متحف للجاسوسية في واشنطن

07-02-2009

متحف للجاسوسية في واشنطن

يطلق على الجاسوسية ثاني أقدم مهنة في العالم وهي لا تقل إثارة وجموحا عن الدعارة أقدم مهنة في العالم. وعلى مدى قرون يتجسس الناس على بعضهم البعض وهم مفتونون بالاثارة والخداع وتفتنهم في العصور الحديثة أحدث الاجهزة التقنية لكشف الاسرار.

وكان من الطبيعي بعد انتهاء الحرب الباردة أن تصبح قصص التجسس والاجهزة المستخمتحف التجسس الدوليدمة في التجسس أثناء تلك الحقبة التاريخية موضوعا واضحا يستحق إقامة متحف خاص به.

وقد أقيم مثل هذا المتحف صيف عام 2002 في العاصمة الامريكية واشنطن دي سي . ويجتذب متحف التجسس الدولي المخصص لتسليط الضوء على نواحي المغامرة وماضي المهنة الغامضة نحو مليون زائر سنويا. وهو يصف نفسه بأنه المتحف العام الوحيد في الولايات المتحدة المخصص للتجسس والوحيد في العالم الذي يوفر نظرة عالمية على المهنة.

ثلاث سيارات- أوستون مارتين وسيارة كومباكت وسيارة ترابانت- توفر الرمزية في المتحف الواقع على بعد نحو كيلو متر واحد من البيت الابيض وعلى بعد بضع دقائق سيرا على الأقدام من مقر مكتب التحقيقات الفيدرالي. والسيارة استون مارتين دي بي5 هي السيارة التي قادها جيمس بوند في فيلم " جولد فنجر " وبها لوحة أرقام دوارة ومدفع رشاش.

وتمثل السيارة الكومباكت واحدة من الطرق العديدة التي كان المواطنون يستخدمونها للفرار من الدول الشيوعية في الكتلة الشرقية ابان الحرب الباردة. أما السيارة الترابانت التي كانت في وقتها فخر الصناعة الالمانية فتقف في منطقة واسعة تسمي مدينة الجواسيس تصور ملامح من برلين ما بعد الحرب من خلال سقوط سور برلين. وفي المتحف ثمة بضعة أمتار تفصل ما بين رؤية هوليوود للتجسس والمآسي التي عرفتها الحياة الحقيقية.

يقول توماس بوجهارت المؤرخ والكاتب من هامبورج والذي يعمل في المتحف منذ أربع سنوات " زوارنا سينعمون بالتثقيف لكن عليهم ألا يغطوا في النوم أثناء هذه العملية. ثمة خيط رفيع بين الترفيه والتثقيف لكن أعداد الزوار الذين نجتذبهم يبدو انه يؤكد ما نفعله".

وأضاف بوجهارت أنه ما من شك أن المجموعة التي يضمها المتحف تاريخية كما أن المتحف يعمل كمعهد بحثي وقال " ولكننا نستضيف أيضا مجموعات مدرسية نريد أن نتدارس معها جزءا بسيطا من التاريخ دون أن نصيبهم بالضجر ".

وهكذا يمكن وصف المتحف بأنه ذو طابع أمريكي للغاية في أسلوبه . فالزوار يمكنهم دائما لمس المعروضات وتجريبها ويتم تشجيعهم باستمرار على المشاركة. وثمة لافتة كبيرة عند المدخل تطلب من الضيوف أن ينظروا حولهم بحثا عن شيء مريب. ومن بين المواد المرئية ما يسمى " النقاط الميتة" وهي أماكن خفية يستطيع فيها العملاء ترك وثائق. كما أن هناك أصيص زرع على النافذة وسجائر على المنضدة. فهل هذه الأشياء تومئ إلى أن ثمة معلومات جديدة على وشك التسليم؟.

وفي منتصف المتحف يوجد حصان طروادة - وهو على حد قول بوجهارت " عمل فني من ثاني أقدم مهنة في التاريخ". ثم هناك خطاب من ماتا هاري وهي الراقصة الفاتنة في زمن الحرب العالمية الأولى والتي أعدمت في فرنسا بتهمة التجسس يعرض إلى جوار حمامة زاجلة ذات كاميرا وصباع شفاه احمر يستخدم كمسدس أيضا وفئران ميتة استخدمت أجسادها لإخفاء مخطوطات أفلام.

كما يتعلم الزائرون أيضا ميزة المكاتب الزجاجية كمكان لإخفاء أسلاك الاتصال. كذلك يتعرفون على كيفية تخلص الجواسيس من الأعداء باستخدام مظلات شمسية مسممة وصناديق للسجائر بها متفجرات وحقائب جلدية ذات مقابض بها شحنة كهربائية عالية.

والمعارض تغطي أعمال التجسس الألمانية عن كثب ولاسيما التي نفذت إبان الحرب العالمية الثانية أو نفذتها وكالة التجسس الألمانية بعد الحرب. ولكنها تركز بقدر اكبر على أعمال جهاز امن الدولة في ألمانيا الشرقية السابقة " شتازي" الذي دخل التاريخ لما تمتع به من كفاءة وحسم .

كما يغطي المتحف الأحداث الأخيرة فتحت صورة قمر اصطناعي لجزيرة هينان الصينية ثمة لافتة تتحدى الزوار أن يعثروا على واحدة من طائرات الاستطلاع وصائد صيني. الصائد يمكن اكتشافه بسرعة من خلال عدسة مكبرة موجودة في المتحف لكن الطائرة التي أثارت حادثا دوليا عندما قامت بهبوط اضطراري على الجزيرة عام 2001 يصعب التعرف عليها.

والاكثر صعوبة اكتشاف معسكرات التدريب التابعة لاسامة بن لادن في صور الاقمار الاصطناعية للصحراء الباكستانية لكن بشئ من المساعدة يمكن العثور عليها أيضا. وفي مكان ليس ببعيد يضع الزوار سماعات على آذانهم للتمييز بين الاشارات الصادرة من غواصة وتلك الصادرة من حوت. وبعد الاستماع لفترة طويلة يستطيع صبي في الثانية عشرة أن يميز بينهما.

يقول بوجهارت " لقد كنت متشككا أيضا حيال هذا الجانب المرح في المتحف. أما بالنسبة لرسوم الدخول فانك لابد أن تقدم للجمهور شيئا". رسم الدخول هو 18 دولار للبالغين و 15 دولارا للأطفال وهو مبلغ كبير لاسيما عند مقارنته بالمتاحف العديدة التي تزخر بها العاصمة الأمريكية المفتوحة للجمهور مجانا.

يعمل بمتحف التجسس الدولي نحو 120 موظفا يخدمون الزوار ويتولون العناية بالمعروضات. تقول اماندا ابريل المتحدثة باسم المتحف إن كل شئ تقريبا اصلي. وفي حين أن السلطات الامريكية أفرجت عن مواد تاريخية فقط فان المتحف تلقى كثيرا من الاشياء المثيرة من بلدان شرق أوروبا على حد قولها.

ولان الهدف كان عرض هذه الاشياء علنا فقد تم اقتناؤها واستيرادها جميعا بشكل قانوني. لكن المتحف لم يستبعد بالكلية العمل من خلال القنوات السرية لعالم التجسس لاقتناء عدد من الاشياء لمهمة.

ويقول بوجهارت ان العلاقة بين المتحف ووكالات التجسس جيدة. وأضاف قائلا " لقد كانوا متشككين في البداية لكن تبين لهم بعد ذلك أننا نتعامل مع موضوع التجسس بجدية".
عمل مدير التحف بيتر ارنست مع وكالة المخابرات المركزية الامريكية " سي آي إيه" على مدى 35 عاما وكان مستشار المتحف أوليج كالوجين جنرالا بارزا في المخابرات الروسية" كي جي بي" إبان الحرب الباردة.

ويؤكد بوجهارت " إننا نبذل جهودا لعرض الحقائق مجردة وليس للتمييز بين الخير والشر . ومع ذلك فان كالوجين - وهو الان مواطن أمريكي- لا يحظى بالترحيب في روسيا. ولانه واحد من منتقدي رئيس الوزراء فلاديمير بوتين فقد تم تهديده بالمحاكمة في حالة محاولته العودة.

المصدر: العرب أون لاين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...