لماذا يغيب الأميركيون العرب عن الإعلام في الولايات المتحدة؟
يبلغ عدد الأميركيين من أصل عربي ما بين حوالى ثلاثة ملايين ونصف المليون وخمسة ملايين شخص، وفقاً لأرقام «المعهد العربي الأميركي». لكن قلة منهم يعملون في مؤسسات الإعلام الأميركي «السائد»، أقلّه على نحو مستمر وبدوام كامل.
عدد هؤلاء غير معروف، لقلّة الدراسات المتخصصة بشأنهم، لكن «الاتحاد الوطني للصحافيين العرب الأميركيين» يضم نحو 250 عضواً، نصفهم يعملون في مؤسسات إعلامية وإخبارية عربية في الولايات المتحدة، على الرغم من أن وجود العرب مركّز في «أسواق إعلامية» بارزة في الولايات المتحدة مثل ساوث كارولاينا، وديترويت، وشيكاغو، وواشنطن العاصمة ونيويورك.
لا علّة في كفاءات العرب الأميركيين، كما خلصت دراسة أجرتها «جامعة كولومبيا للصحافة»، لا بل وجدت، في مسح أجرته في العام الماضي، أن «الصحافيين العرب الأميركيين، عموماً، يتمتعون بمستويات عالية من الكفاءة المهنية، ولديهم ثقة في قدراتهم الصحافية، وفي قدرتهم على التأثير في الرأي العام». وبما أنهم كذلك، فلماذا هم غائبون عن الإعلام السائد؟
يقرّ الأستاذ في الجامعة الأميركية في القاهرة المتخصص في شؤون الإعلام جاستن مارتن بأن العلة تعود الى «تمييز ضد العرب»، رغم أن «وجود إعلامي (مراسل أو صحافي) يتقن اللغة العربية يعد أساسياً في وسائل الإعلام السائدة». كما أن العلة تعود جزئياً أيضاً إلى «التمييز ضد المسلمين» رغم أن غالبية العرب الأميركيين مسيحيون لا مسلمون.
لكن ما يقف عائقاً «حقيقياً» بين العرب ووسائل الإعلام السائدة، بنظر مارتن، عائد إلى ما «تقدّمه الصحافة في الدول العربية».
ويوضّح الأستاذ الجامعي أن غالبية العرب في أميركا يتحدّرون من أصول مصرية وفلسطينية ولبنانية وعراقية، والعديد منهم هاجروا إلى الولايات المتحدة «هرباً من الحرب أو العنف أو القمع. وتاريخياً، لم تكن الصحافة في العالم العربي سوى مجال يعمل تحت مشيئة الأوتوقراطيين ومتعتهم». ناهيك عن أن «العامة غالباً ما يوجهون أبناءهم نحو المهن «الكليشيه»، أي الطب والهندسة وما إلى هنالك». ولتوضيح كلامه، يذكّر مارتن بحديث جرى بينه وبين أميركية من أصل مصري التقى بها في جامعة ساوث كارولاينا، وكانت تدرس اختصاصين: الطب والصحافة. عندما سألها الرجل ما إذا كانت تريد أن تصبح «مراسلة طبية»، أجابت: «حتماً لا يريد أهلي ذلك». عندما بدا على وجه الرجل الاستهجان، بادرته الشابة بالقول «هم (ذووها) عرب»، وكأنها تقول «هم يفضلون أن أكتب الوصفات الطبية، لا الأخبار».
ليس التوجيه التربوي وحده مسؤولا عن إحجام العرب عن خوض التجربة الإعلامية، فالعرب الأميركيون، دون غيرهم من الجاليات في أميركا، غير ناشطين سياسياً.
فهل العرب الأميركيون غافلون عن أهمية الإعلام؟ ليس تماماً، كما يجيب الصحافي الأميركي نيل لويس، الذي عمل طوال 20 عاماً في «نيويــورك تايمز»، إذ «من الشائع أن يتذمّر العرب من أن الإعلام الأميركي متحيّز لإسرائيل، وعليه فهم مدركون لتأثير الإعلام».
جنان جمعاوي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد