مصر: القضاء يعيد «العزل السياسي» إلى ملعب «العسكر» وطنطاوي يتعهد تسليم السلطة
أعادت المحكمة الدستورية العليا في مصر كرة «العزل السياسي» لأقطاب النظام السابق إلى ملعب المجلس العسكري بعدما قضت «بعدم اختصاصها في الرقابة المسبقة على تعديلات «قانون مباشرة الحقوق السياسية» التي أقرَّت العزل السياسي، فيما تعهد رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي مجدداً بتسليم السلطة إلى المدنيين، في أعقاب تظاهرات حاشدة شهدها ميدان التحرير أول من أمس للمطالبة بتسليم السلطة وعزل فلول النظام السابق.
وعلى صعيد الحملات الانتخابية، انتقد المرشح للرئاسة عمرو موسى استغلال ميدان التحرير في الدعاية الانتخابية للمرشحين، فيما أحيا مرشَّح حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان المسلمين»، الدكتور محمد مرسي الشعار الانتخابي للجماعة: «الإسلام هو الحل»، ليصبح أكثر المرشحين تعبيراً عن التيار الإسلامي. وبدا أن مرسي أراد مغازلة العسكر بإقراره حق المجلس العسكري في إبداء رأيه في تعيين وزير الدفاع. ولم ينف اعتزامه تعيين نائب مرشد الإخوان المهندس خيرت الشاطر، الذي استُبعد من انتخابات الرئاسة، نائباً للرئيس بعد إقرار قانون العفو السياسي، واعتبر أن هذا الحديث «سابق لأوانه».
وأصدرت المحكمة الدستورية العليا أمس قراراً بعدم اختصاصها بنظر الطلب الوارد إليها من رئيس المجلس العسكري في شأن إبداء الرأي في مشروع القانون الخاص بتعديل بعض أحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية الذي أقرَّه البرلمان. وأسست المحكمة قرارها على أن نص الفقرة الخامسة من المادة 28 من الإعلان الدستوري حصر حدود الرقابة القضائية السابقة التي تباشرها المحكمة على «مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية»، ومن ثم فإن مدّ نطاقها ليشمل النصوص ذات الصلة الواردة في مشاريع قوانين أخرى، دون نصٍّ صريح في الإعلان الدستوري، يكون مجاوزاً إطار الاختصاص الدستوري للمحكمة في مجال الرقابة القضائية السابقة. ولم يشارك رئيس المحكمة المستشار فاروق سلطان ونائبه الأول المستشار ماهر البحيري في إصدار القرار لمشاركتهما في عضوية لجنة الانتخابات الرئاسية.
وستعود تعديلات قانون مباشرة الحقوق السياسية إلى المجلس العسكري لإقرارها أو رفضها. وفي حال أقرَّها قبل يوم 26 نيسان (أبريل) الجاري لن يُسمح لرئيس الوزراء السابق الفريق أحمد شفيق خوض الانتخابات، وفي حال أقرَّها بعد يوم 26 الجاري سيخوض الانتخابات على اعتبار أنه نال مركزاً قانونياً لا يطبق عليه القانون بأثر رجعي، إذ ستعلن القائمة النهائية للمرشحين في 26 الجاري.
ومن شأن عدم إقرار المجلس العسكري هذه التعديلات إحراجه أمام القوى السياسية والدخول في صراع مع البرلمان. وإن أقرت التعديلات يجوز للمتضرر منها تحريك دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري يدفع فيها بعدم دستورية التعديلات التشريعية، ويحق للقاضي إحالتها على المحكمة الدستورية التي يجوز لها دستورياً النظر فيها بعد إقرارها.
في غضون ذلك، أكد المشير طنطاوي أن القوات المسلحة أخذت على عاتقها «تسليم البلاد لنظام مدني منتخب من الشعب وصياغة دستور يرضى عنه جميع أبناء الشعب». وقال طنطاوي، على هامش حضوره المرحلة الرئيسية للمناورة «بدر 2» التي نفَّذها أمس أحد تشكيلات الجيش الثالث الميداني، إن «القوات المسلحة بخير، وهي العمود الفقري لمصر، والأيام والتاريخ ستثبت ذلك، وسيظهر للجميع الجهود التي قامت بها القوات المسلحة في المرحلة الحالية». وأضاف: «نحن نتعاون جميعاً من أجل مصر التي لم تخضع لأحد أو لمجموعة بعينها ولكن ستكون للمصريين جميعاً ووفق الإرادة الشعبية... لن نعادي الدول ولن نسمح بمعاداة أية دولة من باب العداوة فقط، ولكننا سنتصدى لمن يعادينا»، مؤكداً أن القوات المسلحة تعمل على تحديث معداتها في كل المجالات وتنويع مصادر السلاح من الشرق والغرب، في إشارة إلى عدم الاعتماد مستقبلاً على الولايات المتحدة فقط. وقال: «نعمل حالياً على تطوير منظومة الدفاع الجوي وتطوير القوات البحرية بالتعاون مع ألمانيا».
وعلى صعيد النشاط الانتخابي للمرشحين للرئاسة، قال عمرو موسى في مؤتمر انتخابي في محافظة أسوان (جنوب مصر) إن استغلال البعض لميدان التحرير في القاهرة لأهداف انتخابية ضيقة والتهجم على بعض المرشحين ظاهرة سلبية يجب متابعتها، مشيراً إلى أن فوضى الميدان أصبحت مهدداً للثورة وكرامتها. وأضاف: «يجب ألا يقع شباب الثورة الشرفاء ضحايا لمجموعات تهدف إلى الهيمنة ولا تحقق مصالح مصر ولكن مصالح ضيقة لا يتفق معها أغلبية المصريين». وحذَّر موسى من أن «اﻟﻮﻃﻦ في ﺧﻄﺮ، وﺛﻮرﺗﻪ أﻳضاً في ﺧﻄﺮ، وﻋﻠﻰ اﻟﺮﺋﻴﺲ المقبل أن ﻳﻘﻮد تحالفاً وﻃﻨﻴﺎً ﻛﺒﻴﺮاً لإﻧﻘﺎذ اﻟﻮﻃﻦ».
وقال مرشح الإخوان الدكتور محمد مرسي، في مؤتمر صحافي عقده أمس، إن «جماعة الإخوان لن تحكم مصر» في حال فوزه في الانتخابات. ورداً على سؤال عن وزير الدفاع الذي سيختاره في الحكومة الجديدة إن فاز في الانتخابات، قال مرسي إنه عندما يكلف رئيس الجمهورية مواطناً بتشكيل الحكومة، فهناك عدد من آليات التشاور والتنسيق بين المؤسسات المختلفة في الدولة لتحديد وزراء هذه الحكومة، مضيفاً: «المجلس الأعلى للقوات المسلحة هو المعني بالتشاور في اختيار وزير الدفاع، لكنه لا يفرض إرادته على الطرف الآخر، فهو سيشارك في اختيار من يتولى الوزارة». وعن إمكان تحاوره مع المسؤولين الإسرائيليين كرئيس لمصر، قال مرسي: «مصر دولة كبيرة ومهمة ولها علاقات مع الدول، واختيار المصريين للرئيس يفرض عليه أن يكون معبراً عن إرادة المصريين واحترام الدولة المصرية واحترام اتفاقات الدولة المصرية، لكن لا يمكن أن يكون رئيس مصر تابعاً». وأوضح مرسي أن «شعار الإسلام هو الحل» ينطبق على كل تفاصيل برنامجه الانتخابي و «الإصلاح يأتي بتطبيق شعار الإسلام هو الحل، البعض كان يرى أن هذا الشعار فضفاض، ولكن تمكن الحزب وجماعة الإخوان من وضع آليات لتنفيذ هذا الشعار». وأضاف: «الإسلام هو الحل لهذه الأمة ومبادئ الشريعة يجب أن تكون حاكمة للقوانين والتشريعات لتنمية الوطن». وأشار إلى أن لقاءات مرشد الإخوان الدكتور محمد بديع بعدد من رموز الدعوة السلفية لا يعني تأييدهم له. وأكد أن الحديث عن اختياره للشاطر نائباً له «مازال مبكراً وأمراً مؤجلاً»، وأنه سيحدد نائبه بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية طبقاً لإرادة المصريين.
في غضون ذلك، أكدت وزارة الخارجية حيادها التام إزاء جميع مرشحي الرئاسة، نافية «مزاعم» حول توقيع عدد من أعضاء وزارة الخارجية على بيان يطالب عمر سليمان بالترشح لرئاسة الجمهورية ومحاولة البعض الربط بين ذلك الزعم وبين قيام الوزارة بدورها في نقل استفسارات اللجنة القضائية العليا للانتخابات الرئاسية في شأن جنسية مرشحي الرئاسة وأقاربهم إلى الجهات الأجنبية المعنية. وأعلنت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسية الضوابط الخاصة بعملية الدعاية الانتخابية للمرشحين التي تبدأ اعتباراً من 30 نيسان الجاري. وحظرت اللجنة على المرشحين أثناء فترة الدعاية الانتخابية التعرض لحرمة الحياة الخاصة لأيٍّ من المرشحين وعائلتهم بأي شكل من الأشكال، وتناول ما من شأنه زعزعة ثقة المواطنين في العملية الانتخابية أو عرقلتها أو المساس بالوحدة الوطنية وأعراف المجتمع، وكذلك استخدام الشعارات الدينية.
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد