مرسي يتحدى معارضيه ويخاطبهم كحاكم عسكري: إن لم يصمت المعادون لأتخذنّ أقصى القوة ضدهم!
كرّس الرئيس المصري محمد مرسي، أمس، القطيعة النهائية مع معارضيه من التيار المدني، بعدما خاطبهم بصفته حاكماً عسكرياً، شاهراً سلاح القانون العسكري في وجههم، ومتوعداً إياهم بالسجن، بعدما صنّفهم ضمن إطار «فلول» النظام البائد، لا بل استخدم التهم ذاتها التي كان يوجّهها هذا النظام البائد إلى خصومه، حتى أنه ذهب أبعد من ذلك بأن استخدم في وصفهم كلمة «المعادون»، رافضاً تقديم أي تنازل سياسي يهدئ غضب الشارع.
ومن المتوقع أن يؤجج خطاب مرسي الغضب المتصاعد في صفوف المصريين، وهو ما تبدّى ليل أمس في التظاهرات العفوية التي خرجت، سواء باتجاه ميدان التحرير في القاهرة، حيث رفع المحتجون الأحذية والبطاقة الحمراء في وجه الرئيس «الإخواني»، أو في الاسكندرية حيث اندلعت مواجهات عنيفة بين مناصري «الإخوان» ومعارضيهم، وسبقتها مواجهة أشدّ عنفاً شهدتها مدينة المنصورة بعد ظهر أمس، حيث قتل شخص على الأقل، بحسب مصادر طبية، وأصيب العشرات بجروح مختلفة.
واستبق الجيش المصري، صباح امس، خطاب مرسي وردود الفعل عليه في الشارع، بتنفيذ خطة انتشار واسعة النطاق لحماية المنشآت الحيوية في البلاد، فيما كان لافتاً الشعار الذي حملته المدرعات العسكرية، وهو «قوات حماية الشعب»، الذي رأى فيه البعض رسالة جديدة من الجيش باحتمال التدخل، بعد التحذير الشديد اللهجة الذي وجّهه وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي للقوى السياسية – بدا موجهاً إلى «الإخوان» بشكل خاص – من أن الجيش لن يبقى صامتاً أمام جنوح البلاد نحو الفوضى.
وفي خطاب مطوّل ألقاه لمناسبة الذكرى الأولى لتسلمه الحكم، وبثت وقائعه مباشرة على الهواء من قاعة المؤتمرات في مدينة نصر، شنّ مرسي هجوماً عنيفاً على معارضيه، موجّهاً رسائل، لم تخلُ من التهديد والوعيد إلى المعارضة و«فلول» النظام السابق، والإعلام، والقضاء... الخ.
واستهلّ مرسي خطابه، الذي قوطع مرّات عدة بالتصفيق والهتاف من قبل أنصاره، بالتحذير من أن مصر تواجه تحديات كبيرة، مشيراً إلى أن «الاستقطاب والتطاحن السياسي يهدّد تجربتنا السياسية». وأضاف «في العام الأول وقفت أمام تحدّيات، أصبت أحياناً وأخطأت أحياناً أخرى بعد تسلّمي السلطة... لكننا قادرون على التغلب على التحديات، ويجب علينا أن نبحث عن الإيجابيات ونبني عليها، والسلبيات ونتغلب عليها».
وقال مرسي إنه يتفهم اختلاف المعارضة معه، لكنه يرفض مشاركتها في «الانقضاض على الثورة». واعتبر أن عدم الاستقرار يأتي بسبب دعوات التخريب التي تؤثر على الاستثمار، مشيراً إلى أن «البورصة خسرت 50 ملياراً بسبب الشائعات والتخريب». وتابع محذراً: «إن لم يصمت المعادون للثورة، الذين أصبحوا ثواراً، لأتخذنّ أقصى القوة ضدهم».
واتهم مرشح الرئاسة السابق أحمد شفيق بالعمل على قلب نظام الحكم في مصر وطالبه بالمثول أمام المحكمة، مضيفاً، بلهجة الاستهزاء، إن رجال الحزب الوطني المنحل «تحوّلوا اليوم إلى ثوار». وخصّ بالذكر صفوت الشريف وفتحي سرور وزكريا عزمي وآخرين. وفيما قال مرسي إن رجال الأعمال في مصر فيهم شرفاء، وجه اتهاماً لرجلي الأعمال محمد الأمين وأحمد بهجت بأنهما يقومان بتسليط قنواتهما ضد الثورة والرئاسة.
وأكد مرسي أن نسبة كبيرة من أزمة الوقود مفتعلة من قبل شبكة من الفساد، وما يحدث الآن محاولة لإظهار ارتباك الوطن. وأعلن تكليف وزير الداخلية بتشكيل لجنة لمكافحة «البلطجة»، وكذلك دعوة المعارضة للحوار حول تعديلات الدستور من جميع الأحزاب والقوى السياسية، وتشكيل لجنة مصالحة وطنية، وتكليف الوزراء والمحافظين بإقالة كل المتسببين في الأزمات التي يتعرّض لها المواطنون.
ووجّه مرسي رسالة للقوات المسلحة قائلاً: «هناك من لا يريد أن تكون علاقة الرئاسة بالقوات المسلحة جيدة»، ورسالة أخرى إلى وزارة الداخلية، قائلاً: «لديكم فرصة ذهبية لتحسين صورتكم».
وأكد أن رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأن مؤسسات الدولة تعمل بانسجام تام، موجّهاً رسالة إلى المسيئين لشخصه، قائلاً: «أتوعدكم بالقانون، وأنا القائد الأعلى للقوات المسلحة والقانون العسكري فيه ما يعاقبكم».
ودعا مرسي إلى تشكيل لجنة من كل الأحزاب والقوى السياسية لاقتراح تعديلات على الدستور الذي صاغته جمعية تأسيسية غلب عليها الإسلاميون.
الرد الأول من قوى المعارضة على الخطاب، جاء على لسان زعيم «التيار الشعبي» حمدين صباحي، الذي قال في مقابلة مع الإعلامي يسري فودة على قناة «أون تي في»، إن «خطاب مرسي مملّ وليس فيه أي قرار قوي»، متوجّهاً إلى الرئيس «الإخواني» بالقول: «بيدك الآن أن ترحل وتتنحّى عن السلطة استجابة لمطالب الشعب، حتى لا تتحمّل ما لا طاقة لك به.. إرحل، يرحمك الله».
وقد يحدد خطاب مرسي الذي قوبل برفع الأحذية والبطاقات الحمراء من محتجين في ميدان التحرير مصيره السياسي. وإلى جانب التظاهرات في ميدان التحرير، اندلعت مواجهات عنيفة ليلاً بين مناصري «الإخوان» ومعارضيهم.
وفي وقت سابق، قتل شخصان وأصيب 237 في اشتباكات شوارع بين مؤيدي ومعارضي الرئيس المصري شمالي القاهرة. وبينما قالت مصادر أمنية إن شخصين قتلا في الاشتباكات في مدينة المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية، قال المتحدث باسم وزارة الصحة يحيى موسى «هناك حالة وفاة واحدة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد