ما أسباب تزايد ظاهرة الفضائيات الدينية في العراق؟
من الأمور التي انتشرت في الآونة الأخيرة حالة تكاد تكون ضمن نطاق ضيق، لكنها بدأت مع الوقت التحول سريعا إلى ظاهرة بارزة للعيان، شكلت علامة استفهام كبيرة تمثلت بتناسل الفضائيات الدينية المنتشرة على تضاريس الفضاء العربي، هذا إذا تكلمنا على قمر بعينه واقصد هنا «نايل سات» على اعتبارنا من رواده، اما إذا حاولنا تبديل خيار «الريمونت كنترول» لمتابعة الأقمار الاخرى، فالنتيجة قد تكون مشابهة او تنذر بتزايد ينافس ما ذكرنا مستقبلاً.
ثمة من يتساءل: لماذا «التزويم» المتكرر والمبالغ فيه أحياناً على الفضائيات الدينية حصراً، او التي تنتهج أسلوباً قريباً من ذلك في طرح رسالتها؟ الا ينبغي التركيز أيضاً على الفضائيات الراقصة وفضائيات الفيديو كليب والافلام والمسلسلات التركية والعربية، التي بدأت تغزونا، فلماذا: نغض عين النقد او التسامح مع روتانا ومشتقاتها، ويكبر ويتسع الحديث عن قنوات دينية فقط؟
بين هاتين الضفتين الفضائيتين مساحة واسعة من المواد الدينية والترفيهية التي توجه إلى متلق لم يصل بعد إلى عقلية السوبر قارئ، يستطيع قراءة ما وراء السطور لتشخيص مادة الرسالة، لكن السؤال الأهم لماذا تنشر هذه الفضائيات أساسا؟ الا يدل ذلك على وجود طبقة عريضة من الناس تستهلك هذه البضاعة، دون سؤال عن مصدرها؟ والايديولوجية التي تقف وراءها؟
لكن بالمقابل يطرح سؤال آخر نفسه ماذا يفعل رجال الدين في الفضاء أليس مكانهم الأرض؟ ويتساءل احدهم لماذا كل هذه الفضائيات التي لا مبرر لها هل يريدون تعليم الناس على الله ام ان هناك نوايا اخرى؟ ومن اين تأتي الاموال التي تتيح لرجل دين ان يفتح فضائية تكلف ملايين الدولارات؟ اسئلة يراها البعض مشروعة وضرورية، ويرها آخرون أمراً مبالغا فيه ولا يتحمل هذه الضجة التي تنشر ضده من هنا وهناك، فمن حق الجميع أخذ مساحته الفضائية لطرح ما يعتقد في عصر اصبحت للصورة نصيب واضح.
لماذا تناسلت الفضائيات الدينية في العالم العربي، سؤال طرحته بعض الفضائيات الاخبارية والثقافية، وعملت من اجله حلقات ونقاشات، خرجت بعضها بمنطلقات جوهرية، واخرى تبريرية، وثالثة لا ترى في الأمر ضير، بل تجده موضوعا طبيعيا يجب حصوله من زمن، كي ننقذ ما تبقى في المجتمع من قيم زائفة تؤدي إلى إفساد الأخلاق وتفتيت البناء الاجتماعي والثقافي الذي ساعدت الفضائيات اللادينية على انتشار مثل هذا السلوك المنحرف، تداعيات هذا الملف وما يحيط به من جدل ثقافي وديني واجتماعي، نفتحه لنرصد التعاطي معه عبر وجهات نظر مختلفة.
نتاج نهضة إسلامية ولكن...
يعتقد الكاتب والشاعر أبو مصطفى العراقي:
ان من الأسباب التي ادت إلى تزايد الفضائيات الدينية نتاج نهضة إسلامية أتت أكلها على فتات انهيار انظمة دكتاتورية شمولية، كما حصل في العراق حصراً فظهرت خنادق طائفية ومذهبية، وبروز صراع كان خافيا، حيث كان كل طرف يشعر بشعور ما، فطرف يشعر بالغبن، وأخر يشعر بأحقية السلطة، وكلامها يبتغيان الوصول إلى السلطة في النهاية، وإذا لم يتحقق هذا الأمر برزت هذه القنوات لتحقيق حضور ووجود ظناً منهم بأحقيتهم في الوصول على طريقة كل يدعي وصل بليلى.
ولكن هذه المرة ليس ما يطرح في الفضائيات فكراً نهضوياً على مسيرة الحركة الإسلامية التي كانت تحلم بالوصول إلى أهدافها، عبر قنوات نخبوية تارة، وشعبية تارة اخرى، ولكن العقلية المتلقية من المسلمين اصبحت تحتاج إلى خطاب آخر يلبي احتياجاتهم الروحية والمادية بشكل آخر نظراً للتطور الحاصل في جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فما عاد الخطاب الذي تطرحه هذه المؤسسات الاعلامية، كافيا للنهوض ومسايرة تلك النظم المتطورة، والمتصفح لهذا الخطاب يجد انه لم يتجاوز الفقهي التعبوي في ضوء ايدلوجيات انطلقت من فترات كان الفرد يعيش عقلية ساذجة في التلقي.
ويضيف بما يخص الوعي الذي تشكله هذه الفضائيات:
أما اليوم فهي ـ أي الفضائيات ـ تشكل وعياً سلبياً لانها اصبحت مادة تستهلك وجود الفرد أكثر من تحفيزة وإثارة عقله وروحه وتلبي مطالبه الوطنية تحت خيمة المواطنة، وهي ليست شعارات او كلمات نظرية ما لم يتشكل الوعي بحيث يصبح جزءاً من بنية الفرد المسلم.
التغير السياسي، والعمل خارج منهج الاستقلال والحياد والمهنية
يرى الممثل والمخرج د. علي الشيباني ان من الأسباب التي أدت الى اتساع ظاهرة الفضائيات الدينية هو:
الانفتاح الاعلامي وتعددية وسائل الاعلام التي كانت نتيجة وثمرة رياح التغيير السياسي التي عصفت بها إرادات خارجية وداخلية، فولدت لنا أجواء ديموقراطية لا تزال تشق طريقها بصعوبة وتعثر وسط الصراعات والتداعيات والأجندة المختلفة التي تحرّك العملية السياسية في العراق وتؤثر بها تأثيراً مفصلياً.
وقد بقيت هذه الفضائيات رغم كثرتها تمثل جانبا أحادياً في صناعة الوعي الديني باتجاه المتلقي، وهو الوعي المستند إلى الرؤى والأفكار والاستراتيجيات التي يريدها اصحاب الفضائيات الدينية ويعملون على تغذيتها لذهن الجمهور.
أما بما يتعلق بالشق الثاني من السؤال وتحديداً الوعي الذي تصنعه هذه الفضائيات فهو والكلام للشيباني:
وعي سلبي لانه يمثل نظرة قاصرة ومبتورة للدين، او يتخذ من الدين غطاء لتمرير توجهات معينة وأهداف مقصودة، في حين ان الدين الحقيقي هو قانون ومفهوم اجتماعي وحضاري وأخلاقي وإنساني وهو بذلك بناء للحياة والقيم النبيلة وصناعة للسلام الكوني وإشاعة المحبة الالهية وتحقيق العدل الاجتماعي والكرامة، لا البكاء على الأطلال والعنف والصراع وتغليب المصالح والطبقات على المجتمع، هذا على الصعيد الفكري.
ومن وجهة نظره فناناً له حضوره يضيف بما يخص الجانب الفني:
معظم هذه الفضائيات ان لم تكن جميعها تفتقر إلى المهنية الصحيحة في العمل الإعلامي الفضائي، وتقدم أساساً على مبدأ خاطئ هو المحسوبية والمنسوبية والولاء في التعيين والعمل دون الاعتماد على الكفاءة والخبرة والمهارات الإبداعية التي تصنع الوعي الايجابي وتطوره، صحيح ان هذه الفضائيات تمتلك اجهزة ومعدات عالية التقنية ولكنها تفتقر إلى الملاك والخبرات والكفاءات العلمية والفنية المدربة والمؤهلة لقيادة هذه المؤسسات فنياً ومهنياً.
أضف إلى ذلك ان هذه القنوات الدينية لا تعمل في الاطار منهج الاستقلال والحياد الحر، وانما هي محطات لايصال رسائل دينية او سياسية او فكرية موجهة بالإطار والمنهج والاطار الذي يريده اصحابها وممولها، فالتمويل يلعب دوراً كبيراً في جعل هذه القنوات موجهة بيد صاحب المال. وهذا بحد ذاته يساهم في تشكيل الوعي السلبي.
وخلص إلى القول:
إن هذه الفضائيات الدينية لم تستطع مواكبة روح العصر وروح المجتمع والحضارة والثقافة والوعي الجمعي والإبداعي، إلا بجزء جد محدود وضيق ينسجم مع توجهاتها ويتلاءم مع طبيعة النهج الذي يتبنه القائمون عليها، ولذلك هي بعيدة عن الواقع الاجتماعي العام إلا بحدود المساحة المرسومة التي تتحرك فيها، وهذا يشكل قصوراً في الرسالة الاعلامية المطلوبة لبناء مجتمع مدني وحضاري.
لا تلبي أي ضرورة فكرية، بل العكس يعتقد الشاعر العراقي نوفل الصافي ان هذه الظاهرة او كما يسميها بالفضائيات «السيادينية»:
لم تبرز إلى الوجود لحاجة الثقافة إليها او بسبب دعوة ملحة من العقل المفكر، فهي لا تلبي اية ضرورة فكرية ولا تساهم في دعم وتفعيل الحراك الثقافي المجتمعي ان لم يكن العكس.
ويواصل حديثه حول الجانب المهني والمذهبي فيقول:
فهي ـ أي الفضائيات ـ بائسة من الجانب المهني وضيقة الأفق من الجانب الفكري واحادية الطرح الذي يقتصر أحياناً على طائفة او مذهب ولا اقول ديناً، وما وجودها إلا لتوفر الدعم المالي والقاعدة الحزبية او المذهبية التي تصب في الاتجاه السياسي المنغلق، واستطيع ان اسميها الفضائيات «السيادينية» التي تأزم في كثير من الأحيان الوضع القائم الذي يحتاج إلى الحلول التي لا توفرها هذه القنوات ولكنها تقف في اغلب ساعات بثها في وضع المعرقلات أمام أبواب الخروج والإفلات من الأزمات.
تكرس الروح الطائفية وتأجيج الخلافات والصراعات وإيقاظ روح الفتنة
يضيف أمير نجم (طالب دراسات عليا) فيقول:
اعتقد ان الفضائيات الدينية التي انتشرت في الآونة الأخيرة وخاصة بعد (9/4/2003) بالنسبة إلينا شكلت موضوعاً غير مسبوق قبل هذا التاريخ، فقد كانت في العراق قناة تلفزيونية واحدة او اثنتين تدار حسبما تشتهي السلطة، او بالاحرى كنا نشهد مركزية البث الفضائي آنذاك.
ويواصل:
نعم، الأمر يدعو إلى الوقوف إزاءه، فقد شهدت هذه الفضائيات تزايداً ملحوظاً، إذا أخذنا بعين الاعتبار انقسام هذه الفضائيات إلى مذهبية، أي تختص كل فضائية بمذهب معين وتبدأ ببث موادها على مساحة معينة ومحددة من الناس، وهذا ما يكرس الروح الطائفية وتأجيج الخلافات والصراعات وإيقاظ روح الفتنة بين ابناء الوطن الواحد، وكان من المفترض بها ان تركز على العوامل المشتركة بين الشعوب وتحاول ان تصنع فضاء واحداً يقاسمه الجميع، وبث الوحدة والمحبة بينهم.
