مصر: «الإخوان» حصدوا المكاسب والانشقاقات
لا يخفى على أحد في مصر أن جماعة «الإخوان المسلمين» هي القوة التي حصدت اكثر المكاسب من الثورة المصرية. وبدا قادتها وكأنهم حكومة ظل، يلتقون قادة الدول الزائرين، بعدما كانوا على قوائم الممنوعين من السفر. ويعقدون اجتماعات سرية وعلنية مع اعضاء المجلس العسكري، وهم الذين كانوا يشتكون تجاهل الحكام. ويفتتحون بشكل شبه يومي مقرات جديدة في المحافظات، وهم الذي عانوا طيلة العقود السابقة من حملات اعتقال تستهدف «اجتماعاتهم التنظيمية». ووصل نشاطهم الحالي إلى داخل الاحياء الفقيرة والمهمشة: لجان «إخوانية» للحفاظ على الأمن، وحملات لتوزيع مواد غذائية، وقوافل للكشف الطبي المجاني.
لكن نعمة الحرية التي تعيش فيها الجماعة بعد سنوات من القمع والتهميش، لن تمر من دون دفع أثمان. فبعد عاصفة من الانتقادات تعرضت لها في شأن موقفها المؤيد للتعديلات الدستورية في استفتاء آذار (مارس) الماضي، ومن ثم مدافعتها المستميتة على إجراء الانتخابات البرلمانية أولاً، ظهر أن العواصف بدأت تهب عليها من الداخل. بدأ الأمر بتحدي القيادي «الإخواني» البارز الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح قرار الجماعة بعدم المنافسة على رئاسة الجمهورية في الانتخابات المتوقعة نهاية العام، فردت بفصله. لكن المئات من كوادر الجماعة في المحافظات، اعلنوا تأييدهم له، مؤكدين تحملهم تبعات هذا الموقف.
شباب «الإخوان» أيضاً ليسوا بمنأى عن موجة الانشقاقات الناعمة، يوجهون الانتقادات إلى سياسات مكتب الإرشاد في العلن، يجتمعون مع مرشحين محتملين لرئاسة مصر بمعزل عن القيادات العليا، بدأوا في تحركات عملية نحو الانفصال. مجموعة منهم تمردت على قادتها، وأعلنوا تأسيس حزب منفصل عن الحزب الرسمي للجماعة باسم «الحرية والعدالة».
وفي مقابل هذا الحراك، يظهر أن الجماعة حريصة على عدم بث مزيد من الخوف لجهة المناوئين لـ»أسلمة الدولة»، فشددت على «مدنية الدولة»، وظلت على وصف نفسها بأنها حركة إسلامية معتدلة، تسعى إلى تطبيق نظام ديموقراطي يضمن حرية التعبير والعدالة، كما أعلنت عدم تطلعها لرئاسة البلاد، ولا لغالبية نيابية.
وبحسب نائب المرشد العام الدكتور محمود عزت أنه برغم أن الوصول إلى السلطة والتحكم في صناعة القرار، من الأساسات والأهداف الرئيسة لعمل الأحزاب «لكن نحن لا نؤمن بهذا، فنحن نعتمد مبدأ مشاركة الشعب بكل انتماءاته في صناعة القرار».
وسعى في تصريحات إلى طمأنة القوى السياسية، مؤكداً أن جماعته «لا تؤمن بالاستئثار بالسلطة، بل تسعى إلى الوصول إلى برلمان ائتلافي توافقي، لذلك اتخذنا قراراً بالمنافسة على 50 في المئة من مقاعد البرلمان، ودعونا الأحزاب والقوى السياسية إلى التوافق ونزول الانتخابات بقوائم ائتلافية تضمن تمثيل لكل القوى». ورفض ما يتردد عن أن فصل الدكتور أبو الفتوح مناورة سياسية، موضحاً أن الجماعة «اتخذت قراراً بعدم المنافسة على مقعد رئاسة الجمهورية، ومن يخالف هذا القرار يتعرض للعقاب وفق لوائحنا وقواعدنا التنظيمية». لكن عزت لم يستبعد أن تدعم جماعته مرشحاً في الانتخابات الرئاسية ذي خلفية إسلامية، موضحاً أن جماعته «تسعى إلى مرشح يحظى بقبول عام لدى الشعب المصري وتوافق بين القوى السياسية، لكنه أيضاً لا يجب أن يتعارض مع مشروعنا الإسلامي الحضاري». ويقول: «غالبية الشعب المصري سواء كانوا مسلمين أو أقباطاً يرتضون أن يكون مشروع نهضة مصر قائم على الإسلام». وشدد على أن الجماعة «متماسكة من الداخل، ولا خلافات بين قادتها وشبابها... أننا نثق بأن ما نطرحه هو مشروع يجمع الأمة، ومن يرفض برنامجنا سيتبين له صحة موقفنا في المستقبل».
محمد صلاح
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد