مصر: ثغرة دستورية تعيد حزب مبارك إلى الواجهة والعصـيان مسـتمر في بـورسـعيد

20-02-2013

مصر: ثغرة دستورية تعيد حزب مبارك إلى الواجهة والعصـيان مسـتمر في بـورسـعيد

يبدو المشهد السياسي في مصر حاليا معقدا وغريبا، فجماعة «الإخوان المسلمين» تعاني من أزمة شديدة مع السلفيين قد تطيح بأي تقارب بين الطرفين اللذين يشكلان أكبر قوة تصويتية بحسب نتائج آخر انتخابات... «جبهة الإنقاذ الوطني»، الوعاء الأكبر للمعارضة المدنية، تواجه بدايات انقسام داخلي بين أطرافها لدرجة تواتر فيها الحديث وبقوة عن انسحاب المرشح الرئاسي حمدين صباحي منها... ووسط ذلك كله، سقطة قانونية في الدستور الذي صاغه الإسلاميون، تمنح نواب «الحزب الوطني» إمكانية الترشح مجدداً في الانتخابات المقبلة، ليبدو وكأن رجالات النظام السابق الذي قامت ضده «ثورة 25 يناير» وحدهم الأكثر استقرارا سياسيا واستعدادا للعودة إلى الصورة من جديد.
وعقدت «جبهة الإنقاذ» بالأمس اجتماعا مغلقا، لمناقشة نتائج اللقاء المفاجئ بين رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي ورئيس «حزب الحرية والعدالة» سعد الكتاني.جدارية ساخرة تظهر حواراً بين مبارك ومرسي في ميدان التحرير في القاهرة أمس (أ ب)
وشهد اجتماع «الجبهة» حضوراً لكافة قياداتها، وغياب نادر لحمدين صباحي، وهو غياب أثار كثيرا من علامات الاستفهام، خصوصاً أن «التيار الشعبي» الذي يتزعمه صباحي قد تململ من موقف «الجبهة»، وعدم حسمها قرار خوض الانتخابات البرلمانية من عدمه. وخرجت تسريبات من داخل التيار الشعبي تتحدث عن ممارسة ضغوط على صباحي - الذي جمع نحو 4.2 ملايين صوت في الانتخابات الرئاسية - للانسحاب من «الجبهة»، والالتحام التام مع الشارع ومطالبه، بعيداً عن أي تعقيدات سياسية.
لكن عضو مجلس الأمناء في «التيار الشعبي» عزازي علي عزازي نفى، في حديث إلى «السفير»، جملة وتفصيلا أن يكون التيار قد انسحب من «جبهة الإنقاذ»، مدللا على ذلك بحضوره شخصياً الاجتماع، ومرجعا غياب صباحي لـ«أسباب خاصة» لم يوضحها.
وبالرغم من أن اجتماع «جبهة الإنقاذ» انتهى بإصدار بيان أكد فيه المجتمعون تمسكهم بالمطالب السابقة (إقالة النائب العام، وتشكيل لجنة لتعديل الدستور، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني)، وتمسكهم أيضاً بعدم إجراء الانتخابات إلا بعد تحقيق المطالب السابقة، وترسيخ ضمانات انتخابات نزيهة ومراقبة شعبية ودولية، وتحميل رئيس الجمهورية وجماعته مسؤولية التدهور الذي يلحق بالبلاد اقتصاديا واجتماعيا - وهو ما يعني ضمنا استمرار مقاطعة أي حوار مع الرئاسة إلا انه شهد خلافات بين قيادات «الجبهة» حول خوض الانتخابات البرلمانية من عدمه في ظل عدم تحقيق أي من المطالب.
وبحسب مصادر داخل «جبهة الإنقاذ» تحدثت إلى «السفير»، فإن الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى يتزعم حالياً الفريق الذي يطالب بالاستعداد لخوض الانتخابات التي يمكن فتح باب الترشح فيها في أي وقت، ويقف معه في هذا الفريق رئيس «حزب الوفد» السيد البدوي، بينما لا يبدو البرادعي متحمسا لذلك، ويميل إلى مقاطعة الانتخابات طالما أن المطالب لم تتحقق، في الوقت الذي دعا فيه النائب السابق عمرو حمزاوي إلى منح نظام «الإخوان» بعض الوقت لعله يتحرك تحت الضغوط الواقعة عليه من كل الأطراف لينفذ المطالب، قبل الحسم والإقرار بمقاطعة الانتخابات.
في هذا الوقت، استمر التلاسن اللفظي بين «الإخوان» والسلفيين، عقب إقالة الرئاسة أحد المستشارين المنتمين إلى «حزب النور» على خلفية اتهامات تطوله باستغلال النفوذ.
المثير بالأمس، كان الكشف عن خطأ وقع فيه «الإخوان» عبر صياغة نص في الدستور يقضي بمنع كل عضو من أعضاء الحزب الوطني المنحل من الترشح لمدة عشر سنوات بشرط أن يكون عضواً في مجلس الشعب أو الشورى في الفصلين التشريعيين السابقين على قيام الثورة (دورتا 2005 و2010).
وقد شكل هذا التدبير طوق النجاة لنواب الوطني أنفسهم، بعدما فسرت المحكمة الدستورية ذلك النص بظاهره، الذي يعني أن يكون النائب عضوا في مجلس الشعب عن «الحزب الوطني» لدورتين متتاليتين، وليس في إحدى الدورتين كما أراد «الإخوان»، وفشلوا في صياغة ذلك خلال تعجلهم في الانتهاء من الدستور، الأمر الذي يفتح الباب أمام أي عضو «وطني» سابق في برلمان 2005، أو برلمان 2010 للترشح مجددا، طالما أنه لم يجمع العضوية في الدورتين.
وفي هذا الإطار، اعتبر محمود نفادي، المتحدث الإعلامي باسم «تحالف نواب الشعب» الذي يضم نواباً سابقين من «الحزب الوطني»، اعتبر أن قرار المحكمة الدستورية ينصف «الشرفاء» من أعضاء الحكم الحاكم سابقاً.
وكشف نفادي لـ«السفير» عن أن التحالف الذي يضم نحو 217 من نواب «الحزب الوطني» السابقين يعتزمون تشكيل حزب سياسي جديد تحت اسم «الشارع المصري»، موضحا أن الحزب الجديد يضم من أطلق عليهم نواب الخدمات الذين تربطهم علاقات جيدة مع أهالي دوائرهم الانتخابية، ولم يكن أي منهم من مشاهير الحزب الوطني، أو ممن عمل وزيرا أو تولى منصباً في عهد النظام السابق.
وتضم الأسماء التي كشف عن بعضها نفادي وهو صحافي بالأساس- رجال أعمال في الدلتا والصعيد، ولم يكونوا في مناصب بارزة بالفعل، لكنهم كانوا على صلة مباشرة وعلاقة قوية مع قيادات «الحزب الوطني» المنحل، الذي كانت تدخل عوامل كثيرة في كيفية اختياره لمرشحيه في الانتخابات، وأبرزها قدرة المرشحين على توفير الدعم المالي للحزب، ورضاؤهم التام عن صعود جمال مبارك لوراثة منصب والده، وتلبيتهم مطالب أحمد عز الرجل، أحد أبرز رجال السنوات الأخيرة من حكم مبارك، والذي يقضي الآن عقوبته في السجن على خلفية قضايا تتعلق بفساد مالي.
لكن رجال الحزب الحاكم السابق، لا يبدو فقط أنهم يتطلعون إلى الانتخابات البرلمانية فحسب، بل مهتمون أيضا بذلك التوتر القائم بين «الإخوان» والجيش، وينتظرون نتيجته.
«نحن نتصور أن الأمور ستعود على ما كانت عليه يوم 28 كانون الثاني العام 2011»، يقول المتحدث باسم التحالف، في إشارة إلى اليوم المعروف باسم «يوم الغضب»، والذي كان مفصليا في مسيرة الثورة.
وعندما سألته «السفير» عما يقصد بذلك، هل الفوضى الأمنية أم نزول وحدات الجيش إلى الشارع وانخراطه في العمل السياسي، رد قائلا «نزول الجيش»، مضيفاً «معلوماتنا أن هناك خلافات عميقة بين الجيش والرئاسة بسبب تمسك الجيش بإغلاق الأنفاق بين مصر وغزة، بالرغم من أن تعليمات الرئاسة ترفض ذلك.. والمعلومات تقول أن الخلافات هذه هي سبب خروج شائعة إقالة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع من منصبه».
وكشف المتحدث عن نية التحالف تنظيم مليونية قريبا لدعم الجيش في قرارات الحفاظ على الأمن القومي.
وفي الوقت الذي يبدو فيه أن كل الأطراف السياسية متحفزة، وأن الكل ينتظر الخطأ الذي يقع فيه منافسه، تصاعدت حدة العصيان المدني في مدينة بورسعيد، وخرجت تظاهرات حاشدة أمس في المدينة المطلة على قناة السويس، وشارك فيها الآلاف من أهل المدينة يطالبون بإسقاط نظام «الإخوان» وإقالة وزير الداخلية، ردا على المذبحة التي وقعت على مدار أيام في المدينة أول هذا الشهر، وراح ضحيتها نحو 40 من المواطنين في مصادمات عنيفة مع الشرطة عقب صدور الحكم في ما عرف بمذبحة استاد بورسعيد.
وبرغم استمرار العمل داخل الميناء، فإن الترسانة البحرية توقفت تماما، وأغلقت أيضا المنطقة الاستثمارية، بالإضافة إلى مئات المصانع والمحلات ، وسجلت نسبة الحضور في المدارس 10 في المئة فقط من الطلاب.
وجاء التصعيد بعدما أصدر الرئيس مرسي قرارا بتقديم مشروع قانون لمجلس الشورى بإعادة تشغيل المنطقة الحرة في بورسعيد، وتخصيص 400 مليون جنيه سنوياً من عوائد قناة السويس لتنمية محافظات القناة الثلاث، وهي القرارات التي اعتبرها أهل بورسعيد إهانة لهم كونها تتجاهل المطالب الرئيسية التي يرفعونها منذ أيام.

محمد هشام عبيه

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...