مصر: المتظاهرون يصرون على مطالبهم ومرسي يدق الماء
في وقت تتأزم فيه الأوضاع السياسية في مصر وتنحو منحى جديدا يتمثل في الصراع الداخلي الذي تجلى مؤخرا بالاشتباكات التي أسفرت عن وقوع ضحايا وإصابات طرأ تطور بارز على مسار الأزمة تمثل بدخول الجيش والقوات المسلحة على الخط عبر إصدار البيان الأول له منذ اندلاع أزمة الاعلان الدستوري الأمر الذي يوحي بأن الأمور تتجه إلى خيار تدخل القوات المسلحة وقيامها بدور أمني وفقا لمحللين سياسيين.
وتراجع الرئيس المصري محمد مرسي عن الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 21 تشرين الثاني من العام الحالي وأصدر إعلانا دستوريا جديدا حصن ما ترتب على الإعلان السابق من آثار وألغى المواد التي تحصن قرارته من الطعن بها أمام القضاء وأبقى على موعد الاستفتاء على مشروع الدستور في 15 الجاري.
وأعاد الإعلان الدستوري الجديد التأكيد على أن الإعلانات الدستورية بما فيها الإعلان الجديد لا تقبل الطعن عليها أمام أي جهة قضائية وتنقضي الدعاوى المرفوعة بهذا الشأن أمام جميع المحاكم.
ونص الإعلان على أنه وفي حال عدم موافقة الناخبين على مشروع الدستور فإن على رئيس الجمهورية الدعوة إلى انتخاب جمعية تأسيسية جديدة مكونة من مئة عضو انتخابا مباشرا خلال مدة أقصاها ثلاثة أشهر على أن تنجز أعمالها خلال فترة لا تتجاوز ستة أشهر من تاريخ انتخابها ويدعو رئيس الجمهورية الناخبين بالاستفتاء على مشروع الدستور المقدم من هذه الجمعية خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ تسليمه إلى رئيس الجمهورية وتجري عملية الفرز وإعلان نتائج أي استفتاء باللجان الفرعية علانية.
وأبقى الإعلان الجديد على المادة التي تجيز إعادة التحقيقات في جرائم قتل والشروع في قتل وإصابة المتظاهرين وجرائم الإرهاب بعد 25 كانون الثاني عام 2011 في حالة ظهور دلائل أو قرائن جديدة حتى ولو صدرت أحكام نهائية بالبراءة أو برفض الطعن على حكم البراءة.
وقال محمد سليم العوا عضو الجمعية التأسيسية والمرشح السابق للرئاسة إن المشاركين في الحوار الذي دعا إليه مرسي والبالغ عددهم 54 شخصا من مختلف القوى والتيارات والمستقلين شكلوا لجنة من ثمانية أعضاء معظمهم من القانونيين أوصت بإصدار إعلان دستوري جديد وأكدت على أن موعد الاستفتاء على مشروع الدستور هو ميعاد إلزامي وليس ميعادا تنظيميا.
وأضاف العوا إنه وفي حال الموافقة على المشروع فسيتم انتخاب برلمان جديد مكون من مجلس النواب ومجلس الشورى وفي حال رفض المشروع تتم الدعوة إلى انتخاب جمعية تأسيسية جديدة بانتخاب مباشر تضع مشروع دستور جديد.
وأوضح العوا أن المشاركين في الحوار أوصوا بانتداب قضاة تحقيق للتحقيق في أحداث العنف التي جرت في محيط مقر قصر الاتحادية واتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد كل من يثبت تورطه في أحداث العنف أو ارتكاب الجرائم أو التحريض عليها أو تمويلها أيا كان انتماوءه السياسي أو الفكري أو الحزبي.
وفي أول رد فعل على استبدال الرئيس مرسي إعلانه الدستوري بآخر حصن فيه ما ترتب على الاعلان السابق من آثار أعلن حزب 6 ابريل العضو في جبهة الانقاذ الوطني المعارضة أن قرار مرسي "مناورة سياسية الغرض منها خداع الشعب" .
ونقلت (ا ف ب) عن الحزب قوله في بيان إن "من حضر من القوى السياسية والشخصيات العامة في حوار رئاسة الجمهورية لا يمثلون بأي شكل من الأشكال الحشود الموجودة في ميادين الثورة ولا يمثلون إلا أنفسهم".
وأضاف البيان.. "يعلن الحزب كجزء من جبهة الانقاذ الوطني عن التزامه بموقف الجبهة مع استمرار التظاهر والاعتصام بالميادين لوقف الاستفتاء على دستور الاخوان".
وكانت جبهة الانقاذ الوطني دعت إلى استمرار الاحتشاد السلمي ضد الاعلان الدستوري والاستفتاء على الدستور ملوحة بالاضراب العام.
وكانت جبهة الإنقاذ الوطني المصرية المعارضة دعت مساء أمس المصريين إلى التظاهر والاحتشاد السلمي ضد قرار الإعلان الدستوري والاستفتاء المزمع على الدستور ملوحة بالإضراب العام في البلاد حتى إسقاط هذا الاعلان.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن الجبهة قولها في بيان تلاه محمد أبو الغار رئيس الحزب المصري الديمقراطي خلال مؤتمر صحفي اليوم "إنها تدعو شباب مصر للاحتشاد السلمي والاعتصام في جميع ميادين مصر حتى تتحقق المطالب" مضيفة إن كل الشواهد والحشود الجماهيرية تؤكد خلال الأيام الماضية أن إرادة الشعب المصري تتجه إلى الإضراب العام.
وأضافت الجبهة" إنها دعت ومازالت تدعو إلى حوار وطني واسع على أسس ديمقراطية وثورية هي إلغاء الإعلان غير الدستوري الصادر في 22 تشرين الثاني وتأجيل الاستفتاء على دستور باطل صادر من جمعية مشكوك في شرعيتها لكن الرئيس مرسي أبى إلا أن يجهض هذا الحوار بالتحايل عليه والالتفاف حول هذه المطالب مصمماً على الانحياز إلى جماعته على حساب الإجماع الشعبي".
وأكدت الجبهة "أن مطالبها هي إسقاط الإعلان غير الدستوري باعتباره باطلا من أساسه وفاقدا للشرعية ورفض إجراء استفتاء على دستور يصادر حرية الشعب ويفتقد إلى أبسط ضمانات حقوق الشعب المصري بكل فئاته".
وشددت الجبهة على أن الحوار الجاد والموضوعي الذي دعت إليه له استحقاقات ولا يمكن لعاقل أن يقبل الحوار على "أسنة الرماح" لافتا إلى أن المبادرة التي تقدمت بها الجبهة مازالت قائمة ومفتوحة لا غالب فيها ولا مغلوب.
وبينما كان المتظاهرون يحتشدون حول قصر الاتحادية وينجحون باقتحام بواباته الخارجية تحت أنظار متظاهرين آخرين حافظوا على مواقعهم في ميدان التحرير أكد المتحدث العسكري باسم القوات المسلحة المصرية أن القوات المسلحة لن تسمح بالخروج عن منهج الحوار للوصول إلى توافق يحقق مصالح الوطن والمواطنين في إشارة إلى إمكانية تدخل الجيش المصري في حل أمني للأزمة السياسية في مصر.
وأضاف المتحدث العسكري في بيان له إن القوات المسلحة ملتزمة بالمحافظة على أمن وسلامة الوطن والمواطنين مشيرا إلى أنها تدرك مسؤوليتها الوطنية في المحافظة على مصالح الوطن العلياوتأمين حماية الأهداف الحيوية والمنشآت العامة ومصالح المواطنين الأبرياء.
بيان الجيش جاء حسب مراقبين ليخفف الضغط على الرئيس محمد مرسي ويرسل إشارات للمتظاهرين تجعلهم اقل تمسكا بمطالبهم ولذ لك جاءرد حركة الاخوان المسلمين سريعا ليرحب بالبيان ويصفه بأنه "حيادي" حيث خرج على الفور مسوءول كبير في الحركة ليقول "إن البيان الصادر عن القوات المسلحة والذي يحث على الحوار يعد خطوة محل ترحيب فيما يتعلق بالمساعدة في إنهاء الأزمة السياسية" مضيفا "أنه حيادي".
وأضاف عبد الخالق الشريف أن "البيان متوازن والقوات المسلحة محقة في عدم التدخل في المناورات السياسية" الأمر الذي يرى فيه مختصون بالشان الدبلوماسي رسالة جوابية من الإخوان للجيش الذي نجح مرسي بالتخلص من قياداته واحالتهم إلى التقاعد واستبدالهم بموالين له.
وكانت صحيفة الأهرام المصرية كشفت في وقت سابق اليوم أن الرئيس مرسى الذى يواجه مظاهرات شعبية احتجاجا على إعلانه الدستوري وتحديده موعد استفتاء على مسودة الدستور الجديد سيطلب قريبا الى القوات المسلحة بالقيام بدور امنى بالاشتراك مع الشرطة.
وكان بعض المتظاهرين في ميدان التحرير قاموا بإغلاق مجمع التحرير الحكومي صباح اليوم أمام المواطنين احتجاجا على الاعتصامات الموجودة بمحيط المحكمة الدستورية العليا.
وقام المتظاهرون بنصب الأسلاك الشائكة على مداخل المجمع لمنع العاملين والمواطنين من الدخول وهو ما أدى الى حدوث بعض المناوشات البسيطة بين الجانبين موءكدين أنه لن يتم فتح المجمع بشكل كامل الا عقب فض الاعتصام المحيط بالمحكمة الدستورية.
كما استمر المتظاهرون والمعتصمون بتشديد الإجراءات الأمنية على كل المداخل المؤدية الى الميدان حيث انتشر العشرات من رجال اللجان الشعبية على جميع مداخل الميدان.
وفي محيط قصر الاتحادية ساد الهدوء في أعقاب مظاهرات حاشدة شهدها محيط القصر طوال يوم الجمعة احتجاجا على الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في 21 الشهر الماضي والاستفتاء على الدستور.
وتزايدت أعداد خيام المعتصمين الذين أعلنوا الاعتصام بمحيط القصر عقب انتهاء المظاهرات الليلة قبل الماضية في الوقت الذي أكد فيه المعتصمون عدم فض اعتصامهم الا عقب إسقاط الإعلان الدستوري وإلغاء الاستفتاء على الدستور.
وفي هذه الأثناء بدات الأزمة المصرية تاخذ بعدا إقليميا إذ دعا الاتحاد الافريقي إلى الحوار في مصر حول مشروع الرئيس مرسي لتنظيم استفتاء في 15 كانون الاول حول تعديل الدستور والذي أثار أزمة سياسية مع المعارضة.
وشددت رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي نكوسازانا دلاميني زوما في بيان لها من مقر الاتحاد في أديس أبابا على ضرورة فتح حوار بين جميع الأطراف المعنيين والعمل من أجل عملية توافقية لإعداد دستور.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد