوسطي، على الإبقاء على الفريق التقني الفرنسي الحالي لإدارة نصف الرئاسة من جانب الضفة الشمالية للمتوسط، إلى جانب نصف الرئاسة المصرية على الضفة الجنوبية للإتحاد.
محمد بلوط
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد