هكذا رجال لابد أن ينتصروا
عندما تندلع حروب صغيرة وكبيرة، يخرج اللصوص والسارقون من جحورهم وأوكارهم، لنهب ما يتيسّر لهم من المنازل المدمّرة، والمحال المتصدّعة، والمؤسّسات المتهدّمة، والشوارع المقفرة إلا من الصمت والسكون وظلال النازحين عنها، ويبدأون في جمع رزقهم كيفما اتفقّ، وكيفما كان، من دون أن يتركوا أثراً واحداً يدلّ عليهم. فهم معتادون على العيش على فتات الحرب حيث اقتناص الفرص أغلى الأمنيات.
ولكنّ حسابات هؤلاء اللصوص لم تتطابق مع العدوان الإسرائيلي على لبنان، والمستمرّ منذ واحد وثلاثين يوماً، ولاسيّما في منطقة الضاحية الجنوبية المنكوبة والخالية إلا من رجال آمنوا بأنّ الأوطان لا تبنى إلا بلغة الدم، وينتظرون عدواً غاشماً لا يواجههم على الأرض بل يأتيهم من بعيد، بطائراته وهذا ما ردّ السارقين على أعقابهم فاشلين خاسئين، من دون أن يتمكّنوا من الظفر بقرش واحد، ولا بقرط ذهبي، ولا بكسرة خبز.
فإزاء الخراب الذي حلّ بأحياء كثيرة من الضاحية وخصوصاً في محلة بئر العبد، وتسوية مبان بكاملها بالأرض، امتزج الغبار والردم بقطع ذهبية تطايرت من محال بيع الحلي والمجوهرات الموجودة هناك، وانتشرت في غير مكان، وعلى الفور عمد عناصر حزب الله المنتشرين إلى لملمة هذه الأغراض، وهي تقدّر بمئات ملايين الدولارات، واحتفظوا بها ريثما معرفة أصحابها، ثمّ سلّموهم إياها، قطعة قطعة، فهم لم يستطيعوا إخراجها من أتون النار فقيّد الله لهم من يحفظها لهم كما تركوها.
وفي محلّة صفير، تدمّرت بناية حديثة جداً، وتساوت محتوياتها بالتراب حيث عثر عناصر الحزب على متاع باهظ الثمن، وبينه حقيبة كبيرة تحتوي على سترات جلدية يقدّر ثمنها بألوف الدولارات. وما أن عرف صاحب الحقيبة بأنّ منزله تهدّم كلّياً حتّى حضر، وهو يمنّي نفسه بالعثور على الحقيبة التي تعينه في استكمال حياته، ووجدها بانتظاره مع عناصر أمن الحزب الذين سلّموها له، ليحتلّ الفرح كلّ جسده ووجهه، وشكرهم على أمانتهم التي لا تقدّر بثمن وباتت نادرة في هذا الزمن الصعب.
وفي ساحة الغبيري، حاول لصوص اغتنام فرصة عدم وجود أحد في محلات عبد طحان للأدوات المنزلية بعدما امتلأ محيطها بالصواريخ وخلت الطريق إلا من هدير الطائرات، وحاولوا حمل ما خفّ وزنه، وغلا ثمنه، ولكنّ عناصر الأمن في حزب الله كانت لهم بالمرصاد، وأفشلت مخطّطهم وأوقفتهم وسلّمتهم للقوى الأمنية الرسمية تمهيداً لإحالتهم على القضاء.
وفي شارع الشيخ راغب حرب الكائن في محلّة حارة حريك، سقطت مع مبنى مدمّر حقيبة ممتلئة بمئات ألوف الدولارات، وتناثرت على الأرض، فسارع عناصر الحزب إلى جمعها وتوضيبها في أكياس، ولمّا حضر صاحبها وجدها كما هي لم تنقص سنتاً واحداً، فاطمأن قلبه إلى أنّ الضاحية بخير.
هذا هو حزب الله.. يقاتل على الجبهة، ويصد تجّار الحروب واللصوص في الداخل، فيبذل أبناؤه دماءهم في سبيل وطنهم لكي يبقى حرّاً وسيّداً، ويحمون منطقتهم من الزعران، ويمنعون أحداً من استغلال هكذا مناسبات، وهذا ما يزيد من ثقة الناس بهذا الحزب ويجعلهم يقفون إلى جانبه خصوصاً وأن الناس لا يزالون يحملون ذكريات أليمة عن السرقات خلال الحرب الأهلية في لبنان.
علي الموسوي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد