كيـف تعيـش الكائنـات فـي الجليـد؟

تخيل نفسك واقفاً في غرفة تضيق عليك جدرانها وتتحرك في كل الاتجاهات حتى تحصرك تماماً في الغرفة الى ان تموت! هذا ما يحدث مع الكائنات التي تعيش داخل الجليد في البحار والمحيطات القطبية في ظل حرارة أقل من 20 درجة مئوية تحت الصفر.
صحيح ان الدببة القطبية وطيور البطريق تمشي على سطح الجليد والأسماك والثدييات البحرية تسبح تحته، إلا ان القنوات الصغيرة في الجليد تعج بالكائنات الحية كالبكتيريا والطحالب والفطريات والديدان المسطحة.
الكثير من الكائنات الحية التي تعيش داخل الجليد تصنّع بروتينات مضادة للتجمد وتطرح هذه البروتينات إلى الوسط الجليدي. هذه البروتينات ترتبط ببلورات الثلج الناشئة وتمنعها من النمو، وتبقى بلورات الثلج صغيرة ودون أية خطورة. واكتشف الباحثون في معهد «ألفريد فيغنر» للأبحاث القطبية والبحرية في مدينة بريمرهافن شمال ألمانيا أن هذه البروتينات التي تنتجها هذه الكائنات لا تغير حجم بلورات الثلج فقط ولكن أيضاً البنية الداخلية للبلورات وبالتالي تتمكن من تغيير مسامات بلورات الجليد نفسه.
كما تقوم بعض الكائنات الحية التي تعيش داخل الجليد بحيلة أخرى، فهي تقوم بتكوين مواد هلامية مكونة من سلاسل من الجزيئات حول جسدها على شكل درعٍ يقيها من الجليد والأملاح التي حولها، تماماً مثل سترة الغطاس البلاستيكية الواقية التي تعزل جلده عن الماء. وتقول الباحثة مادالينا باير - غيرالدي: «التجاويف الصغيرة الموجودة في الجليد تكون ممتلئة بمياه البحار المالحة للغاية، وعلى الكائنات الحية التي تعيش داخل الجليد حل هذه المشكلة لان الأملاح ضارة جداً عليها بل قاتلة لها».
ولذلك تقوم خلايا الكائنات الحية بالتحايل على هذا القانون الطبيعي من أجل النجاة والبقاء على قيد الحياة من خلال إنتاجها جزيئات ملحية وحمضية كثيرة تتراكم بداخلها، وخاصة من الحمض الأميني الـ«برولين» وغيره. فيزداد التركيز الحمضي - الملحي داخل الخلية، وبالتالي تحدث عملية توازن لتركيز الأملاح تتجنب من خلاله خلية الكائن الحي تسرب الماء من داخلها إلى خارجها وبالتالي تتحاشى الموت. وعند الحاجة، تقلل الخلية من التركيز الحمضي - الملحي بداخلها وذلك بحسب التركيز الملحي خارجها.

(دويتشيه فيله)