منبج لِمَن ستكون؟
كَثُرَ الحديثُ عن مدينةِ منبج مؤخّراً بعد التهديدات التركيّة باقتحام المدينةِ فور خروجِ القوّاتِ الأمريكيّة والفرنسيّة منها، حيث أوقعَ ترامب الأكراد في شرق الفرات عموماً وفي منبج على وجه الخصوص في موقفٍ لا يُحسدونَ عليه.
القوّات التركيّة قامت بحشدِ قوّاتها والمئات من قوّات المُعارَضة السوريّة المسلّحة المواليّة لتركيا على أطرافِ مدينة منبج من الجهةِ الشماليّة والغربيّة حيث تتموضع قوّات درع الفرات، ومن جانبٍ آخر قامَ الجيشُ السوريّ أيضاً بحشدِ حوالي ألفٍ من قوّاته معزّزين بالمدرّعات والدبّابات على أطرافِ مدينة منبج من الجهةِ الجنوبيّة .
منبجُ وريفها هي المناطق الوحيدة التي يُسيطرُ عليها الأكراد غربَ الفرات وتخضعُ منبج لحكمِ مجلسِ منبج العسكريّ الذي يتكوّنُ بشكلٍ أساسي من الأكراد ممثّلين بقوّاتِ حماية الشعب الكرديّة .
تناقلَ ناشطونَ على مواقعِ التواصل الاجتماعيّ أنباءً عن اتّفاقٍ بين مجلسِ منبج العسكريّ والحكومة السوريّة غير مُكتمِلٍ بعد، يتمثّلُ بدخولِ قوّات الجيش السوريّ إلى المربّع الحكوميّ في منبج فقط ورفع العلم السوريّ فوقَ مبانيها وانتشار قوّات الجيش السوريّ على طولِ شريط التماس مع قوّاتِ درعِ الفرات، وهو ما أكّدهُ تصريحٌ لأحدِ قياداتِ قوّات سورية الديمقراطيّة بأنَّ لا مانعَ من رفعِ علم الجمهوريّة العربيّة السوريّة في منبج .
هذا وقد انتشرَ على مواقعِ التواصل بياناً صادراً عن أهالي منبج يطالبونَ به الجيش السوريّ بدخولِ المدينةِ وإنهاء سنواتٍ من ظلم داعش والنصرة والفصائل الانفصاليّة، ولحمايتها من القوّات التركيّة ومن معها من جماعاتٍ متطرّفة.
CNN الأمريكيّة كانت قد سرّبت جزءاً من محادثةٍ هاتفيّةٍ بين ترامب وأردوغان، قال فيها ترامب: “سورية كلّها لك.. لقد انتهينا”، وهو ما قد يراهُ أردوغان ضوءاً أمريكيّاً أخضرَ لإطلاقِ يدِ تركيا في شرقِ الفرات وفرصةٍ للقضاءِ على الجماعات الكرديّة التي يرى فيها أردوغان خَطراً قوميّاً، في حين فسّر محلّلونَ كلامَ ترامب على أنّه توريطٌ لأردوغان في سورية، وإمعان إغراق التركيّ في المستنقعِ السوريّ الذي باتَ أكثر وحولةً شرق الفرات .
الأكرادُ بين خيارين لم يكونا مطروحَين في الماضي القريب، إذ كانت تتولّى دوريّاتٌ أمريكيّةٌ حمايةَ نقاط التماسّ بين قوّات درعِ الفرات وبين الأكراد في منبج، أمّا اليوم ومع توقيع ترامب على الأمر التنفيذيّ لسحب القوّات من سورية فهي تُفكّرُ في عدوٍّ تركيٍّ حاملاً راية القضاء على الأكراد، وهم المكوّن الأساسي لأهالي مدينةِ منبج بجانبِ التركمان والعرب، وتُفكّر أيضاً بالقوّاتِ الحكوميّة التي لا ترضى بالاعتراف بأيّ كيانٍ كرديّ أو انفصاليّ أو فيدراليّ في المنطقةِ، وتبعا لذلك عودة الوضع في المدينة لِمَا قبل عام 2011 .
خياراتٌ صعبةٌ على المدينةِ وساكنيها بانتظار إعلان اتّفاقٍ رسميّ يُغيّر وضعَ المدينة سلميّاً بتسليمها للجيش السوريّ أو بدخولِها عنوةً عبر دبّابات الجيش التركيّ التي ترى نفسها وريثَ المنطقةِ بعد انسحابِ الأمريكيّ، أمّا الروسيّ فهو يرعى مفاوضات أكثر شمولاً بين الحكومةِ السوريّة وقوّات سوريّة الديمقراطيّة عُرِفَ منه حتّى الآن انتشارٌ لقوّاتِ حرس الحدود السوريّ على كامل الشريطِ الحدوديّ مع تركيا وتسليم منبج وبعض المدن الأُخرى للحكومةِ السوريّةِ لتبقى نقطة الاعتراف بقوّاتِ سورية الديمقراطيّة نقطة الفصل في هذا الاتّفاق التي ترفضه الحكومة السوريّة وتُطالب به “قسد”.
آسيا
إضافة تعليق جديد