من أفغانستان حتى مصر : فتاوى الأصنام
اثارت فتوى دينية بإدانة عرض التماثيل غضب النخب الفكرية والليبراليين الذين يخشون تعرض التراث الفرعوني لاعتداءات من قبل المتشددين الاسلاميين. فقد اصدر مفتي الديار المصرية علي جمعة مصر فتوى تحرم عرض التماثيل.والمفتي اعلى مرجعية دينية في مصر.
كما ينظر الاسلام بحذر لكل ما له علاقة بتمثيل شكل الانسان. كما ان الاسلام يستهجن كل ما يشير الى الوثنية من قريب او بعيد.
والتماثيل في مصر قديمة قدم الحضارة الفرعونية حيث هناك الالاف من التماثيل في المتاحف والمعابد عدا عن الاعمال الفنية الحديثة المنتشرة في الميادين والساحات العامة في كبريات المدن المصرية.
واثارت الفتوى ردود فعل غاضبة حيث يقول منتقدو الفتوى ان مجرد اثارة هذا الموضوع امر مستغرب تماما.
ويبدو ان المصريين يسعون هذه الايام بشكل متزايد للحصول على فتاوي دينية لكل مناحي حياتهم.
تحتل الفتاوي مساحات اكبر في الصحف والانترنيت والقنوات الفضائية في مصر ومن اهم مواقع الانترنيت التي تقدم الفتاوي والناجح بشكل لافت هو موقع اسلام اونلاين الذي يقدم رؤوية اسلامية شاملة للعالم وتحتل الفتاوي ركنا اساسيا من هذا الموقع.
ويقول سيد محمد امين احد محرري الموقع "لدينا قسم اسمه (اسأل عالما") حيث فيه العديد من الفتاوي حول العديد من القضايا تتراوح ما بين الجراحة باليزر لتصحيح النظر الى كذبة ابريل/نيسان".
يشهد المجتمع المصري مايشبه انفجارا في الطلب على الفتاوي وهذا الامر هو الذي حدا بالمفتي باصدار الفتوى الخاصة بالتماثيل بعد ان استفسر عدد من المواطنين منه عن راي الدين بالتماثيل.
يقول محمد سيد سعيد من مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ان هذا الامر يشير الى تنامي التوجه الديني في المجتمع المصري.ويضيف"ان النموذج الاوروبي في التطور الذي سلكته مصر في القرن التاسع عشر والعشرين قد تلاشى مع صعود الدين".
ويقول "هناك عودة كبيرة للماضي البعيد وهذا الامر يزيد من اتساع الفجوة في المجتمع المصري بين االثقافة الدينية والثقافة العلمانية".
أن الحياة العصرية تحمل العديد من المعضلات الجديدة للمسلمين وبالتالي هم بحاجة للارشاد االديني لمواجهة هذه المعضلات وقد ساعدت التكنولوجيا الحديثة في وصول الفتاوي الى اعداد هائلة من الجمهور.
ويقول سيد امين ان "انتشار وسائل الاتصال المختلفة مثل الانترنيت قد شجع المواطن العادي على الاستفسار عن مختلف جوانب الدين".
ان تنامي قوة الاخوان المسلمين كقوة سياسية وحيدة على الساحة المصرية يصبح امرا غير مستغربا في جو مشحون دينيا ورغم ان الاخوان غير معترف بهم قانونيا فان الحركة تحتل خمس عدد مقاعد البرلمان المصري وبالتالي تقدمت الى حد كبير على بقية احزاب المعارضة المصرية.
ويقول عدد من المحللين ان صعود الاخوان المسلمين السياسي لا يعود فقط الى تنامي التدين في المجتمع المصري بل هناك عوامل اخرى ساهمت في هذا الصعود مثل القمع السياسي والاداء الاقتصادي السيء للحكومات المصرية المتعاقبة والشعور العام بعدم الارتياح من العلاقة الوثيقة مع الولايات المتحدة.
ويضيف هؤلاء المحللون ان القيود الشديدة المفروضة على النشاط السياسي في مصر خلال السنوات الخمسين الماضية قد جعل المساجد والجمعيات الخيرية ذات التوجه الديني الوحيدة الفاعلة على الساحة المصرية ومكنها من الوصول الى الشريحة الدنيا الواسعة من السكان والتي تنمو في اوساطهم معارضة للحكم.
ويعلق محمد سيد سعيد على هذا الوضع" ان مستقبل مصر لن تحدده العوامل الدينية او الثقافية. لكن استمرار التدهور الاقتصادي والسياسي سوف يمهد الطريق امام انتشار الاسلام السياسي كعقيدة مسيطرة."
ويقول انه لا تزال هناك فرصة لتجنب احتمال سيطرة الاسلاميين اذا تمكنا من تحقيق اداء اقتصادي افضل وهذا الامر له علاقة بالحريات السياسية و المدنية.
لكن بغض النظر عما يحدث على الساحة السياسية في مصر هناك امر جلي وهو ان الدين سيبقى القاسم المشترك الاساسي في مختلف نواحي حياة المصريين في المدى المنظور على الاقل.
المصدر : وكالات
إضافة تعليق جديد