مارلين مونرو في الثمانينات
يصادف هذا الصيف بلوغ مارلين مونرو، لو عاشت حتى اليوم، سنّ الثمانين. أوريول برينس، من الفريق الفني لجريدة «إندبندنت» حققت رسماً تخيلياً لوجه قنبلة الإثارة التي ماتت في ظروف لا تزال موضع أخذ وردّ في الثاني من شهر آب (أغسطس) عام 1962 تاركة وراءها أسطورة تزداد تألقاً وعجباً مع مرور السنين.
ولدت نورما جين مورتنسون في بداية صيف 1926 في ولاية كاليفورنيا الموصوفة بالشمس الساطعة والأمل، وعرفت في حياتها القصيرة مجموعة أزواج وعشاق على قدر متفاوت من الأهمية، لعل أشهرهم الكاتب المسرحي الكبير آرثر ميللر، وأقلّهم شأناً وكيل أعمالها الأول جوني هايد، لكنها لم تنجب أطفالاً ولم تعيّن وريثاً ولم تترك وصية بل جيّرت ممتلكاتها الى لي ستراسبرغ الذي حاول، من خلال إدارته «استوديو الممثل»، ان يحسّن ثقافتها الدرامية قدر الإمكان. بعد وفاته ورثت التركة أرملته آنا التي ما انفكّت تدافع عن «صورة» امرأة لم تعرفها في حياتها بالواقع.
كان المخرج الشهير إيليا كازان أول عشاقها البارزين، ويقول كازان عن ثقافتها الضئيلة: «كل شيء بالنسبة إليها إما أبيض أو أسود، إما بلا معنى بالمرّة أو شخصياً. لم تكن مهتمة بالموضوعية أو المفاهيم العامة بل مأخوذة كلياً بتجربة حياتها الشخصية». وكعاشقة يقول كازان:، «كانت في داخلها قنبلة، أشعل الفتيل ودعها تنفجر». إلا أن كازان الذي اكتشف جيمس دين ومارلون براندو لم يصوّر فيلماً واحداً من بطولة مارلين مونرو.
صدرت كتب عدة عن حياة مارلين مونرو وموتها وعلاقاتها وافلامها، أهمها كتاب نورمن ميلر «مارلين»، ورواية جويس كارول أوتس «شقراء» التي تحتوي أدق التفاصيل النسوية ناهيك بالغوص الى العمق السيكولوجي والرؤية الانثوية المميزة.
هكذا تصف أوتس بطلتها الشقراء في مطلع ثلاثينات القرن الماضي، مراهقة تحلم مستقبلها في صالة سينما صغيرة: «في الصالة المعتمة! تلك أحلى أوقاتها. لم تكن مستوحدة فيما كانت أمها تعمل، بل جلست تشاهد فيلمين متتاليين وتحفظ حواراتهما عن ظهر قلب كي تروي الحكاية بطولها لأمها في المساء، وكانت الأم تسمع مندهشة قصة الأمير الأسمر والأميرة الشقراء. في الصالة لم تكن تجلس قرب الرجال. وفي تلك الظهيرة جلست قرب سيدتين متوسطتي العمر عارفة انها ستكون آمنة وسعيدة! مع ان الفيلم انتهى بموت الأميرة الشقراء، شعرها الذهبي مطروحاً على الوسادة والأمير الأسمر حزين قربها، وحين أضيئت الصالة كانت السيدتان تبكيان ووجه الأميرة كان آخذاً بالتلاشي عن الشاشة، ولم يبق في الفضاء سوى هسيس يشبه خفق أجنحة العصافير الصغيرة».
انه الحلم الذي يرسم حياة وموت الأميرة الشقراء، لكن أي موت؟ نورمن ميلر يرفض النظرية القائلة ان آل كينيدي قتلوا مارلين مونرو، ربما بواسطة «سي آي إي»، بعدما أصبحت ثقلاً فضائحياً عليهم: «لا شيء في الأدلة يشير الى ذلك، في المقابل لدينا الأدلة على عدم استقرارها والاحتمال الكبير انها تناولت جرعة زائدة من المهدئات وأن الأطباء جهدوا ساعات طويلة لإخراج محتويات معدتها. بالطبع ثمة شك انهم أخفوا التحاليل لاحقاً. لكن التوقف طويلاً عند احتمال القتل يصرف نظرنا عن ألم موتها. لقد ماتت مارلين. احتملت كل معاناتها حتى النهاية، ولعلها أيضاً اختارت أن تحتمل موتها».
ما من نجمة سينمائية في التاريخ المعاصر تحوّلت الى رمز وأسطورة مثل مارلين لا بسبب روعة أدائها على الشاشة، بل بسبب جاذبيتها التي لا تقاوم حتى وهي في الثمانين!
جاد الحاج
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد