مهندس بحري يبدع بتصميم مصغرات سفن تحاكي الحقيقة في اللاذقية
اعتزل العمل في البحر، لكن ظل البحر يسكنه، فعشرة أربعين عاماً قضاها يتنقل على متن السفن لم تكن لتطو بقرار اعتزال لظروف صحية، بل كانت حافزاً للمهندس البحري رشيد دالاتي.
لينقل البحر الذي أحب إلى محله في حي الصليبة بمدينة اللاذقية، إلى حيث يستطيع أن يصنع مصغرات سفن خشبية تحاكي السفن الحقيقية بحرفية العاشق المسكون بالشغف لمهنة أحلى أيام العمر.
في محله الذي لا يمكن أن تستدل إليه إلا إذا قصد دالاتي أن يدخلك إلى عالمه البحري السحري الذي أراده غير مكشوفاً على الشارع حتى لا يتدخل الناس بعمله ويشوشون عليه بتعليقاتهم.
يقول دالاتي : “هناك أشخاص ينظرون إلي ويقولون لأنفسهم أنه مجرد نجار (يُنجّر) بقطعة خشب، لكنهم لا يعلمون أنني أعمل في مهنة أعشقها وتشكل لي عشرة أحلى سنوات عمري، ولذلك فضلت العمل بهدوء بعيداً عن الضجيج والتدخل في عملي”.
بأدوات بسيطة عبارة عن قطع خشبية ومنشار ومطرقة و(بينسة) وأدوات لاصقة وبراغي ناعمة ومرابط غير ثابتة لتجميع القطع، يبدع دالاتي في صنع السفن على اختلاف أحجامها، بنماذج تحاكي السفن الحقيقية بنسخة مصغرة مصنوعة بكم كبير من الحرفية”.
ويقول دالاتي: “٤٠ عاماً قضيتها على متن سفن أجنبية وعربية فأنا كنت أعمل مهندساً بحرياً، زرت خلال تلك السنوات جميع الدول المطلة على البحار، كما دخلت إلى أحواض بناء السفن باعتبار أن كل سفينة تأخذ عمرة كل سنتين لذلك اطلعت على السفن من الداخل والخارج، وأصبح لدي إلمام كبير بالسفن من ناحية تفاصيل التصميم”
وأضاف دالاتي: “في عام ٢٠١٦ اعتزلت العمل بالبحر لأني أجريت عملية قلب مفتوح، وبعدها قررت أن اتوقف عن العمل لأنني لن أستطيع العمل بكل طاقتي كما في السابق”.
وتابع دالاتي: “لم أستطع أن أبقى بعيداً عن عالم البحار والسفن الذي أعشقه، فقررت أن أصنع مجسمات للسفن الحقيقية في ورشة صغيرة في حي الصليبة، وبالفعل بدأت بعملية الصنع”.
بكل ما اكتسبه طيلة السنوات الأربعين من خبرة والمام بالعمل البحري وتفاصيل هندسة السفن، أبدع دالاتي في صناعة مجسمات السفن التي ضجت بالجمال والدقة والابداع لتلقى رواجاً كبيراً من أشخاص أقبلوا على شرائها بأسعار جيدة توازي القيمة الفنية التي صنعت بها.
ويؤكد دالاتي أنه “خلال السنوات الأربع الماضية صنع أربع سفن صغيرة وعشر سفن كبيرة، وقد لاقت استحساناً كبيراً من جميع الأشخاص الذين شاهدوها، حتى أن هناك أشخاص قصدوا دالاتي ليصنع لهم سفينة محددة بناء على طلبهم”.
وأشار دالاتي إلى أنه “صنع مصغر عن سفينة تايتانيك بناء على طلب أحد الاشخاص”، مؤكدا أن “السنوات الطويلة التي قضاها في العمل كمهندس بحري جعلته خبيراً بصناعة نماذج سفن تحاكي السفن الحقيقية من حيث الأبعاد والمقاييس والحجم”
كما أشار دالاتي إلى “سفينة واحة البحار التي صنعها ووصفها بأنها عمل فريد والاول على مستوى العالم من ناحية التصميم والابداع والتميز في دقة التصميم وتناسب الأحجام”.
وأردف دالاتي: ” يبلغ طول السفينة ١٦٥ سنتيمتر، وعرضها ٣٥ سنتيمتر، بارتفاع متر ، و١٧ طابق يوجد داخلها ٧ آلاف شخص، وتحتوي أيضاً على صالات عرض وترفيه ومطاعم وحدائق”.
ولفت دالاتي الى أنه “لسهولة رؤية ما يوجد داخل الطوابق من أسرة وأشخاص وديكورات أخرى فانه تم جعل الطابق الواحد ٢،٥ سنتيمتر بدلاً من ٢ سنتيمتر، ناهيك عن إنارتها بألوان مختلفة، واستمر العمل بالمصغر مدة ٩ شهور بمعدل ٣ ساعات عمل يومياً”.
وأكد دالاتي أنه “لم يعمل في صناعة السفن بقصد التجارة، وإنما للمتعة فقط والهواية، إلا أن الأشخاص الذين شاهدوا أعمالي أصبحوا يطلبون مني تصميم مجسم مصغر لسفينة معينة”.
وأشار دالاتي إلى أنه “يقوم حالياً بصناعة ثلاث شراعيات قديمة من الواقع السوري (أروادية)، بغية إهدائها لأولاده الثلاثة لتكون تذكار لهم”.
وختم دالاتي حديثه بالتأكيد أنه يعمل في صناعة مصغرات السفن ليس للقيمة المادية وإنما للقيمة الفنية ولإرضاء نفسه التي يسكنها عشق البحر والذكريات الجميلة التي لا تزال حاضرة في كل قطعة يضعها في مجسم يعطيه من الشغف والحب بقدر ما يعطيه من دقة في التصميم وتناسب بالاحجام.
الخبر
إضافة تعليق جديد