ويستدرك:
لكن، السؤال الذي يلح باستمرار، لماذا تركز أغلب هذه الفضائيات، حتى لا نقول ـ الجميع ونخرج من دائرة الاستثناء ـ في رسالتها نقاط الخلاف وتأكيدها، وإذا كانت وجودها كما تقول: من اجل صنع وعي إسلامي مضاد للوعي الغربي، فلماذا تحاول شق الصف الإسلامي؟ الا ينسجم هذا مع أهداف الغرب كما تدعي هي في رسالتها؟
ثم هناك سؤال آخر يطرح نفسه، وكما يعلم الجميع فإن الفضائيات الدينية تحتاج إلى إمكانات مادية وبشرية ضخمة وما إلى ذلك؟ فمن اين تأتي هذه الفضائيات بتلك الأموال ومن يمولها؟ وخاصة اننا نعرف بأنها لا تعمل على إدخال الإعلانات التجارية في بثها كما يحدث في الفضائيات الاخرى ومنها الغنائية وقنوات الأفلام والإخبارية؟ وإذا افترضنا بأنها أخذت مبالغاً من جهة معينة، هل يعني بأنها تنفذ ما يراد منها ولو بنسبة معينة؟ فأين الرسالة بعد ذلك؟
ويردف نجم:
أما بما يخص صياغة الوعي الديني، اعتقد بأن بعضها يساهم بشكل بسيط جداً في صنع وعي ديني وشعبي وخاصة ما شهدنا في العراق من تحوّل بعضها من متشددة في طبيعة خطابها، إلى اكثر انفتاحاً من ذي قبل، لكن كم من هذه الفضائيات حاولت عبور خندقها الطائفي، اعتقد بأنها تعد على أطراف الأصابع، تأسيس الوعي لا يحتاج إلى اعلام فقط، بل يتطلب استدعاء منظومة من الأفكار التي تؤسس لصناعة إنسان يعي ما يتطلبه الموقف واللحظة، وخاصة بعد تشهده المنطقة من حراك وتبدل لثوبها السياسي في اكثر من بلد عربي.
ما حدث في العراق في 9/4/2003
يرجع الصحافي العراقي سعد محسن الأسباب التي ادت إلى تناسل الفضائيات إلى:
طبيعته إلى ما حصل في العراق في 9/4/2003، ذلك التأريخ الذي لعب دوراً كبيراً في المنطقة العربية، فقد برزت في الساحة الاعلامية العراقية فضائيات متعددة ومتنوعة في الوقت نفسه، وبالتالي هذا يعكس التركيبة السكانية والمذهبية في البلد، بمعنى كل طائفة اصبحت لها قنواتها الخاصة التي تنطق باسمها، ولو تقدمنا اكثر لرأينا ان لكل شخصية سياسية فضائية خاصة، وهذا ما يتضح في الأوقات التي تسبق الانتخابات البرلمانية مثلا، والأمر لا يقتصر على العراق فحسب، بل نجد ذلك أيضاً في لبنان مثلا على نحو مماثل، واغلب البلدان التي تقترب في طبيعة مجتمعها من هذين البلدين، غير متناسين اضافة إلى ما ذكرنا ما أفرزه التطور الحاصل في المعلومات من فضائيات وانترنت، ما يعني ان الفرد اصبح قادراً على التعبير عن نفسه بمجرد امتلاكه مساحة فضائية، دون حاجته كما كان سابقا إلى عوامل مساعدة في طرح رسالته إلى الآخرين، وهذا الأمر مفيد من جانب وضار من جوانب اخرى.
ويضيف محسن بما يخص الوعي الذي تفرزه هذه القنوات:
أما من جانب صياغة الوعي الديني والثقافي، فلا اعتقد بأنها قادرة على ذلك، لأسباب تتعلق بأصل نشأتها وطبيعة وجودها، اذ تقف اغلبها حتى لا اقول الكل على أرضية مشتركة: مذهبية وحزبية وفئوية معينة، فكيف نطلب منها صناعة وعي ديني وثقافي، يحث الناس على ثقافة المواطنة والسلام، والأفكار الخلاقة التي ترفع مستوى وعي الفرد كي يتجاوز طائفته وحزبيته ليتحول إلى مظلة وطنية، بعض هذه الفضائيات بدأت تدرك جيداً بأن الحل لا يكمن في تفخيخ الفرد وتهيئته ليكون منسجما مع ما تريد، فأخذت بتحديث رسالتها الاعلامية والتأسيس على المشترك، وان كان هذا الادراك متأخراً بعض الشيء، ولكن السؤال الجوهري كم عدد الفضائيات التي من الممكن ان تغادر خطابها المذهبي إلى الهوية الوطنية؟ الأمر صعب بسبب ارتباطها برؤوس أموال تفرض عليها ما تريد، ما يفقدها مهنيتها، وبالتالي فقدان ثقة المتلقي، الذي على ما اعتقد ان «فلتر» الوعي الشعبي بدأ يميز ويفرز المائدة التي تقدم.
حاجة الناس لهذا الخطاب
محمد حسين (كاتب وصحافي)
من المنطلقات التي ادت إلى تزايد الفضائيات الدينية في العراق خصوصاً، وفي العالم العربي عموما، حاجة الناس لخطاب وتوجيه، يمثل ما يعتقدون ويطمحون من أفكار. فمن قبل كانت الأنظمة هي التي تدير عملية إرسال المعلومات وبث أفكارها إلى الناس ما خلق نوعا لدى المتلقي بضرورة تغيير هذا الخطاب، لذا، بدأ في البحث عن شيء أخر يكون خاصا به، خطوة اولى في دخوله إلى فضاء الصورة ما يسمح له اختيار مساحة ذائقته التي يحب، دون ضغط من سلطة عليا تراقبه وتفرض عليه ما تريده. أما اذا نظرنا إلى تزايد هذه الفضائيات، فلا شك ان الأمر اصبح ملحوظا في الآونة الأخيرة، ليكوّن ظاهرة بارزة، لا حالة عابرة يمكن تجاوزها، او الحديث عنا على طريق عابرون في كلام عابر، لا بل يجب رصدها، ومراقبة الجذور التي انبثقت منها وما هي الأسباب التي استدعتها في ظروف معينة.
ويتابع القول:
الغريب في هذه الظاهرة بدأت تؤسس إلى حالة من الفرز الاجتماعي والثقافي، على اساس طائفي واثني بين مكونات المجتمع في أكثر من دولة عربيـــة، وهذا يشكل ـ بطبيعة الحال ـ خطراً، وجرس إنذار اولي فـــي زرع الفرقة بين الناس، ويمكن ملاحظة هذا الفرز عبر ما تبثه هذه الفضائيات على مدار اليوم، حتى يصل فيـــها الأمر إلى الاختلاف في تغطيتها للقضية الواحدة، ما يعني ارتباطها بأجندة خارجية، تحاول استجداء الرضا في ممارستها التي تبتعد عن المهنية، والحياد في نقل المعلـومة إلى خليط ثقافي متنوع.
أما صناعة الوعي الديني والثقافي:
لا اعتقد من وجهة نظري التعويل على هذه الفضائيات في صياغة وعي ديني وثقافي، يربط الفرد بتراثه وحاضره، ليكتشف نقاط القوة والضعف في مواجهة تحديات كبيرة تنتظره، والسبب يرجع إلى ان هذه الفضائيات مرتبطة بمشروع ربحي تجاري تحاول تنفيذه بشتى الطرق والوسائل، إذ ينتظر القائمون عليها (أشخاص ورؤوس أموال) جني الربح وكسب المال والشهرة عبر الاعلام ومن ضمنها الفضائيات التي نقصد، فمتى يكون التركيز على الثقافة وصناعة الوعي، اعتقد ان هذا الخيار يأتي في ذل القائمة ان لم اقل شطب من القائمة اصلا، ولا يشمل الأمر كما ما موجود في فضائنا العربي، بل هناك مساحات فضائية تستمتع بمشاهدتها، تقدم أشياء جميلة ومفيدة للمتلقي، يمكن تسميتها بفضائيات العائلة العربية، ولكن هذه المواصفات تنحسر في اغلب مل نملكه من فضائيات، وهذا شيء محزن، ومقلق في الوقت نفسه.
من الممكن ان تحرز هذه الفضائيات تقدما في إلغاء المسافة التي بدأت تظهر بينها وبين المتلقي الذي بدأ بحزم حقائب ذائقته للبحث عن فضاء مناسب، إذا فكرت بجدية وعمق في تحديث خطابها بما يتلاءم وقيم التسامح والمواطنة والانفتاح الايجابي الواعي على عالم متنوع من الأفكار واحتواء مشاكل الإنسان وقضاياه الملحة والمصيرية بكل معاناتها وهمومها وتفاصيلها، ثم ربطها بالجانب الروحي والديني والعقائدي لتكون رسالة متكاملة الجوانب.
عدنان الهلالي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد