موضة التجميل سبّب تشوهات عدة ..!
مقابل الواقع المعيشي الصعب الذي نعانيه في المجمل في مجتمعنا، والانشغال بتأمين الحاجات اليومية، نجد نسبة لا بأس بها ومن أولوياتها تحسين مظهرها وإجراء عمليات تجميلية ليس بداعي الحاجة ولا الضرورة بل تيمنا بأحد المشاهير وبقصد التغيير أو ربما للوصول إلى درجة معينة من الجمال، إذ أصبح التجميل مطلبها قبل الخبز والطحين, ولا يمكننا أن نغض البصر عن هذه الفئة التي بتنا نراها وبوضوح، وتبين الدكتورة هدى برهان طحلاوي -اختصاصية أمراض جلدية وتجميل بشرة أن التجميل هو علاج أحياناً، وموضة أحياناً أخرى، في عصر برزت فيه الفنانات والمذيعات وعارضات الأزياء، وأعطي أهمية تفوق أهمية العلم والعلماء، وما «زاد الطين بلة» كما تقول: هو إعجاب الرجال بهن ما أدى لسعي نسائهم لإثبات جمالهن أيضاً، ودخلن في مباريات الجمال والتجميل لأنهن عرفن أن تلك الفنانات حقن أنفسهن وتعرضن لعمليات تجميل أخرى (كتكبير الصدر أو تصغيره أو نحت أجسامهن إما بشفط الدهون أو حقنها وغير ذلك من بوتوكس ومالئات «فيلرز»).
وفي المؤتمر العلمي السابع للمعالجات والجراحات الجلدية و التجميلية الذي أقيم منذ أيام في اللاذقية ناقش أكثر من 20 طبيباً مختصاً أربعة محاور وهي( جراحة الوجه التجميلية والمعالجات الجلدية التجميلية وجراحة الجسم التجميلية، كما أخذ الحديث عن الإصابات الحربية والمهنية والحوادث حيزاً من المؤتمر، وربما ما عرض من حالات لا يشكل شيئاً أمام الواقع الذي نحن فيه، فالإصابات متعددة ومتنوعة ويختلف علاجها من حالة إلى أخرى، وقد لا تكتفي بعض الإصابات بعملية واثنتين والكثير منها يحتاج أكثر من عملية تجميلية.
جراحة الرعب
وتعد جراحة البدانة جراحة العصر كما بين الدكتور هوازن مخلوف -اختصاصي جراحة تنظيرية، ومدير صحة اللاذقية الذي التقته «تشرين» على هامش المؤتمر، حيث أشار إلى أنها جراحة الرعب لعدد كبير من الناس، وحجم الشائعات عنها أكبر بكثير من الواقع، ومرض البدانة هو مرض العصر، فالحل الأمثل حتى الآن هو العلاجات الجراحية التي تؤدي إلى نسب فوق 98% في النجاح، ويتوقع د. مخلوف أن حل مشكلة البدانة محصور بالعمليات الجراحية أو ما يسمى العمليات الجراحية التنظيرية إن كان من خارج الوطن أو داخله، مشيراً إلى أن حجم الاختلاطات ليس بالكبير وإن نسبة 35% ممن يقومون بها هم من الفئة العمرية الصغيرة وتتراوح أعمارهم ما بين 17 و 19 سنة، منوهاً بأن العمليات الجراحية للبدانة ليست موضوعاً تجميلياً، بل هي مختلفة عن العمليات الجراحية التجميلية.
عنق نفرتيتي وعين القطة
كما نجد أن (عين القطة، عنق نفرتيتي، تكساس) أكثر العمليات التجميلية التي يمكن أن تطلب اليوم من طبيب التجميل، وهي موضة أكثر من أن تكون حاجة، كما أوضحت الدكتورة بشرى عنبر اختصاصية جلدية وتجميل، والتي أفردت بحثاً في المؤتمر للحديث عنها وفي تصريح لـ«تشرين» قالت: عين القطة يقوم بها أكثر أطباء الجراحة التجميلية ونقوم بها كأطباء جلدية وتجميل عن طريق البوتوكس والخيوط، وموضة (عنق نفرتيتي) بالبوتكس و(تكساس) أي «تعريض» الفك بـ «الفيلر» هو حاجة عند البعض وموضة عند البعض ويطلبه الرجال والنساء والشباب كثيراً هذه الأيام، كما بينت د.عنبر أن هناك نسبة كبيرة من الشباب تستخدم البوتكس كما الفتيات، وأضافت: مع التقدم في السن يصبح التجميل علاجياً لتحافظ المرأة أو الرجل على شبابهما ونضارة بشرة الوجه ويكون بحقن الفيلر بكميات قليلة بطبقة رقيقة من الجلد وهذا مطلوب اليوم كثيراً.
يستسهلونها
وقال د. أحمد مصطفى الذي تحدث خلال المؤتمر عن تحديات ومضاعفات تجميل الأنف إن البعض يستسهل العمليات التجميلية و نلاحظ هذه الأيام هجوم الشباب ذكوراً وإناثاً للقيام بالعمليات التجميلية من دون معرفة تبعاتها، وهل هم بحاجة لها فعلاً؟، أضف إلى ذلك كثرة أطباء الجراحة التجميلية والعاملين في هذا المجال والذين لا يتجرؤون على رفض أي مريض ويجارونه فيما يطلب، و أمام كل هذا يرى د.مصطفى أن أهم نقطة هي انتقاء المريض الذي يستفيد بشكل كبير من العملية وهذا أهم من العملية في حد ذاتها وذلك للحد من احتمالات المخاطرة، والجرّاح يجب أن يكون لديه تفكير جراحي و ينتقي المرضى بدقة للعمل الجراحي، أضاف مصطفى لابد من أن أذكر مقولة طبيب إنكليزي (الطبيب الجيد يعالج المرض والطبيب العظيم يعالج المريض).
حالات تستوجب التجميل
وتبين د. طحلاوي أن هناك حالات تستوجب التجميل منها التشوهات الخلقية منذ الولادة كشفة الأرنب والحنك المشقوق أو أعضاء غير مكتملة كتشوهات الأطراف والأذن والأسنان ..، و كذلك التشوهات المكتسبة الناجمة عن حوادث طارئة وحروق أو أمراض مشوهة للجمال …،
وتذكر طحلاوي أن من الأمراض المشوهة للجمال مثلاً الضمور الشحمي أو صلابة الجلد وهذه قد تتطلب حقن المالئات أو عمليات تجميلية محسنة للجلد والشعر، وتؤكد أنه في غير هذه الحالات يكون على الأغلب الهدف من الذهاب إلى الجرّاح التجميليّ أوطبيب الجلد هو التخلّص من شيء مزعج في الشكل يكون واضحاً ونافراً أو لتصغير السن، لكن في بعض الأحيان، يكون اللحاق بالموضة العمياء أو الغيرة من الأخريات أو حبّ لفت النظر هو المسوغ الوحيد لتقرّر السيدة الخضوع للتجميل، وتتابع قولها: هناك حالات تقنع طبيب الجلدية بإجرائها حالياً لتوفر الدواء المناسب الذي اكتشف حديثاً مثل مظهر العبوس بين الحاجبين وتشكل عبوساً دائماً في المستقبل لدى المرأة ما يضر بجمالها وعلاقتها مع زوجها إذ قالت لي إحداهن: أنزعج كثيراً عندما يقول لي زوجي لم أنت عابسة؟ ولذلك سأحقن ابنتي بالبوتوكس وهي شابة قبل أن يتشكل لديها هذا العبوس مثلي في المستقبل، وكذلك أيضاً تجاعيد الضحك حول العين عند الشابات والتي تزول بحقن البوتوكس وتحسّن المنظر الجمالي لهن، وتجاعيد عميقة لافتة للنظر مشوهة للجمال لا مانع من ملئها عند الضرورة لتقترب للوضع الذي كانت عليه أيام الشباب، فمثلاً سيدة في الأربعين تريد الزواج وتريد إخفاء مثل هذه التجاعيد لا مانع من مساعدتها طبياً بمالئات جيدة الصنع.
يجرونها للكسب المادي
أما الحالات التي لا تقنع طبيب الجلدية فهي التي تغير الشكل والمظهر لحاقاً بالموضة كتكبير الشفاه ونفخ الخدود.. وبعضهم يجريها إما إرضاء للمرضى أو للكسب المادي منها للأسف وتضيف طحلاوي: قد تندم المريضة أو يندم الطبيب الذي ورّط نفسه في هذه الإجراءات التي لا نهاية لها فقد تطلب المريضة زيادتها كما حدث مع أحد الأطباء هو يرفض وهي تصرخ في وجهه وتقول له أعطيك ما تريد فلماذا تمانع وهو يقول لها نفخت لك كثيراً يكفي هذا.. فهل يضع الطبيب نفسه في هذه المواقف المحرجة؟.
وأضافت طحلاوي: إضافة إلى كثرة صالونات التجميل ومراكزها غير المرخصة والتي تدعي أن طبيباً يعمل بها، وفي النهاية تتبين الحقيقة ويتبين كذبهم بعد المضاعفات التي حصلت معهم والأذى الذي لحق بالضحايا كما حدث مع إحدى المراجعات التي تشوه وجهها من حقن بوتوكس خاطئ، وتبينت أن الذي أجراها لم يكن طبيباً وكذبوا عليها بذلك وتريد الشكوى عليهم، أو المريضة التي حقنوا لها «فيلر» في مكان خطر فأصيبت بالعمى، وأخرى أصيبت بـ «تنخر» جلد الأنف وتموّته وغير ذلك من الاختلاطات الخطرة المشوهة من تقيحات وخراجات احتاجت عمليات جراحية وخلفت ندبات معيبة.
وختمت د.طحلاوي بالقول : إن نساء الدول المتحضرة لم ينخرطن في هذه الموضة كما انخرطت فيها النساء العربيات وحتى فناناتها أغلبهن يحتفظن بأشكالهن الطبيعية وتميزهن عن غيرهن بذلك …وبعد ازدياد هذه العمليات التجميلية والحقن المختلف الذي تجاوز حده حيث أصبح مشوهاً للجمال في كثير من الأحيان وتشابهت فيه كثير من النساء فلم تعد الصفة المميزة لهن ولشخصيتهن واضحة حيث أصبحن كـ «المستنسخات» يجب علينا أن ننوه بهذا لعل التوعية والتثقيف الطبي يطفوان على سطح بحيرة الجمال التي غرقن فيها فتنتشلهن إلى الجمال الحقيقي المميز لهن، وفي الختام يجب على الطبيب أن يقوم بدور تعزيز الثقة للمريضة التي تكون ثقتها بنفسها مهزوزة من أحد العيوب في جمالها أو كما تظن.
تشرين
إضافة تعليق جديد