من الجامعة والحب و«السيلفي» إلى إرهابي

05-07-2016

من الجامعة والحب و«السيلفي» إلى إرهابي

لم يعد الاعتقاد الذي كان سائداً في السابق بأن الفقر والأمية هما من الاسباب الأساسية للتطرف في أوساط الشباب وتوجههم نحو الراديكالية الدينية، وهو أمرٌ أظهره تنوع واختلاف الخلفيات الثقافية والعلمية والحياتية، التي يأتي منها الإرهابيون الذين لم تعد تقتصر نشأتهم على الدول الفقيرة وأحيائها المعدمة، ويبين أن نسبة كبيرة من هؤلاء كانوا من أصحاب الطبقة الاجتماعية الميسورة بل حتى المرفهة.
نبراس الإسلام، شاب بنغالي اقتحم مع ستة مسلحين آخرين مقهى «هولي ارتيسان بيكري» الراقي مساء الجمعة الماضي في دكا، وقتلوا 20 شخصاً معظمهم من الأجانب، وقد أظهرت التحقيقات أن الشاب العشريني ينتمي لعائلة ميسورة وكان طالباً في واحدة من أرقى الجامعات في ماليزيا.
لم تستطع التحقيقات تحديد تاريخ التحاق الشاب العشريني بالمتطرفين ولا الطريقة التي اعتُمدت لاستمالته، إلا أن متابعة حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى شهادات ممن عرفه، قادرة على إعطاء نظرة عن أسلوب الحياة المترفة التي كان يحياها قبل انتقاله إلى التطرف ثم مقتله.
يذكر أصدقاء نبراس، الطالب في جامعة «موناش» المرموقة في كوالالمبور، أن الأخير لم يظهر عليه يوماً دلائل تشير إلى تشدده، لكنه في الآونة الأخيرة بدأ يثير ريبتهم من خلال تصرفاته المستجدة.
ويوضح أحد الطلاب انه التقى نبراس في إحدى مقاهي الجامعة في كانون الثاني العام 2014، وكانت مفاجأته كبيرة عندما سمع من الأخير تحية الاسلام كاملة، وهو أمر لم يعتده سابقاً.
ويقول الطالب الذي فضل عدم الكشف عن اسمه «عادة ما تكون التحية عبارة عن كلمات عدة هي، سلام كيف حالك أيها الرجل؟ إلا أن نبراس قال الصيغة الكاملة لتحية الإسلام، لقد بدا مختلفاً»، يؤكد أنه لطالما ارتاد مصلى الجامعة، ولكنه لم يلمح نبراس يصلي فيه يوماً.
يصف طالب آخر نبراس بأنه «شاب كان يحب أخذ الصور، خاصة تلك التي يلتقطها لنفسه، حتى أن أصدقاءه كانوا يأخذون عليه ذلك الأمر ويعمدون لمضايقته لكثرة ما كان يأخذ صوراً لنفسه (سيلفي)».
البحث في وسائل التواصل الاجتماعي يؤكد الصورة النمطية التي رسمها من عايش نبراس عن طبيعة الحياة التي كان يحياها، شأنه بذلك شأن أي شاب في مثل عمره، فهو شخص متعلق بممثلي بوليوود، ويشجع نادي «ليفربول» لكرة القدم، كما أن صوره مع أصدقائه في المقاهي موجودة بكثرة.
يوضح أحد الأشخاص ممن كان على صلة بنبراس أنه كان على علاقة بإحدى الفتيات، وقد أنهى علاقته معها في تغريدة على موقع «تويتر» جاء فيها: «أنتِ لا تحتاجين إليّ بعد الآن، كوني سعيدة معه. أنت تعرفين أين تجدينني».
وفي صفحة مخصصة لطلاب جامعة «موناش» على موقع «فايسبوك»، تظهر اعترافات إحدى معجبات نبراس وهي تحاول التقرب منه، وتكتب في اعترافها: «نبراس الإسلام !! أنت لطيف ولكن من الصعب جداً الامساك بك. قل لي متى أستطيع رؤيتك... ابتسامتك تجعلني سعيدة».
يُظهر حساب نبراس على موقع «تويتر» أنه يتبع 10 حسابات فقط، منها واحد يديره العضو في تنظيم «داعش» مهدي مسرور بيسواس، الذي ألقي القبض عليه في مدينة بنغالور الهندية العام الماضي. كما أنه أبدى اعجابه بتغريدة لأحد أبرز الدعاة الاسلاميين في بريطانيا أنجم شودري، وكان ينتقد فيها فرنسا وحلفاءها وقد نشرت في كانون الثاني العام 2015، بعد وقت قصير من الهجوم على مكاتب الصحيفة الفرنسية الساخرة «شارلي ايبدو». وكان نبراس كتب قبل شهرين من ذلك قائلاً: «وداعاً إلى الأبد».
يقول الباحث في «مؤسسة أبحاث المراقبين» في نيودلهي جويتا بهاتاتشارجي: «سابقاً كان المهاجمون الراديكاليون يأتون من البيئة الأكثر فقراً وممن تلقوا تعليمهم في المدارس الدينية، أما اليوم تغير الأمر وباتوا يأتون من خلفيات غنية وليبرالية». وهو ما ذهب إليه وزير الداخلية أسد الزمان خان، في معرض تعليقه على الهجوم الوحشي الذي نفذه نبراس والمسلحون حين قال إن «المهاجمين كانوا من بنغلادش وهم من العائلات الغنية وممن لديهم خلفية تعليمية جيدة».
وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن المهاجمين «قسموا الرهائن الذين احتجزوهم في المطعم بحسب جنسياتهم، ثم طلبوا منهم قراءة آيات من القرآن الكريم، مَن تمكن من التلاوة تم تحييده ولم يصب بأذى، أما من لم يتمكن فجرى قطع حنجرته». ويوضح المتحدث باسم الجيش البنغالي العميد اشفق نعيم تشودري أن «معظم الضحايا تم قتلهم بوحشية باستخدام أسلحة حادة (ذبحاً)»، فيما تظهر لقطات مصورة من مبنى مجاور للمطعم أحد المهاجمين وهو يحمل نصلاً طويلاً داخل المطعم.


 («السفير»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...