مصر: حملة أمنية تستهدف 17 منظمة غير حكومية
شن النظام العسكري في مصر، أمس، حملة واسعة استهدفت مقرات منظمات غير حكومية مصرية وأجنبية متهمة بتلقي وإنفاق أموال «بشكل غير مشروع»، ما دفع المدافعين عن حقوق الإنسان إلى إدانة «حملة ترهيب» لم يكن يجرؤ حتى نظام حسني مبارك على القيام بها.
وتأتي هذه التحقيقات على خلفية اتهامات وجهها المجلس العسكري الحاكم في مصر أكثر من مرة خلال الأشهر الستة الأخيرة إلى أطراف لم يكشفها بتدبير مؤامرات لإثارة الفتن في البلاد و«إسقاط الدولة».
وأعلن قضاة التحقيق في ما يعرف باسم قضية التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية أن «فريقا من محققي النيابة العامة قام بعملية تفتيش لـ17 مقراً لفروع منظمات المجتمع المدني المصرية والأجنبية تنفيذا لأمر تفتيش صادر من قضاة التحقيق المنتدبين من وزير العدل في شأن قضية التمويل الأجنبي المخالف للقانون للمنظمات الأهلية، وما يرتبط بها من جرائم أخرى».
وأوضح قضاة التحقيق أنهم أصدروا أمر تفتيش هذه المقرات «بناء على ما توافر بالتحقيقات من دلائل جدية على قيامها بممارسة أنشطة مخالفة للقوانين المصرية ذات الصلة وثبوت عدم حصول أي منها على أية تراخيص أو موافقات من وزارة الخارجية المصرية ووزارة التضامن الاجتماعي على فتح فروع لها في مصر، وما يرتبط بذلك من جرائم أخرى بالمخالفة لقانون العقوبات وقانون الجمعيات الأهلية».
وقالت مسؤولة منظمة «هيومن رايتس ووتش» في مصر هبة مريف إنه جرى تفتيش مقر «المعهد الديموقراطي الأميركي»، ومقر «المعهد الجمهوري الدولي»، وهما منظمتان أميركيتان غير حكوميتين تعملان في مجال دعم الديموقراطية.
وذكرت موظفة في المعهد الديمقراطي الوطني أن «قوات أمن قالت إنها من النيابة العامة اقتحمت مكاتبنا... إنهم يأخذون أوراقنا وأجهزة الكومبيوتر المحمولة الخاصة بنا أيضا».
وتعد المنظمتان الأميركيتان مقربتين من الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري في الولايات المتحدة.
وأكد مدير «المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة» ناصر أمين أن «قوات من الشرطة والصاعقة قامت بتفتيش مركزه مصحوبة باثنين من أعضاء النيابة العامة بناء على طلب قاضي التحقيق»، فيما قال مدير «مرصد الموازنة العامة» حلمي الراوي انه «تم توقيف الباحث في المرصد علي احمد بعد مصادرة أجهزة المركز وغلقه».
وادانت منظمات حقوقية مصرية على الفور حملة التفتيش التي أمر بها قضاة التحقيق. ونددت «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» بما اعتبرته «حملة أمنية ضد منظمات المجتمع المدني تستهدف ترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان»، مشيرة إلى أن «نظام مبارك لم يكن ليجرؤ على القيام بمثل هذه الممارسات قبل إسقاطه».
بدورها، أعربت «المنظمة المصرية لحقوق الإنسان» عن «إدانتها الشديدة للهجمة الشرسة على منظمات المجتمع المدني التي تهدف إلى إسكات منظمات المجتمع المدني ومنعها من القيام بدورها في الدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها».
وكتب المرشح المحتمل للرئاسة المصرية محمد البرادعي على حسابه على موقع «تويتر» إن «منظمات حقوق الانسان هي إيقونة الحرية، الجميع سيراقب عن كثب أية محاولات غير شرعية لتشويهها».
في هذا الوقت، أكد رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوي، خلال لقائه مع قادة وضباط القوات المسلحة في الجيش الثاني الميداني، على «الولاء الكامل لشعب مصر وأرضها»، مشدداً على أن «كرامة المواطن المصري فوق كل اعتبار».
وأشار طنطاوي إلى «حرص القوات المسلحة على إقامة العملية الديموقراطية واستكمال المراحل المتبقية من انتخابات مجلسي الشعب والشورى»، لافتاً إلى أن «هدف المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يعمل على تحقيقه هو تسليم السلطة إلى سلطة مدنية منتخبة بعد انتخاب رئيس الجمهورية طبقا للجدول الزمني في 30 حزيران العام 2012 من أجل بناء دولة مدنية ديمقراطية حرة».
ودعا طنطاوي «كافة فئات الشعب المصري والقوى السياسية والشباب إلى وضع مصالح الوطن العليا فوق أي اعتبار حتى تتمكن مصر من عبور تلك المرحلة الحرجة من تاريخها وتحقيق أهداف ثورة 25 يناير»، لافتاً إلى أن «مصر قادرة على تخطي جميع المشاكل والصعوبات الاقتصادية»، وأن مصر «لديها من الإمكانات ما يمكنها من الانطلاق بقوة نحو الأمام».
واعتبر طنطاوي أن «القوات المسلحة ستظل تعمل من اجل مصر وشعبها برغم محاولات البعض للتجريح والتشويه والترويج للمعلومات المغلوطة والشائعات المغرضة للنيل من رصيد الثقة بين الشعب وقواته المسلحة وإعاقة الاستقرار لبناء الدولة المصرية واستكمال مسيرة الديموقراطية».
إلى ذلك، قضت محكمة جنايات القاهرة ببراءة الضباط المتهمين في قضية قتل المتظاهرين في حي السيدة زينب وهم النقيب شادي محمد عبد الحميد، والنقيب إيهاب عبد المنعم الصعيدي، ومعاون المباحث عمر حمدي الخراط، والعقيد هشام لطفي محمد، وأمين الشرطة محمد شعبان متولي أمين الشرطة من التهم الموجهة إليهم، وهي قتل خمسة متظاهرين والشروع في قتل ستة آخرين يومي 28 و29 كانون الأول الماضي.
وعرضت المحكمة في الجلسة السابقة خمسة تسجيلات فيديو للأحداث استغرق عرضها نصف ساعة احتوت على مشاهد لمقتل شابين أمام قسم شرطة السيدة زينب، منهما طارق مجدي الذي ظل والده يبكى ويصرخ. وأظهرت المقاطع ضباط القسم أثناء قيامهم بإطلاق الرصاص من أعلى سطح القسم، ويظهر في التسجيلات المتهم الأول وهو يمسك ببندقية آلية ويطلق منها أعيرة نارية وأظهر فيديو آخر الأحداث من الناحية المقابلة للقسم.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد